التعليم بعيداً عن غزة ومخيماتها

05 أكتوبر 2024
طاول الدمار غالبية مدارس غزة (عمر القطاع/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التعليم في غزة تحت الحصار: للعام الثاني، يعاني قطاع غزة من تدمير المدارس وتحويلها إلى مراكز إيواء، مما يعيق التعليم ويجبر العائلات على النزوح المتكرر، حيث تجاوزت نسبة تدمير مدارس "أونروا" 70%.

- الأطفال في مواجهة الصدمات: أكثر من 600 ألف طفل يعانون من صدمات نفسية عميقة بسبب الحرب، مع حرمانهم من التعليم، مما يهدد بضياع جيل كامل ويزيد من خطر التطرف.

- مبادرات فردية للتعليم: رغم الظروف القاسية، يبذل المعلمون جهودًا فردية لإعادة الأطفال إلى أجواء الدراسة، مثل المعلمة هبة حلاوة التي تدرس في خيمة صغيرة، مما يبعث الأمل في نفوس الأطفال.

للعام الثاني على التوالي يغادر التعليم قطاع غزة ومدنه ومخيماته، حيث لم تعد هناك مدارس أو جامعات كثيرة كي يقصدها التلاميذ والطلاب، وما هو باق تحول إلى مراكز لإيواء العائلات التي تعبت من النزوح، ويومياً يأمرهم جيش الاحتلال بالمغادرة نحو مناطق أخرى، ثم مغادرة المناطق الأخرى إلى سواها.
لم تعد تحصي العائلات كم مرة أرغمت على ترك مقر إقامتها وحمل ما تستطيع من بقايا أثاث لمساعدتها على تدبير الحياة في الأماكن الجديدة التي لا علاقة لها بمصطلح "آمنة". بات الغزيون أشبه ما يكونون بالبدو الرحل الذين لا مستقر لهم. رغم ذلك تراهم يتشبثون ببقائهم وصمودهم في القطاع رغم كل الموت والجراح والجوع والعطش الذي يحيط بهم، كباراً وصغاراً.
وكما حدث في العام الدراسي الماضي، تظل المدارس الباقية في قطاع غزة مكاناً لإيواء العوائل الذين إما دمرت مساكنهم، وإما طالبهم جيش الاحتلال بمغادرة أماكن سكنهم، في سياق عمليات النزوح القسري المتكررة التي طاولت أكثر من 85% من مناطق قطاع غزة.
والسلامة غير مضمونة في المدارس التي بات العديد من ساحاتها مقابر جماعية بعد قصفها بالطيران والمدفعية الثقيلة، وتعذر نقل الجثث إلى المدافن. والحصيلة أن نسبة التدمير في مدارس "أونروا" وفق مفوضها العام فيليب لازاريني، تجاوزت 70%، بينما تقديرات الأضرار ترفع النسبة المئوية إلى 85% من العدد الإجمالي للمدارس.
يقول لازاريني: "في ظل هذا الوضع الكارثي، يعاني أكثر من 600 ألف طفل صدماتٍ نفسيةً عميقة، ويعيشون بين الأنقاض. مأساة أطفال غزة تنبع من كونهم ما زالوا محرومين من التعليم، ونصفهم كانوا يتلقون التعليم في مدارس أونروا. كلما طال أمد بقاء الأطفال خارج المدرسة، زاد خطر ضياع جيل، ما يؤدي إلى تأجيج الاستياء والتطرف".

موقف
التحديثات الحية

رغم هذه الصورة القاتمة، تنطلق مبادرات فردية من معلمين ومعلمات لمواجهة هذا الوضع الكارثي، وإبعاد الطلبة عن خسارات الحرب بإعادتهم إلى أجواء الدراسة. في خيمة صغيرة، تقف المعلّمة هبة حلاوة إلى جانب لوح خشبي، تعلّم تلاميذ الصفّين الأول والثاني الابتدائي، وتقول: "نشعر بفرح لأننا نحاول تفادي تجهيل مئات آلاف التلاميذ. أمامي نحو 30 طفلاً يحاولون تعلّم قراءة كلماتهم الأولى. نفتقر إلى الكتب المدرسية والأقلام، ورغم ذلك، فالأطفال سعداء بالمدرسة".
تنبع سعادة التلاميذ من اعتقادهم بأنهم عادوا إلى المدرسة كما كانوا قبل الحرب، بعد أن عاشوا شهوراً من الرعب والانقطاع عن الدراسة، إذ دمّرت منذ بدء الحرب 8 من كل 10 مدارس، وفق منظمة يونيسف.
ويقول المتحدث باسم "يونيسف" في الأراضي الفلسطينية، جوناثان كريكس: "هناك 325 ألف طفل في سن الدراسة لم يحضروا صفاً واحداًَ منذ 6 أشهر. علماً أن نحو نصف سكان قطاع غزة تحت سن الثامنة عشرة".
ومن المعروف أن نظام التعليم في القطاع كان يعاني صعوبات شتى، بعد 5 حروب إسرائيلية خلال العشرين عاماً الماضية، فضلاً عن الفقر والبطالة والحصار.
(باحث وأكاديمي)

المساهمون