الاعتداءات الجنسية تتزايد في باكستان

30 يونيو 2024
تحرّك احتجاجي ضدّ الاعتداءات الجنسية بباكستان، 24 سبتمبر 2020 (رانا ساجد حسين/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- باكستان تشهد تزايداً في الاعتداءات الجنسية، حيث يتعرض 11 طفلاً يومياً لهذه الجرائم، و80% منها يرتكبها أقارب الضحايا، مع تعقيدات تنجم عن الأعراف القبلية والشعبية التي تعيق الإبلاغ والمقاضاة.
- المحامية زرلشت أفريدي تنتقد تعامل الشرطة والأسر مع قضايا الاعتداء الجنسي، مشيرة إلى تأثير الأعراف القبلية والفساد في الأجهزة الأمنية على عدم تسجيل القضايا رسمياً، وتؤكد على تأثيرها السلبي في شمال وجنوب غرب باكستان.
- الزعيم القبلي رويداد خان يرى أن الاعتداءات الجنسية أقل في المناطق القبلية بفضل الأعراف الصارمة، لكن يعترف بتأثير الفساد في الأمن، بينما يدعو المحامي محمد عدنان لإصلاح النظام الأمني وتغيير القوانين لتحسين الوضع.

تتزايد الاعتداءات الجنسية في باكستان لتمثّل واحدة من أبرز المشكلات الاجتماعية المتفاقمة، ولا سيّما مع عدم اتّخاذ أيّ إجراءات رسمية جادة للحدّ منها. وتشير البيانات المتوفّرة إلى أنّ 11 طفلاً يتعرّضون يومياً لاعتداء جنسي في باكستان، في حين لا تتوفّر أرقام خاصة بالضحايا الأكبر سنّاً. وممّا يثير القلق كذلك أنّ 80% من الضالعين في جرائم الاعتداءات الجنسية هم من أقارب الضحايا، وأنّ تلك القضايا بمعظمها تطمس ولا تصل إلى الأجهزة الأمنية ولا إلى القضاء، بسبب الأعراف القبلية والشعبية السائدة. إلى جانب ذلك، من غير الممكن مقاضاة من تصل قضاياهم إلى الشرطة والقضاء، بسبب الفساد المستشري في الأجهزة وكذلك بسبب الثغرات في النظامَين القضائي والدستوري.
تقول المحامية الباكستانية زرلشت أفريدي لـ"العربي الجديد" إنّ "الاعتداءات الجنسية في باكستان في تزايد كبير، وثمّة أسبابٌ عديدة لذلك"، مشيرةً إلى أنّ "تلك الاعتداءات تُرتكب من الأقارب والأهل في معظم الأحيان". وتعبّر أفريدي عن أسفها إزاء "تعامل الشرطة مع قضية من هذا النوع أوّلاً وتعامل أسرة الضحية معها ثانياً"، شارحةً "نحن نعلم أنّ الشرطة لا تسجّل قضايا الاعتداءات الجنسية بطريقة دقيقة في أحيان كثيرة، ويعود ذلك إلى أسباب عدّة أبرزها الفساد. فالجناة يقدّمون في العادة الرشى للأجهزة الأمنية التي إمّا أنّها لا تسجّل القضية من الأساس وإمّا أنّها تحرّف التقرير الأولي". وفي ما يتعلّق بأسر الضحايا، تبيّن أفريدي أنّها "لا ترغب في تسجيل القضية بل حلّها سرّاً، على خلفية الأعراف السائدة في المناطق النائية".

وتوضح أفريدي أنّ "الأعراف القبلية في شمال باكستان وفي جنوب غربها تُعَدّ العائق الأكبر في وجه مقاضاة الجناة". تضيف أنّه "إذا تعرّضت فتاة أو شابة لاعتداء جنسي وانتشر خبر ذلك في أوساط القبائل، فإنّهما سوف تُجبران على ملازمة منزل العائلة والبقاء من دون زواج، بسبب تعرّضهما لاعتداء، أو قد تُزوّجان إلى كبار في السنّ. من ثم، لا يرغب أحد في الكشف عن قضية اعتداء جنسي وقعت ضحيتها فتاة أو شابة من أسرته".
وتعليقاً على كلام المحامية الباكستانية، يقول الزعيم القبلي الباكستاني رويداد خان لـ"العربي الجديد" إنّ "قضايا الاعتداءات الجنسية في منطقة القبائل والأرياف أقلّ بكثير من تلك المسجّلة في المدن. فنسبة كبيرة من تلك الاعتداءات تُسجَّل في المدن حيث وسائل الاختلاط ما بين الفتيان والفتيات والشبّان والشابات كثيرة". يضيف خان أنّه "في الأرياف والقرى، يدرك الجميع أنّ الأعراف القبلية صارمة ولا تعفو عن أحد. كذلك قد تؤدّي قضية من هذا النوع إلى صراعات قبلية وإلى القتل، ومن ثم لا يقدم أحد بسهولة على ارتكاب اعتداء جنسي إلا قليلاً. وإذا وقع ذلك، فإنّ الناس لا يلجؤون إلى الأجهزة الأمنية لأسباب عدّة، من بينها أنّها ضعيفة جداً في المناطق القبلية والنائية وهي تحت سيطرة أصحاب النفوذ في الحكومة وكذلك في القبائل".

ويتابع الزعيم القبلي أنّ "الفساد والرشى في المنظومة الأمنية تدفع الناس إلى عدم الاعتماد على القوى الأمنية أو الشرطة. ومن هنا، يلجأ الناس إلى الزعامة القبلية التي تمتلك طرقها الخاصة وأعرافها من أجل التعامل مع قضية اعتداء جنسي. وفي العادة، يجري البتّ في الاعتداءات الجنسية في خلال أيام عدّة، في حين أنّ الأمر يتطلّب سنوات عديدة من خلال القضاء الباكستاني، علماً أنّ القضية لا تُحلّ في النهاية. وهكذا، يُضطر الناس إلى اللجوء إلى الزعامة القبلية التي تعمل على حلّ القضية".
وبشأن الثغرات القانونية المتعلقة بقضايا الاعتداءات الجنسية في باكستان، يقول المحامي الباكستاني محمد عدنان لـ"العربي الجديد" إنّ "الثغرات ما زالت موجودة في الدستور الباكستاني وهي تعرقل القضايا في المحاكم"، لكنّه يشدّد على أنّ "تأثير ذلك أقلّ من تأثير تعامل الشرطة وأسرة الضحية مع القضية. ويشرح عدنان أنّ "جملة واحدة تضيفها الشرطة أو تحذفها لها تأثير كبير على سير القضاء. وهذا أمر يحدث في العادة، إذ قد تغيّر الشرطة اسم شخص وتضيف اسماً آخر إلى قضية ما". ويؤكد المحامي الباكستاني أنّ "80% من الاعتداءات الجنسية تُرتكب من أشخاص من الأقارب"، مضيفاً أنّه في حال كانت ثمّة صراعات بين أسرة الضحية وأسرة الجاني فإنّ "تلك الصراعات سوف توظَّف في القضية وتعقّدها أكثر". ويرى أنّه "من هنا، من الضروري جداً إصلاح المنظومة الأمنية أوّلاً، ثمّ لا بدّ من توفير استشارات خاصة بأسرة الضحية حتى تقوم بالخطوات اللازمة لتسجيل قضية الاعتداء، وأخيراً نحتاج إلى تغيير في القوانين".

المساهمون