البابا فرنسيس في مرسيليا للدفاع عن المهاجرين في أوروبا

22 سبتمبر 2023
مهاجرون قصر في مرسيليا قبيل زيارة البابا فرنسيس (فرانس برس)
+ الخط -

يصل البابا فرنسيس إلى مدينة مرسيليا الفرنسية، اليوم الجمعة، في زيارة تستغرق يومَين مخصّصة للبحر الأبيض المتوسط وتحدّي الهجرة، وذلك في سياق العداء المتزايد تجاه المهاجرين في أوروبا.

وكان بابا الفاتيكان، الذي يبلغ من العمر 86 عاماً، قد حذّر من أنه لن يأتي إلى فرنسا في زيارة دولة، بل إلى مرسيليا، وهي مدينة ذات طابع عالمي في جنوب البلاد تتعايش فيها مجموعة واسعة من الطوائف والأديان، وذلك للتنديد بمأساة غرق سفن المهاجرين والدفاع عن قضيّتهم.

ويُعَدّ هذا الموضوع مهماً بالنسبة إلى البابا فرنسيس، الذي لا ينفكّ يندّد بخطابات الرفض وسياسات الانغلاق منذ انتخابه في عام 2013.

وتأتي هذه الزيارة بعد أيام قليلة على وصول آلاف الأشخاص إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى تبنّي خطة طوارئ لمساعدة روما على إدارة تدفّقات الهجرة من شمال أفريقيا.

ويُعَدّ هذا الطريق الأخطر في العالم، إذ إنّ أكثر من 28 ألف شخص حاولوا عبور البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى أوروبا فُقدوا منذ عام 2014، بحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة. ولطالما ندّد البابا بـ"أكبر مقبرة في العالم".

وفي فرنسا، استقبل اليمين زيارة البابا بطرق متباينة، وشمل ذلك ممثليه الكاثوليك والمحافظين الذين انتقدوا تدخّلاته السياسية واتّهموه بالقيام بالكثير تجاه المهاجرين.

ومن المقرّر أن تستقبل رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن البابا فرنسيس في مطار مارينيان، قبل أن يتوجّه على الفور إلى كاتدرائية "نوتردام دو لا غارد" على مرتفعات ثاني أكبر مدينة في فرنسا.

وهناك، بعد الصلاة مع رجال الدين، سوف يجتمع البابا فرنسيس مع ممثلي الديانات الأخرى أمام النصب التذكاري المخصّص للبحّارة والمهاجرين المفقودين في البحر، والذي أُقيم عند سفح كنيسة "الأم الصالحة".

وبعد نحو 500 عام من الزيارة الأخيرة التي قام بها حبر أعظم إلى مرسيليا، تُعَدّ هذه الرحلة كذلك الأولى التي يقوم بها بابا إلى فرنسا منذ سلفه بنديكتوس السادس عشر في عام 2008.

وكان البابا فرنسيس قد توجّه إلى ستراسبورغ في عام 2014، في زيارة خاطفة، زار في خلالها البرلمان الأوروبي.

"فرصة العمر"

وفي بلد يُحكم منذ عام 1905 بمبدأ العلمانية، اتّهمت المعارضة اليسارية الرئيس إيمانويل ماكرون بـ"الدوس" على الحياد الديني للدولة عبر إعلانه المشاركة في القداس الكبير الذي سوف يترأسه البابا، غداً السبت، في ملعب فيلودروم.

وعلى الرغم من تراجع الكاثوليكية في فرنسا، الذي تسارعت وتيرته بسبب أزمة العنف الجنسي في الكنيسة، فإنّ هذه الزيارة تُثير حماسة كبيرة، إذ من المتوقع حضور عشرات الآلاف.

ويختتم البابا الزائر النسخة الثالثة لاجتماعات البحر الأبيض المتوسط (الممتدة من 18 إلى 24 سبتمبر/ أيلول)، علماً أنّ هذا اللقاء بين الأساقفة والشباب يتناول عدم المساواة الاقتصادية والحوار بين الأديان والاحتباس الحراري، من بين أمور أخرى. يُذكر أنّ ثمّة مواضيع كثيرة مألوفة بالنسبة إلى البابا الأرجنتيني، الذي يُظهر اهتماماً عميقاً بحوض البحر الأبيض المتوسط.

جوزيف أجشي، شاب سوري من حلب، يبلغ من العمر 25 عاماً، يقول إنّه "متحمّس حقاً لرؤية البابا"، ويؤكد "هذه فرصة العمر. من المهمّ مقابلة أشخاص آخرين، وليس مجرّد الاستماع إلى القصص".

يضيف هذا الشاب المشارك في هذه اللقاءات لوكالة "فرانس برس": "لدينا قواسم مشتركة كثيرة مع الآخرين، إنّما من دون أن نعرف ذلك".

"تخفيف التوتر"

من جهته، يأمل فرانكي دومينغو، وهو مواطن من بنين يترأس تجمعاً لمهاجرين في مرسيليا يطالبون بقوننة أوضاعهم، أن تؤدّي زيارة البابا فرنسيس إلى "استعادة قليل من الأمل" و"تخفيف التوتّر على المستوى السياسي"، في مدينة "عالمية ومتعدّدة الثقافات والأديان"، لكنّها "تواجه صعوبات هائلة، (أبرزها) الاتجار بالمخدّرات الذي يتسبّب في خسارة أرواح كلّ يوم، ومشكلة السكن".

وتُختتم زيارة البابا فرنسيس، التي تخضع لإجراءات أمنية مشدّدة، غداً السبت، بقدّاس ضخم أمام 57 ألف شخص في ملعب "فيلودروم" لكرة القدم في مرسيليا، بعد أن يجول البابا في سيارته في جادة دو برادو، حتى يتمكّن من توجيه التحيّة إلى الجمهور ويحيّيه الأخير.

كذلك، سوف يلتقي البابا الرئيس الفرنسي، بعدما استقبله ثلاث مرّات في الفاتيكان. وسوف يكون إلى جانبه، طوال زيارته، رئيس أساقفة مرسيليا جان مارك أفلين، المهندس الرئيسي لهذه الزيارة، والذي عيّنه كاردينالاً في عام 2022.

يُذكر أنّ هذه الرحلة هي الرابعة والأربعون إلى الخارج للبابا فرنسيس الذي يستخدم الآن كرسياً متحرّكاً، والذي اعترف في أوائل سبتمبر/ أيلول بأنّ السفر بالنسبة إليه "لم يعد سهلاً كما كان في البداية".

(فرانس برس)

المساهمون