أسبوع من التطعيم ضد شلل الأطفال: تغطية 69% من المستهدفين الصغار في غزة

08 سبتمبر 2024
من حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال في خانيونس، قطاع غزة، 5 سبتمبر 2024 (بشار طالب/ فرانس برس)
+ الخط -

قبل أسبوع، يوم الأحد الماضي في الأوّل من سبتمبر/ أيلول 2024، انطلقت الجولة الأولى من حملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة، وهي ما زالت مستمرّة وسط إقبال العائلات الفلسطينية التي لا تتردّد في تزويد أولادها باللقاح اللازم لتجنيبهم خطراً إضافياً يُضاف إلى مخاطر عديدة تهدّد الصغار كما الكبار في القطاع المنكوب وسط الحصار والحرب الإسرائيلية المتواصلة عليه منذ 11 شهراً. ولأنّ الفلسطينيين يبدون التزاماً واهتماماً بحملة التطعيم الجارية، فقد بلغت نسبة الصغار المحصنّين ضدّ شلل الأطفال من بين المستهدَفين، أي الذين هم دون عشرة أعوام والبالغ عددهم نحو 640 ألفاً، 69% بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع. 

وبعد المرحلة الأولى من الجولة الأولى من حملة التطعيم الطارئة التي نُفّذت في وسط قطاع غزة، أي في محافظة دير البلح، والتي جرت في أربعة أيام بعد تمديدها يوماً إضافياً، فإنّ المرحلة الثانية انتهت اليوم الأحد في جنوب القطاع، أي في محافظة خانيونس ومحافظة رفح. يُذكر أنّ المرحلة الثانية، بدورها، مُدّدت يوماً إضافياً. أمّا المرحلة الثالثة فمتوقَّعة بعد غدٍ الثلاثاء في شمال قطاع غزة الذي عزله الاحتلال الإسرائيلي عن المناطق الأخرى، علماً أنّه يضمّ محافظتَين كما الجنوب، هما محافظة غزة ومحافظة شمال غزة.

لكنّ شلل الأطفال ليس المرض الوحيد الذي يهدّد صغار غزة، وتؤكد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا): "في حين نحصّن الصغار ضدّ شلل الأطفال، تمضي أمراض عديدة أخرى في التفشّي بقطاع غزة". وتوضح وكالة أونروا، في تدوينة نشرتها على موقع إكس اليوم الأحد، أنّ النفايات تتكدّس أكثر فأكثر في جوار الخيام ومراكز الإيواء، في حين أنّ مياه الصرف الصحي ما زالت تفيض في الشوارع. ويترافق ذلك، بحسب الوكالة الأممية، مع إمكانية محدودة أكثر فأكثر للوصول إلى منتجات النظافة. وإذ تشدّد على أنّ ظروف النظافة المتوفّرة "غير إنسانية"، تدعو من جديد إلى "وقف فوري لإطلاق النار" لتخفيف الضرر.

443 ألف فلسطيني تلقّوا جرعة اللقاح الأولى ضدّ شلل الأطفال

وبينما تستمرّ الجولة الأولى من حملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة التي تنطلق في الشمال الثلاثاء المقبل، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أنّ 443 ألف طفل تلقّوا الجرعة الأولى من اللقاح، بحسب البيانات المتوفّرة حتى مساء أمس السيت. وقد أفاد مدير عام الرعاية الأولية في الوزارة موسى عابد وكالة الأناضول بأنّ العدد يمثّل "69% من إجمالي عدد الأطفال دون 10 أعوام" في الوسط والجنوب.

أضاف المسؤول في وزارة الصحة أنّ المرحلة الأولى من حملة التطعيم التي نُفّذت في وسط قطاع غزة، في محافظة دير البلح، "حقّقت نتائج تفوق التوقعات". وبيّن أنّ التطعيم شمل "195 ألف طفل"، مع العلم أنّ العدد المتوقّع كان يُقدَّر بـ"160 ألف طفل". وأعاد عابد الأمر إلى "زيادة عدد النازحين في وسط قطاع غزة، بسبب العمليات العسكرية البرية في المناطق الأخرى وأوامر الإخلاء الإسرائيلية الصادرة بعد تجهيز خطة تنفيذ حملة التطعيم".

وإلى جانب الأطفال المحصنّين في الوسط والبالغ عددهم 195 ألفاً، بيّن عابد أنّ الفرق الصحية تمكّنت، حتى مساء أمس السبت، من تطعيم 248 ألف طفل في محافظتَي خانيونس ورفح الجنوبيّتَين. يُذكر أنّ البيانات الخاصة باليوم الإضافي، اليوم الأحد، لم تصدر بعد. وقد لفت عابد إلى أنّ 300 ألف طفل مستهدفون في المرحلة الثانية من الجولة الأولى من حملة التطعيم الطارئة، أي تلك التي تشمل الجنوب.

تمديد التطعيم ضدّ شلل الأطفال يوماً واحداً في الجنوب

وكانت الجهات المعنية بحملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة قد مدّدت المرحلة الثانية من الجولة الأولى التي تُنفَّذ في جنوب القطاع، أي في محافظتَي خانيونس ورفح، ليوم واحد؛ الأحد في الثامن من سبتمبر/ أيلول 2024. وراحت تلك الجهات، ولا سيّما منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، تشجّع الأهالي لاصطحاب أطفالهم من أجل تزويدهم باللقاح المضاد لشلل الأطفال الذي يهدّد القطاع. فكانت منشورات في هذا الإطار تؤكّد أنّ اللقاح مجاني وآمن وأنّه ضرورة لكلّ طفل.

كذلك انطوت المنشورات على شيء من الإلحاح، ولا سيّما من خلال محاولة منظمة يونيسف وضع الأهل أمام مسؤولياتهم. فكان تشديد على أنّ "أطفالنا أمانة وحمايتهم من شلل الأطفال مسؤوليتنا"، مع دعوة جاء فيها: "حتى لو تمّ تطعيم أطفالكم سابقاً، أحضروهم إلى أقرب نقطة تطعيم للحصول على الجرعة الطارئة وحمايتهم من الفيروس".

يُذكر أنّ فيروس شلل الأطفال كان قد اكتُشف في عيّنات من مياه الصرف الصحي أُخذت من جنوب قطاع غزة (خانيونس) ووسطه (دير البلح) في يونيو/ حزيران الماضي وصدرت نتائج تحليلها في يوليو/ تموز الذي تلاه. أمّا في أغسطس/ آب المنصرم، فقد رُصدت الإصابة الأولى بالمرض الفيروسي لدى طفل رضيع يبلغ من العمر عشرة أشهر. وبالتزامن مع إعلان الإصابة الأولى، كانت الأمم المتحدة تعمل لإدخال 1.26 مليون جرعة من اللقاح المضاد لشلل الأطفال إلى القطاع المحاصر، وسط عرقلة فرضتها إسرائيل. 

دعم نفسي وترفيه يرافقان حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال

وبعد إدخال جرعات اللقاح المضاد لشلل الأطفال إلى قطاع غزة، راحت الجهات المعنيّة، ولا سيّما الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها وكذلك منظمات دولية عدّة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تطالب بوقف إنساني لإطلاق النار أو هدنة لمدّة أسبوع من أجل تنفيذ حملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة المستهدف بحرب مدمّرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. لكنّ سلطات الاحتلال لم توافق إلا على هدن محدّدة لساعات معيّنة، ووُضع على أساسها جدول الجولة الأولى من حملة التطعيم الطارئة التي تنفّذها وزارة الصحة الفلسطينية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وشركاء لها.

في سياق متصل، تعمد فرق الصحة النفسية التابعة لوكالة أونروا إلى تقديم دعم نفسي اجتماعي للفلسطينيين الصغار في خلال حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال التي تتواصل في قطاع غزة، وذلك بهدف تشجيعهم على تلقّي اللقاح. ويبدو من الضروري مرافقة أطفال غزة في هذا الاستحقاق والتخفيف عنهم، ولا سيّما أنّ ما يعيشونه منذ 11 شهراً يفوق قدرة تحمّل أيّ طفل. وقد أفادت وكالة أونروا بأنّ ما تقدّمه فرقها يشمل نشاطات ترفيهية مختلفة، بالإضافة إلى متابعة الأطفال لجهة معالجة مشاعر القلق والتوتّر التي قد تتملّكهم، الأمر الذي من شأنه المساهمة في توفير بيئة أكثر إيجابية وطمأنينة في خلال عمليات التطعيم.

تحديات في وجه عمليات التطعيم جنوبي غزة

من جهة أخرى، لفت مدير عام الرعاية الأولية في وزارة الصحة، في حديثه إلى وكالة الأناضول، إلى "تحديات" راحت تواجه التنسيق في المناطق الشرقية من جنوب قطاع غزة التي يصنّفها جيش الاحتلال الإسرائيلي "نقاطاً حمراء"، أي مناطق قتال غير آمنة. وأشار عابد إلى أنّ فرق التطعيم تمكّنت من الوصول إلى عدد من تلك المناطق وتطعيم الأطفال فيها، بعد التنسيق مع سلطات الاحتلال، لكنّ ثمّة "مناطق أخرى لم نحصل على الموافقة بعد" من أجل تنفيذ عمليات التطعيم فيها. ومن تلك المناطق بلدة خزاعة الواقعة شرقي محافظة خانيونس، التي يرفض الاحتلال وصول فرق التطعيم إليها.

ولفت عابد إلى أنّ الجهات المعنية بحملة التطعيم حصلت على موافقات إسرائيلية للوصول إلى عدد من المناطق في رفح وشرق خانيونس، "لكنّ الفترة الزمنية كانت قصيرة جداً وغير كافية لتطعيم جميع الأطفال المستهدَفين". وتابع أنّ وزارة الصحة الفلسطينية ووكالات الأمم المتحدة المعنية والجهات الشريكة الأخرى "ما زالت تنتظر الموافقة للوصول إلى سبع مناطق أخرى في شرق خانيونس ورفح، على الرغم من مرور أربعة أيام على تقديم طلب التنسيق".

وعلى الرغم من انتهاء المرحلة الأولى من الجولة الأولى من حملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال في وسط قطاع غزة يوم الأربعاء الماضي، فقد حُدّدت أربع نقاط تطعيم ثابتة فيه، وذلك من أجل تزويد الأطفال الذين فاتتهم المواعيد المحدّدة بالجرعة الأولى من اللقاح المضاد لشلل الأطفال. لكنّ أيّ نقاط تطعيم ثابتة لم تُحدَّد في جنوب غزة حتى الساعة، علماً أنّ المرحلة الثانية من الجولة الأولى من حملة التطعيم انتهت اليوم في الجنوب. يأتي ذلك في حين لم تتمكّن بعد فرق التطعيم من الوصول إلى نقاط عدّة محدّدة في إطار الحملة، الأمر الذي يحرم عدداً كبيراً من الأطفال جرعتهم الأولى.

ويبدو أنّ إسرائيل ما زالت مصرّة على المضيّ في حربها على أطفال غزة، من خلال تحكّمها بعمليات التطعيم، بعدما أخّرت كثيراً منحها "الضوء الأخضر" لإطلاق الجولة الأولى من حملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال. وها هي تمعن في عرقلة عمليات التطعيم التي تُعَدّ أولوية وسط الظروف المتدهورة، فتتحكّم بصحة صغار غزة الذين أنهكتهم الحرب، مع العلم أنّ الأمم المتحدة تحذّر من التأخّر في تزويدهم باللقاح إذ من شأن ذلك أن يزيد خطر انتشار شلل الأطفال بينهم.

المساهمون