استمع إلى الملخص
- **حالات إخلاء قسري محددة**: تناول التقرير حالات إخلاء في ضاحية الجميل، جزيرة الوراق، ونزلة السمان، حيث شهدت هذه المناطق تدخلات أمنية وهدم عقارات مما أثار استياء الأهالي.
- **انتهاكات مستمرة وقلق المفوضية**: أعربت المفوضية عن قلقها من الانتهاكات المستمرة، مؤكدةً على ضرورة وقف استخدام القوة ضد السكان وضرورة مشاركة المجتمع في قرارات التنمية.
اعتبرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عمليات الإخلاء القسري في أكثر من نطاق في مصر "أداة بطش في يد الحكومات، وتجاوزاً للحقوق الأساسية للفرد، ما يتنافى مع العديد من العهود والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان".
وأعلنت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، في تقرير مطوّل بعنوان "عمليات إخلاء المساكن بالإكراه.. عقبات أمام التنمية وانتهاك لحق المواطنين في الحياة"، صدر الأحد 18 أغسطس/ آب، عن موقفها الرافض لهذه الظاهرة، ودانت بشدة العمليات القسرية التي تستهدف تشريد السكان بطرق غير قانونية وتعسفية.
ويحظر الدستور المصري الإخلاء القسري وفقاً لنص المادة 63: "يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم". كذلك ينصّ الدستور المصري في مادته 59 على أن "الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها وفي مستوى معيشي كافٍ للفرد ولأسرته”.
وأكدت المفوضية في تقريرها أن عمليات الإخلاء القسري تنعكس تدهوراً في الظروف الاقتصادية للأفراد المتضررين، مما يؤثر على مؤشرات التنمية الاقتصادي، وتتعدى ذلك إلى تأثيرات على القطاعات الأخرى مثل التعليم والصحة بسبب تشتت الأسر وانتقالها من مكان إلى آخر بشكل مفاجئ دون الترتيب المسبق، وهو الأمر الذي ظهر سابقاً مع سكان منطقة الأسمرات وتأخر أبنائهم لمدة عام في الالتحاق بالمدارس.
كما طالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، بشأن عمليات الإخلاء القسري التي تحدث في ضاحية الجميل غرب بورسعيد، الحكومة المصرية بسرعة وقف الانتهاكات القانونية بحق سكان المنطقة، بعدما وصلت إليها استغاثة الأهالي بالمجتمع المدني، ضد قرار محافظ بورسعيد عادل الغضبان برفض تجديد عقود حق الانتفاع وإصداره تعليمات بإخلاء المنطقة في ظل تردد بعض الأخبار بين السكان عن بيع المنطقة إلى أحد المستثمرين.
الإخلاء القسري لضاحية الجميل
ويقطن سكان ضاحية الجميل على بعد 5 كم من محافظة بورسعيد، وهي منطقة سياحية تتميز بموقع جغرافي على البحر الأبيض المتوسط، ويحتفظ أهالي المنطقة بعقود حق انتفاع طويلة الأمد تجدد سنوياً، ويحق لأحد الطرفين "المحافظة – الأهالي" فسخ التعاقد، وهو ما يحدث حالياً أن المحافظة ترفض تجديد العقد، وأرسلت إنذارات للأهالي بإخلاء المساكن دون التشاور معهم.
كذلك طالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات السلطات بوقف عملية الإخلاء القسري لسكان جزيرة الوراق بشمال الجيزة وعدم استخدام القوة ضدهم من قبل قوات الأمن وفك الحصار عن سكان الجزيرة المستمر منذ يوليو/ تموز 2017.
وعلى مدار السنوات الماضية، تواصلت أعمال اقتحام جزيرة الوراق وتهديد الأهالي، لإجبار أهاليهم بالتنازل عن أراضيهم ووضع المقبوض عليهم على قضايا إرهاب حصر أمن دولة، الأمر نفسه الذي تكرر مع سكان نزلة السمان في يناير/كانون الثاني 2019، إحدى مناطق محافظة الجيزة، وتعتبر المنطقة المجاورة مباشرة لأهرامات الجيزة، حيث كان يجد سكانها قوت يومهم في مجال الخدمات السياحية، وهي بمثابة المصدر الرئيسي لدخلهم.
يعود تاريخ تطوير منطقة نزلة السمان إلى فترة نهاية حكم الرئيس مبارك، إذ بُني سور بطول 18 كيلومتراً في عام 2002 لعزل المنطقة عن هضبة الأهرامات، وفي عام 2009، ومع تقديم مخطط القاهرة 2050، عرضت خطة تنمية نزلة السمان، التي تهدف إلى إزالة البنية التحتية غير الرسمية المحيطة بمنطقة الأهرامات. تشمل خطة التطوير تحويل نزلة السمان إلى وجهة سياحية كبيرة، نظراً لموقعها الاستراتيجي بين الأهرامات والمتحف المصري الكبير.
وفي يناير/ كانون الثاني 2019 بدأت قوات تابعة لمديرية أمن الجيزة بالتدخل لهدم عقارات قائمة بمنطقة نزلة السمان وطرد سكانها منها، الأمر الذي أدى لتجمع الأهالي في تظاهرات ووقفات أمام منازلهم، رافضين عمليات الإخلاء القسرية التي تقوم بها السلطات المصرية بحقهم.
كذلك في فبراير/ شباط 2019 انتقلت قوات أمن مصحوبة بمعدات هدم إلى منطقة عين الصيرة بحي مصر القديمة للبدء في المرحلة الأولى من مراحل عمليات إزالة المنطقة وإخلاء سكانها، ونقلهم إلى منطقة الأسمرات، بمقابل إيجارات تتراوح من 700 إلى 1000 جنيه شهرياً.
وأعربت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن بالغ استيائها من الانتهاكات المستمرة من قبل الحكومة المصرية في قضايا التنمية وتهميش حق المواطن في مسكن آمن وملائم، وضمان حقه في عدم الطرد من منزله وإخلاء المساكن بالإكراه.
كما أعربت عن قلقها بشأن انتهاك الحكومة المصرية المعاهدات الدولية والقوانين واللوائح الداخلية، وأكدت أن عمليات التنمية لا بد أن تضع مصلحة المواطن أولاً، ولا يجوز اتخاذ القرار بعيداً عن مشاركة المجتمع وأصحاب المصالح.