الألغام والمقذوفات غير المنفلقة تهدد المحافظات العراقية

25 فبراير 2022
يُصنّف العراق من الدول الأكثر تلوثاً نتيجة انتشار الألغام (زيد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

جدّد مسؤولون عراقيون محليون في محافظات شمالي البلاد دعواتهم لإيجاد حلول لمشكلة الألغام والمتفجرات في مناطق عدّة من البلاد، خلّفت خلال الأيام الماضية عدداً من الضحايا، بينهم أطفال، معتبرين أنّ حجم تطهير المناطق من تلك المخلفات "ضعيف جداً".

ويُصنّف العراق من الدول الأكثر تلوثاً نتيجة انتشار الألغام والعبوات الناسفة، ويعود سبب ذلك إلى الحرب العراقية الإيرانية، إبان ثمانينيات القرن الماضي، وما أعقبها من الغزو الأميركي للعراق والعمليات العسكرية والإرهابية التي شهدتها البلاد طوال السنوات التي أعقبت هذا الغزو.

واليوم، الجمعة، دعا محافظ كركوك راكان الجبوري الحكومة في بغداد إلى تطهير مدن المحافظة من الألغام بعد ساعات من وقوع ضحية جديدة جراء انفجار لغم شمال غربي المحافظة، الواقعة على بعد 250 كيلومتراً شمال بغداد.

وقال الجبوري، في تصريحات للصحافيين، إنّ "محافظة كركوك تعاني من كثافة الألغام بنسبة عالية جداً، وتمّت مخاطبة الحكومة بضرورة تطهير الأراضي ومعالجة الألغام في المحافظة التي تسبّب أخطاراً كبيرة، لكن حجم تطهير الألغام في كركوك لم يزد عن 10 بالمائة فقط من المناطق الملوثة"، وأشار إلى أنّ "هناك عدداً كبيراً من الألغام المزروعة في مناطق المحافظة يحتاج إلى عمليات تطهير".

وخلال الأسبوعين الأخيرين، سجّلت محافظات عراقية حوادث قتل وإصابات طاولت عدداً من الأطفال والشباب، نتيجة انفجار ألغام أرضية، إذ قُتل طفل بانفجار لغم ببلدة البطحاء، في منطقة البادية بين محافظتي ذي قار والمثنى، سبقه بعدة أيام مقتل طفلين وإصابة 5 آخرين جرّاء انفجار لغم في بلدة الزبير بمحافظة البصرة، وقبله بيوم واحد قُتل طفل دون العاشرة من عمره بانفجار لغم ضمن الحدود الإدارية لمحافظة المثنى، كما قُتل راع للأغنام بحادث مماثل في محافظة المثنى، وقُتل في بلدة سنجار قبل ذلك بأربعة أيام فتى بانفجار لغم من مخلفات "داعش".

وعلى غرار ملفات أخرى، يقول ناشطون حقوقيون في بغداد إنّ آفة الفساد كانت سبباً في تعثّر حلّ مشكلة الألغام في البلاد، حيث تصل كلفة رفع اللغم الواحد إلى نحو 100 دولار في بعض المناطق الوعرة، وهو ما يدفع بعض الجهات الفاسدة داخل مؤسسات الدولة إلى الدخول على خط الجهود الرامية للتخلّص من الألغام من خلال إعلانات عن تطهير مناطق كاملة على عكس الواقع.

ويقول محمد منشد العيداني، وهو ناشط بيئي في البصرة، إنّ عددا من المنظمات المتخصصة بشؤون الألغام إلى جانب وزارة الداخلية، مسؤولة عن استمرار تسجيل خسائر شبه أسبوعية بين المدنيين بفعل الألغام.

ويضيف العيداني، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أنّ "مسألة الإعلان عن تطهير منطقة أو مساحة أرض من الألغام، ثم تسجيل انفجارات فيها يذهب ضحيتها أبرياء، يجب أن تُواجه من قبل القضاء على أنها ضمن جرائم القتل، لكن حتى الآن لم نرَ أي محاسبة أو تحقيق في انفجار ألغام ومقذوفات بمناطق يُفترض أنها مطهّرة كما تقول السلطات".

وطالب العيداني حكومة الكاظمي بفتح ملف الألغام وعمليات التطهير، "كونه ينطوي على كثير من شبهات الفساد"، على حدّ قوله.

من جهته، قال مسؤول في دائرة شؤون الألغام بوزارة الصحة والبيئة العراقية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوزارة تعمل ضمن خطط خاصة لإنهاء ملف الألغام في البلاد، لكنها لا تلمس تعاوناً من قبل وزارتي الدفاع والداخلية في هذا الملف".

مؤكداً أنّ "الملف يحتاج إلى تعاون ومتابعة من الحكومة لإنهائه بالشكل الصحيح، وفق الخطة المعدة سلفاً". 

ودعا الحكومة إلى "توفير الأجهزة الحديثة الخاصة برفع المخلفات الحربية"، مؤكداً أنّ "العراق كان ساحة للحروب على مدى سنوات طويلة، وأنّ مساحات شاسعة جداً ما زالت مليئة بالألغام والمخلفات الحربية، الأمر الذي يتسبّب بتسجيل ضحايا بشكل مستمر".

وتقدّر مساحة 1200 كيلومتر من الحدود العراقية الإيرانية ملوّثة بالألغام والقنابل، فضلاً عن وجود 90 منطقة ملوّثة إشعاعياً في جنوب البلاد بسبب اليورانيوم المنضّب الذي استخدمته قوات التحالف الدولي إبان حربها على العراق عام 2003، إلى جانب مخلّفات تنظيم "داعش" في المحافظات التي سيطر عليها في منتصف العام 2014.

المساهمون