استمع إلى الملخص
- يواجه النازحون نقصاً في المساعدات الإنسانية وقيوداً على إدخال البضائع، حيث تشير التقارير إلى أن 75% من الخيام تالفة وتحتاج إلى إصلاحات عاجلة وسط رفض الاحتلال إدخال خيام جديدة.
- تتفاقم الأزمة الإنسانية مع قدوم الشتاء، حيث تتعرض الخيام للتلف ويقل تدفق المساعدات، مما يزيد من فرص انتشار الأمراض بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الصحية.
أغرقت مياه الأمطار مئات من خيام النازحين الفلسطينيين في المناطق الغربية الممتدة من وسط قطاع غزة إلى جنوبه، وفي مدينة غزة المكتظة بعشرات آلاف الأشخاص، في ظل موجة باردة تضرب القطاع الذي يعيش جميع سكانه في ظروف قاسية بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي.
وجرفت مياه البحر، ليلة الأحد/ الاثنين، خيام العديد من النازحين المقامة على الشاطئ في وسط القطاع وجنوبه، ما تسبب في إتلاف العديد منها، ويحاول كثيرون ترتيب أوضاع خيامهم التي تضررت بفعل الأمطار بعد تعرضها للتلف بسبب الحرارة خلال شهور الصيف الماضية.
ويوجد قرابة 1.8 مليون نازح في المناطق الغربية للقطاع، في مساحة لا تتجاوز 35 كيلومتراً مربعاً من إجمالي مساحة القطاع البالغة 365 كيلومتر مربع، وإلى جانب معاناتهم بسبب النزوح والأمطار، تهددهم مياه الصرف الصحي أيضاً، في ظل انهيار البنية التحتية، وغياب قدرة البلديات على العمل في ظل عدم امتلاكها أي مقومات أو مقدرات تمكنها من تصريف مياه الأمطار أو التعامل مع مياه الصرف الصحي، وسط خشية من انتشار الأوبئة والأمراض.
تعيش النازحة مفيدة عبد ربه (53 سنة)، مع عائلتها في خيمة على شاطئ البحر في دير البلح (وسط)، وقد تكرر غرق الخيمة نتيجة الأمطار وارتفاع الأمواج. وتقول مفيدة لـ"العربي الجديد": "نعيش معاناة وعذاباً، وأمطار الشتاء أغرقتنا، والصيف من قبلها أتعبنا. نريد أن تنتهي الحرب كي نرجع إلى حياتنا الطبيعية، أو على الأقل حياة شبة طبيعية".
وحسب المكتب الإعلامي الحكومي والدفاع المدني في غزة، فإن نحو 75% من خيام النازحين الفلسطينيين تالفة، وتحتاج إلى استبدال أو إصلاحات عاجلة كي يمكنها الصمود في الظروف المناخية القاسية، في حين يرفض الاحتلال إدخال أي خيام جديدة أو بيوت متنقلة.
تعرضت خيمة النازح إسماعيل الحاج أحمد المقامة على الشاطئ في خانيونس للغرق، بعدما ضربتها الأمطار خلال المنخفض الجوي الحالي. ويقول إسماعيل لـ"العربي الجديد": "نعيش أسوأ واقع يمكن للإنسان أن يعيشه، ففي الصيف نعاني من حرارة تشبه الأفران، وفي الشتاء كأننا نعيش داخل ثلاجات، ولا يوجد من يهتم بنا أو يوفر لنا أبسط احتياجاتنا في ظل الحرب".
ووفقاً لتقديرات وكالة "أونروا"، فإن نحو نصف مليون شخص معرضون لخطر الفيضانات بفعل هطول الأمطار وغياب البنية التحتية مع حالة التدمير التي طاولتها خلال الحرب. وتتزامن هذه الأزمة مع أزمات أخرى تضرب النازحين الفلسطينيين، على رأسها التجويع الذي يفرضه الاحتلال عبر فرض قيود على إدخال شاحنات البضائع والمساعدات.
يقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة: "يعيش النازحون معاناة قاسية مع دخول فصل الشتاء، وهناك قرابة مليوني نسمة نزحوا من منازلهم باتجاه المناطق التي أعلن جيش الاحتلال أنها (إنسانية)، لكنه يكرر ارتكاب المجازر فيها".
ويوضح الثوابتة لـ"العربي الجديد"، أن "النازحين يعيشون في نحو 135 ألف خيمة، ونحو 100 ألف من تلك الخيام تالفة وتحتاج إلى استبدال، وقد تضرر نحو 200 ألف نسمة بفعل أمطار المنخفض الجوي الحالي، خصوصاً الذين يعيشون على الشريط الساحلي في منطقة مواصي خانيونس وفي دير البلح، ونتوقع أن تكون الأمور أسوأ مع دخول فصل الشتاء وتتابع المنخفضات الجوية خلال الشهور المقبلة. نطالب بإدخال خيام جديدة أو مساكن متنقلة لتقليل حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في ظل حرب الإبادة التي تتحمل مسؤوليتها الإدارة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي".
بدورها، تؤكد القائمة بأعمال مدير الإعلام في وكالة "أونروا" في غزة إيناس حمدان، لـ"العربي الجديد"، أن "قدوم فصل الشتاء يعمق الأزمة الإنسانية، وقد تعرضت بعض الخيام للتلف من جراء موجة البرد والأمطار التي تضرب القطاع، وتعرض بعضها للغرق نتيجة الأمطار وارتفاع موج البحر. يحدث كل ذلك في ظل تقلص تدفق المساعدات الإنسانية. هناك شح في الطحين والمساعدات الغذائية، وما يدخل إلى القطاع لا يزيد عن 30 شاحنة في اليوم، وهو ما يعتبر نقطة في بحر الاحتياجات". وأشارت حمدان إلى أن "وكالة أونروا وزعت خلال الفترة الماضية 13 ألفاً من الخيام والشوادر، لكن الاحتياجات أكبر بكثير من الإمكانيات المتاحة، وما تم توزيعه على النازحين الفلسطينيين قليل للغاية، إذ يوجد قرابة 1.8 مليون نسمة في منطقتي الوسط والجنوب، ويتكدسون في مناطق ضيقة، وهو ما يزيد فرص انتشار الأمراض بالتزامن مع شح الأدوية والمستلزمات الصحية الأساسية".