احتفل مئات الملايين حول العالم، الجمعة، بعيد الميلاد في ظل قيود "كوفيد-19" عبر نسخة مختصرة من العطلة التي لطالما طبعها السفر والتجمّعات الكبيرة، وبدت الكنائس شبه خاوية في هذا الوقت من العام الذي كان الملايين يتوافدون فيه إليها لحضور قداس الميلاد.
قال البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الجمعة، في رسالته بمناسبة عيد الميلاد، إنّ وجوه أطفال سورية والعراق واليمن الذين "يدفعون ثمن الحرب الباهظ"، يجب أن "تهزّ الضمائر"، وفي عرضه التقليدي للنزاعات حول العالم، أعرب البابا عن أمله في أن يفضي عيد الميلاد إلى "نزع فتيل التوتر في أنحاء الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط".
وفي عظته، أشار البابا الأرجنتيني إلى أن ذلك يذكرنا بأنه لا يجب قضاء الوقت في "البكاء على مصيرنا، بل مسح دموع من يعاني، وخدمة الفقراء". وأضاف آسفا أن المؤمنين "المتعطشين للترفيه والنجاح والدنيوية (...) في الأغلب يجهلون حسن المعاملة".
وناشد البابا السلطات كي توفر اللقاح المضاد لكوفيد-19 للجميع، مشددا على أن يقدم أولا للأكثر ضعفا واحتياجا، بغض النظر عمن يمتلك براءة اختراع اللقاح. وقرأ من نص معد مسبقا: "اللقاحات للجميع، وبخاصة الفئات الأكثر ضعفا واحتياجا. هم من ينبغي أن يكونوا في أول الصفوف". ووصف تطوير هذه اللقاحات بأنه "ضوء أمل" للعالم، وأضاف "لا يمكننا أن ندع القوميات المنغلقة تمنعنا من العيش كأسرة بشرية بحق"، داعيا قادة الدول والشركات والمنظمات الدولية إلى "تعزيز التعاون بدلا من التنافس، والبحث عن حل للجميع".
وأقام البابا قداس ليلة عيد الميلاد في كاتدرائية القديس بطرس بحضور أقل من 200 مؤمن يضعون كمامات واقية، وأغلبهم يعملون في دولة الفاتيكان. وتم تقديم موعد القدّاس الذي يقام عادة في منتصف الليل ليتوافق مع قواعد حظر التجول التي فرضتها إيطاليا.
وقبل الوباء، كان آلاف المؤمنين والسيّاح يشترون تذاكر لحضور القدّاس البابوي. وبدت ساحة القديس بطرس التي تعج عادة بالناس في ليلة عيد الميلاد، مهجورة مساء الخميس، بينما زيّنتها شجرة عيد الميلاد وسط أضواء سيارات الشرطة.
في بيت لحم، لطالما كان قداس ليلة عيد الميلاد في كنيسة المهد ذروة موسم الأعياد الذي يتوافد خلاله مئات الآلاف إلى المدينة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. وأقيم القدّاس عبر الإنترنت هذا العام، إذ لم يسمح إلا لرجال الدين وعدد محدود من الأفراد بدخول الكنيسة التي تم تعقيمها قبيل المراسم.
وقال المدبر الرسولي لبطريركية القدس للاتين، المطران بييرباتيستا بيتسابالا: "يشعر الجميع بأنهم في الظلمة، وبالتعب والإرهاق، وبأنهم مثقلون بهذا الوباء الذي ارتهن حيواتنا".
وفي القامشلي، في شمال شرق سورية، استبدل مئات سكان أحد الأحياء الذي تقطنه غالبية مسيحية الكمامات بقبّعات عيد الميلاد للاحتفال بإضاءة شجرة الميلاد. وقالت ماريا دنهو، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 36 عاما: "كنا نشعر بالقلق من احتمال إلغاء الاحتفالات هذا العام بسبب فيروس كورونا، لكن كما ترون الجميع هنا يحتفلون ونشعر بالسعادة".
في مدينة الموصل وسهل نينوى، شمالي العراق، تم الاحتفال بعيد الميلاد، الجمعة، في كنيسة البشارة، التي تعرضت لدمار واسع خلال فترة احتلال تنظيم "داعش" للمدينة، وحضر عشرات من الأهالي المسيحيين من دون أن يغيب تقليد مشاركة المسلمين المعتاد منذ عقود ضمن تبادل المشاركة بالاحتفالات في المدينة التي عرفت بتنوعها الديني والثقافي.
(فرانس برس، أسوشييتد برس، رويترز)