البنية التحتية الهشة تُغرق الفلسطينيين بمياه الأمطار

19 يناير 2022
يتدفآن بما تيسر (يوسف مسعود/ Getty)
+ الخط -

في كل مرة تمنح السماء الفلسطينيين مع قدوم منخفضات جوية شديدة البرودة، المزيد من المطر والخير، يستعدون بالمقابل لمواجهات هشاشة البنية التحتية في قراهم ومدنهم ومخيماتهم والطرقات الواصلة بينها جميعاً اعتباراً من وسط الضفة الغربية وحتى شمالها وجنوبها.

وتتلخص أهم الأضرار الواقعة على المواطنين خلال المنخفضات الجوية بتجمع مياه الأمطار، وسوء تصريفها، بل وانهيار نظام الصرف الصحي وفيض المياه العادمة في الطرقات واختلاطها بمياه المطر، إضافة إلى الانهيارات المحتملة لجدران الدعم والأماكن الصخرية.
خلال المنخفضات الجوية تصبح شوارع بلدة كفر عقب شرق القدس نهراً جارياً حيث تفرض مياه الأمطار حصاراً على السيارات والأهالي، وتشل المياه التي تتجمع في الشوارع وتغرقها بارتفاع قد يصل إلى أكثر من متر في بعض المناطق، حركة الأهالي.
خلال كل منخفض يتفرج آلاف الفلسطينيين الذين يمرون يومياً من وسط الضفة الغربية إلى جنوبها وبالعكس، وكذلك القادمون من مدينة القدس ومدن الداخل إلى رام الله وقرى وبلدات القدس عبر حاجز قلنديا القريب، على غرق الطرقات خاصة منطقة الحاجز، وفيضان مياه الصرف الصحي، بصورة يستحيل معها المرور لساعات في بعض الأحيان.
يقول سائق النقل العمومي على خط قلنديا كفر عقب الرام، خالد زياد، لـ"العربي الجديد" إن "الحال سيئ للغاية، ولا يوجد مستجيب من وزارة الحكم المحلي والمواصلات، رغم تشكيل السائقين لجنة للتواصل مع الجهات الرسمية". يشرح زياد: "في بعض الأحيان تتعطل بعض الأجزاء من المركبة بسبب مياه الأمطار المتراكمة في منطقة حاجز قلنديا تحديداً، إذ تفيض المصارف بشكل كبير خلال الشتاء، ما يضطرني لتبديل المكابح ومراوح المركبة أحياناً، والتأخر على موعد وصول الركاب".

ويقول المواطن عبد الفتاح مرار من منطقة كفر عقب لـ"العربي الجديد": "لو كانت هذه الطرقات تقع في مربع الرئيس أو المسؤولين لتم إصلاحها أما في مناطق المواطنين العاديين فلا أحد يهتم".

من جهته، يشير أحد أعضاء اللجنة الشعبية في مخيم قلنديا، جمال لافي، لـ"العربي الجديد" إلى أن "اللجنة تحاول المتابعة مع الجهات الرسمية الفلسطينية المختصة، لكن المسألة غير مرتبطة دائماً بالمسؤولين الفلسطينيين، بل بمنع الاحتلال لأي مشروع لإعادة بناء وتأهيل البنية التحتية في المنطقة القريبة من حاجز قلنديا".

يتابع لافي: "تزيد الأزمة المرورية في منطقة مخيم قلنديا ومنطقة الحاجز تحديداً من معاناة المواطنين وأهالي المخيم، وتصبح مضاعفة خلال المنخفضات الجوية. كما أن الاحتلال يمنع أي مشروع إصلاحي أو تأهيلي في منطقة الحاجز، ما يؤدي إلى فيضان مياه الصرف الصحي وتجمع مياه الأمطار في منطقة الحاجز. أما في داخل المخيم فنحاول اعتماد العمل التطوعي لمساعدة السكان الذين يعانون من تراكم الأمطار في بيوتهم وحولها".

ارتدت ثياباً عازلة للمطر (يوسف مسعود/ Getty)
ارتدت ثياباً عازلة للمطر (يوسف مسعود/ Getty)

حال مخيم عسكر شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية ليس أفضل. يقول قيس أبو كشك وهو أحد المواطنين من المخيم إن الوضع يزداد سوءاً خلال المنخفضات الجوية.

ويتابع: "ينقسم مخيم عسكر إلى جزأين: عسكر القديم وعسكر الجديد، وحال القديم هو الأسوأ خلال الشتاء، لأن المنازل فيه متهالكة والبناء البسيط يجعله عرضة للرطوبة ودخول مياه الأمطار إلى المنازل. كما تفيض العبارات بالصرف الصحي في المخيم. يحتاج المخيم كله إلى بنية تحتية جديدة كلياً. كل ما يمكن لأية جهة فعله حالياً هو تقديم بطانيات ومساعدات عينية، والتي تعتبر كلها حلولاً مؤقتة. ليس هناك حل جذري إلا إعادة تأهيل البنية التحتية".

ويتحدث أبو كشك عن أطفال المدارس في مخيم عسكر الذين يتوجهون صباحاً إلى مدارسهم ويضطرون للسير على طرقات المخيم التي تفيض بالمياه العادمة ومياه الأمطار، فيلجأ بعضهم إلى انتعال الأكياس البلاستيكية في أقدامهم.

أشعلت النار لأطفالها (يوسف مسعود/ Getty)
أشعلت النار لأطفالها (يوسف مسعود/ Getty)

في مخيم العروب جنوب الضفة الغربية والواقع شمال محافظة الخليل، تقول الشابة بشرى الراعي لـ"العربي الجديد" إن "حال مخيم العروب أفضل من ذي قبل، فقد تم تأهيل بعض الطرقات. لكن هذا لا ينفي أن بعض المناطق ما زال وضع طرقاتها وأزقتها سيئاً، وتنتشر فيها الحفر، الأمر الذي يؤدي إلى تجمع مياه الأمطار واحتمال تزحلق المارة والمركبات، الأمر الذي يعيق الحركة في الشوارع الضيقة بالمخيم. وهناك بيوت مسقوفة بالصفيح تتضرر خلال اشتداد المنخفضات. ويبقى لافتاً أن سكان المخيم يساعدون بعضهم البعض في الحالات الطارئة التي تصيب المنازل". 

أما في بلدة الرام إحدى ضواحي القدس من ناحيتها الشمالية، فتشكو هاجر سعادة من غياب اهتمام المسؤولين بإصلاح بعض الطرقات ومناهل الصرف الصحي. تقول سعادة لـ"العربي الجديد": "الأفضل أن يبقى المرء في منزله ولا يخرج للمشي تحت المطر لأنه سيتعرض لتجربة الاستحمام بالمياه العادمة التي تفيض في الشوارع. لا يوجد دعم ولا إصلاح للبنى التحتية، الحال في كل المدن الفلسطينية في الشتاء يرثى لها".

المساهمون