الأمطار لا تلغي تقسيط المياه في تونس

16 يناير 2024
خطر العطش يبقى قائماً في ظل المخزونات الضعيفة للمياه (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تستمر في تونس عملية تقسيط المياه رغم الأمطار الأخيرة التي بددت مخاطر موسم جفاف جديد عقب تسجيل تساقطات هامة خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة نتج عنها ارتفاع مخزون السدود إلى نحو 31 بالمائة، وفق بيانات رسمية لوزارة الزراعة.

ورغم تحسن الموارد المائية في البلاد، لا تزال المياه في مناطق عديدة تُقطع ليلاً، كما يستمر حظر استعمال الماء في العديد من الأنشطة ذات الاستهلاك العالي بمقتضى قرار أصدرته السلطات منذ مارس/ آذار 2023.

وكان يفترض أن يتوقف العمل بإجراء تقسيط المياه في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، غير أن السلطات مددته حينها ليتواصل أثره حتى بعد نزول الأمطار وتحسن الكميات المعبأة في المنشآت المائية.

وبمقتضى نظام التزود الجديد بالماء الصالح للشرب، جرى منع استعماله في الزراعة وسقي المناطق الخضراء وتنظيف الشوارع وغسيل السيارات، وذلك بسبب موجة الجفاف الحادة التي خلفت سدوداً شبه فارغة. ويعاقب المخالفون بغرامة مالية والسجن لفترة تتراوح بين 6 أيام و6 أشهر.

ومكنت التساقطات المسجلة خلال الأسابيع الأخيرة من زيادة في كميات الماء بالسدود بنحو 170 مليون متر مكعب ما يغطي الاستهلاك الوطني لـ85 يوماً.

مع ذلك، يقول الخبير في التنمية المختص بمجال المياه حسين الرحيلي، إن تونس لا تزال تحت طائلة الشح المائي مستحسناً عدم رفع قرار تقسيط المياه. ويؤكد الرحيلي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الإيرادات التي مكنت من تعبئة الأمطار الأخيرة في السدود غير كافية لتوفير أمان مائي في بلد يتعرّض لتغيرات مناخية. ويشير المتحدث إلى أن تخزين المياه المتأتية من التساقطات المطرية يبقى غير كاف، مشدداً على أهمية تنويع مصادر المياه عبر التحلية وتدوير المياه المستعملة وتغيير أنماط الاستهلاك وترشيدها في العديد من القطاعات.

الأمطار لم تبدد خطر العطش

يتابع الرحيلي أنّ "الأمطار بددت شبح الجفاف لكنها لم تبدد خطر العطش الذي يبقى قائماً في ظل مخزونات ضعيفة للمياه وإمكانية انحباس الأمطار لفترات طويلة مستقبلاً". ويشرح أن مخزون السدود المقدر حالياً بـ700 مليون متر مكعب لا يزال دون المعدل المسجل في السنوات الثلاث الماضية في هذه الفترة والذي كان في حدود 900 مليون متر مكعب.

وتمر تونس منذ سنوات بموجة جفاف كبيرة، تسببت في تراجع مخزون السدود الكبرى التي نزل مستوى المياه المخزنة فيها إلى نحو 21 بالمائة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. ومنذ اعتماد نظام تقسيط المياه، تعمد شركة استغلال وتوزيع الماء إلى قطعه ليلاً في محافظات تونس الكبرى والساحلية، فيما يتواصل القطع لأيام في محافظات الجنوب.

ويستهلك القطاع السكني في تونس، ما يقارب 14 بالمائة من المياه المتاحة سنوياً، بينما يستأثر القطاع الزراعي بنحو 80 بالمائة من الموارد، كما تحتكر الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وظائف الجمع والتصرف في المياه الصالحة للريّ والشرب وتعد الجهة المسؤولة عن سياسات اقتصاد استهلاك المياه.

وتونس من بين أكثر بلدان المنطقة المتوسطية مواجهة للجفاف وشح المياه، إذ حذر معهد الموارد العالمية، في أحدث تقرير له، من أن 25 بلداً من بينها تونس، مهددة بشح كبير في المياه بسبب "الإجهاد الشديد" لمواردها المائية المتاحة.

المساهمون