عبّر مارك لوكوك، منسّق شؤون الإغاثة للأمم المتحدة في حالات الطوارئ، خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، اليوم الخميس، حول الوضع الإنساني في سورية، عن قلقه العميق لزيادة نسبة الذين يعانون من سوء التغذية هناك.
وتحدّث لوكوك خلال إحاطته، عن ثلاثة مجالات، وهي الأزمة الاقتصادية، زيادة نسبة الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي ووصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.
وحول الوضع الاقتصادي، قال إنّ "حوالي 60% من السوريين، أكثر من 12 مليونا، لا يمكنهم الحصول على الغذاء بشكل منتظم. كما ازداد عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي ليصل إلى أكثر من خمسة ملايين سوري".
ولفت إلى أنّ "الاقتصاد السوري الهشّ عانى من صدمات كبيرة خلال الأشهر الـ 18 الأخيرة. كما أدّى انخفاض قيمة الليرة السورية بأكثر من 70%، خلال العام الماضي، إلى زيادة التحديات التي يواجهها السوريّون، بما فيها زيادة أسعار الغذاء أكثر من 200%".
وتحدّث عن تجاوز نفقات الأسر بأكثر من 20% من دخلها. كما ازدادت العمالة بين الأطفال ونسبة الذين يعانون من التقزّم بسبب سوء التغذية الحاد، ليصل عددهم إلى قرابة نصف مليون طفل. وأشار إلى أنّه "تصل نسبة هؤلاء إلى الثلث، في بعض المناطق، أي واحد من بين كل ثلاثة أطفال دون الخامسة، ما سيؤثّر عليهم مدى الحياة في النمو والتعلّم".
كما تحدّث لوكوك عن انتشار سوء التغذية بشكل واسع في سورية. وقال إنّ معظم المساعدات الإنسانية التي تقدّمها الأمم المتحدة إلى شمال غرب سورية، تصل عبر الحدود وتدعم قرابة 2.4 مليون شخص شهرياً، مؤكداً أنّه بدون تلك المساعدات التي تدخل عبر الحدود "لن تتمكن الطواقم الصحية من تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهؤلاء الأطفال من أجل البقاء على قيد الحياة".
نسبة الذين يعانون من التقزّم بسبب سوء التغذية الحاد، وصل عددهم إلى قرابة نصف مليون طفل
وحذّر من تدهور الأوضاع، مشيراً إلى أنّ الأمم المتحدة تواصل جهودها بغية إرسال أوّل عملية مساعدات إنسانية عبر خطوط التماس باتجاه شمال غرب سورية. وشدد على أنّه "من الضروري الاتفاق على التفاصيل المتعلقة بالعملية، لكنها تحتاج أن تتفق الأطراف المختلفة مع بعضها، لإرسال بعثة أو شيء من هذا القبيل".
وعن الشمال السوري، قال إنّ التوتر الذي شهدته تلك المنطقة في الأشهر الأخيرة، حال دون وصول المساعدات الطارئة، ولو بشكل مؤقت، لمئات الآلاف من السوريين. وأشار إلى وجود احتياجات صحية كبيرة في تلك المنطقة، موضحاً أنّ 6% فقط من المستشفيات الحكومية في الشمال الشرقي تعمل بشكل كامل.
كما أشار لوكوك إلى عدم تجديد مجلس الأمن في يوليو/ تموز الماضي، السماح للأمم المتحدة بتقديم المساعدات للشمال الشرقي عبر معبر اليعربية العراقي، وأضاف في هذا السياق أنّ ذلك مع أزمة كورونا، فاقم من حجم الاحتياجات في تلك المنطقة.
وقال لوكوك إنّ مفوضية حقوق الإنسان سجّلت زيادة في نسبة الإصابات بين المدنيين في شمال غرب سورية، بسبب المتفجرات اليدوية التي أدّت إلى مقتل العشرات وإصابة آخرين، بمن فيهم عامل في المجال الإنساني خلال الشهر الماضي.
وقدّمت سونيا الخوش، مديرة قسم الاستجابة الإنسانية في سورية، في "منظمة أنقذوا الأطفال" الدولية، شهادتها حول الوضع الإنساني وعمل المنظمة. وتأتي إحاطتها في إطار دعوة الدول الأعضاء أو إحداها، منظمات دولية أو إنسانية غير حكومية للإدلاء بشهاداتها أمام المجلس حول تجربتها على الأرض والأوضاع الإنسانية.
وقالت الخوش: "خلال العقد الماضي اضطر أكثر من نصف السكّان في سورية إلى الفرار من منازلهم، كما قُتل آلاف الأطفال. وهناك أطفال في سورية لا يعرفون إلا النزاع والحرب، هذا تغلغل في كلّ مناحي الحياة. كما زاد تفشي جائحة كورونا من معاناة المدنيين".
وتحدّثت عن وجود أزمة غير مسبوقة فيما يخصّ التعليم، حيث إنّ مزيجاً من النزاع والنزوح والفقر والجائحة، خلق ظروفاً تجعل أغلبية الأطفال غير قادرين على الحصول على التعليم. وأشارت إلى دراسة أجرتها مؤسستها في ديسمبر/كانون الأول الأخير، تفيد بأنّ اثنين من كلّ ثلاثة أطفال في شمال سورية، لا يلتحقون بالمدارس. ولفتت الانتباه إلى استهداف المدارس وقصفها، كما استخدامها من قبل الجماعات المسلّحة.