البابا يعتذر عن تعاون الكنيسة بتدمير ثقافة الشعوب الأصلية في كندا

26 يوليو 2022
البابا فرنسيس في أثناء لقائه السكان الأصليين في كندا (كول بورستون/Getty)
+ الخط -

اعتذر البابا فرنسيس، الاثنين، عن تعامل المسيحيين مع الشعوب الأصلية في كندا وعن "الطرق التي تعاون بها العديد من أعضاء الكنيسة" في "المشاريع المدمّرة للثقافات"، في اليوم الأول من زيارة تتطرّق إلى دور الكنيسة لأكثر من قرن في العنف الذي تعرّض له آلاف الأطفال.

وألقى البابا فرنسيس (85 عاماً) خطابه الذي تُرجم إلى الإنكليزية، على وقع التصفيق الذي ازداد بعدما اعتذر ثلاث مرّات. وقال أمام أفراد من شعوب "الأمم الأولى" و"ميتيس" و"اينويت" في ماسكواسيس في ألبيرتا: "أطلب المغفرة، ولا سيّما للطرق التي تعاون بها العديد من أعضاء الكنيسة والجماعات الرهبانية، وأيضاً اللامبالاة التي أظهروها، في تلك المشاريع المدمّرة للثقافات وفي الاستيعاب القسري الذي لجأت إليه حكومات ذلك الوقت، والذي بلغ ذروته في نظام المدارس الداخلية الإجبارية".

وتحدّث عن "كيف أدّت سياسات الاستيعاب إلى تهميش الشعوب الأصلية بصورة ممنهجة"، بالإضافة إلى "تشويه وإلغاء" لغات وثقافات الشعوب الأصلية "من خلال نظام المدارس الداخلية الإجبارية". وتطرّق أيضاً إلى "تعرّض الأطفال لاعتداءات جسدية ولفظية ونفسية وروحية، وكيف تمّ اختطافهم بعيداً عن بيوتهم وأهلهم عندما كانوا صغاراً".

وفي أثناء خطابه، كان التأثّر واضحاً في ماسكواسيس، وهو مجتمع للسكان الأصليين جنوب عاصمة المقاطعة إدمونتون التي كانت موقعاً لمدرسة ارمينسكين الداخلية التي أُغلقت في عام 1975.

وحضر مئات الأشخاص، وكان الكثير منهم بلباس تقليدي، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، وأول حاكمة عامة لكندا من الشعوب الأصليين ماري سيمون. وذرف كثيرون الدموع وتعانقوا، ووضع قادة الشعوب الأصلية فيما بعد غطاء رأس تقليدياً مصنوعاً من الريش على رأس البابا.

حرق الدموع  

وقال أندري كاريير من اتحاد شعب الميتيس في مقاطعة مانيتوبا الكندية، قبيل خطاب البابا: "يؤمن شعب الأمم الأولى بأهمية أن تمسح دموعك على قطعة ورق وتُعيدها إلى كيس ورقي لأنك إذا بكيت، فأنت تبكي الحبّ". وأشار إلى أن المتطوعين يجمعون الأكياس ويحرقونها لاحقاً بصلاة خاصة "لإعادة دموع الحب إلى الخالق".

وسُجّل نحو 150 ألف طفل من أبناء الشعوب الأصلية قسراً في هذه المدارس، حيث فُصلوا عن أسرهم ولغتهم وثقافتهم، وغالباً ما تعرضوا للعنف الجسدي والنفسي والجنسي، بين نهاية القرن التاسع عشر وتسعينيات القرن العشرين.

واعتذرت الحكومة الكندية التي دفعت مليارات الدولارات كتعويضات لتلاميذ سابقين، بشكل رسمي قبل 14 عاماً عن إنشاء هذه المدارس، التي أقيمت "لقتل الهندي في قلب الطفل".

ثم حذت حذوها الكنيسة الأنغليكانية، لكن الكنيسة الكاثوليكية التي كانت تدير أكثر من 60% من هذه المدارس الداخلية، كانت ترفض على الدوام القيام بذلك. لكن في إبريل/نيسان، تغيّر كل شيء مع اعتذار البابا فرنسيس الذي وعد بالمجيء إلى كندا. وينتظر آلاف السكان الأصليين الآن اعتذاراً على أرضهم.

وقالت غيلدا سوساي (50 عاماً)، وهي من سكان المحمية التي ستكون ضمن المجموعة التي ستتمكن من لقاء البابا: "أنا سعيدة للغاية، أشعر بسعادة غامرة، وأتمنى لو كانت والدتي هنا لترى هذا الحدث".

"سُلب منّا الكثير"  

وسيترأس البابا فرنسيس، الثلاثاء، قداساً في ملعب الكومونولث في إدمنتون قبل أن يتوجه إلى بحيرة سانت آن التي تشكل موقع حج سنوي. وبعد ذلك، سينتقل إلى كيبيك الأربعاء، قبل المحطة الأخيرة، الجمعة، في مدينة إيكالويت (نونافوت) التي تقع في أقصى شمال كندا في أرخبيل القطب الشمالي.

وظهر البابا الأرجنتيني على كرسي متحرك، الأحد، بسبب معاناته آلاماً في الركبتين، إلا أنه كان يبتسم عندما وصل إلى إدمنتون. وخُفِّف برنامجه للحد من تنقلاته، وقد يقوم البابا بمبادرات رمزية، من بينها إعادة عدد من أعمال وقطع للشعوب الأصلية معروضة في متاحف الفاتيكان منذ عقود.

وقالت ديبورا غرييس (71 عاماً)، وهي عضو في مجتمع "موسكيغ ليك كرو نيشن" Muskeg Lake Cree Nation، وهو أكبر مجموعة للشعوب الأصلية في كندا: "مجيئه يعني لي الكثير"، وتابعت: "أعتقد أن علينا أن نسامح نحن أيضاً، في مرحلة ما. لكن سُلب منّا الكثير".

(فرانس برس)

المساهمون