الأفغان "ثقل كبير" مفيد لباكستانيين

28 أكتوبر 2023
حشود من اللاجئين الأفغان المغادرين على حدود باكستان (عبد المجيد/ فرانس برس)
+ الخط -

تستمر موجة عودة اللاجئين الأفغان من باكستان إلى ديارهم. وقالت وزارة شؤون اللاجئين في حكومة حركة "طالبان"، في بيان أصدرته في 24 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، إن نحو 20 ألف لاجئ أفغاني يدخلون البلاد يومياً، مؤكدة أنها تبذل قصارى جهدها لتوفير المساعدة اللازمة للعائدين الذين يواجهون مشاكل جمّة، أهمها عدم وجود مأوى ومواجهة البرد. وطالبت الوزارة المؤسسات الدولية بأن تعمل جدّياً لمصلحة اللاجئين وتزيد مساعداتها لهم، علماً أن هذه الحكومة تواجه ملفات عدة، بينها الكارثة الإنسانية التي نتجت عن الزلزال المدمر الذي ضرب ولاية هرات (غرب) في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وفي وقت يرى بعض الباكستانيين أن رحيل الأفغان سيؤثر إيجاباً على حياتهم من خلال زيادة فرص العمل اليومي، باعتبار أن عدداً كبيراً من أصحاب المصانع والأعمال كانوا يفضلون تشغيل الأفغان الذين يتقاضون أجوراً أقل من الباكستانيين، ويتمتعون أيضاً، بحسب رأيهم، بقوة ونشاط أكبر من الباكستانيين.

يقول الناشط الاجتماعي فرمان الله خان، الذي يسكن في مدينة بيشاور، لـ"العربي الجديد": "لا شك في أن وجود الأفغان في باكستان شكل ثقلاً كبيراً على كاهل الشعب، وأثرّ في كل القطاعات خلال العقود الماضية، خاصة التجارية والصناعية، فالأفغان سيطروا على أعمال كثيرة، وبعضها غير قانونية، مثل نقل العملة الصعبة من باكستان إلى أفغانستان، والبضائع الخارجية من أفغانستان إلى باكستان عبر طرق تهريب، كما شكلوا جزءاً كبيراً من العمال الذين حصلوا على أجور زهيدة، هي نصف أجور الباكستانيين تحديداً. أيضاً كان الأفغان يعملون ساعات طويلة مقارنة بالعمال الباكستانيين، ما جعل عدداً كبيراً من المحليين بلا عمل، لذا سيؤثر رحيل الأفغان على حياة الباكستانيين، خاصة العمال".
بدوره، يقول محمد كامران الذي يسكن في مدينة بيشاور حيث يعيش معظم اللاجئين الأفغان لـ"العربي الجديد": "تسبب وجود الأفغان في تبعات اجتماعية كثيرة على كل نواحي حياتنا، لذا سيؤثر رحيلهم إيجاباً على حياة الباكستانيين، ما يحتم الإشادة بقرار الحكومة الباكستانية إخراجهم. باكستان هي الدولة الوحيدة في العالم التي يدخل فيها من يشاء ومتى يشاء. والأفغان يفعلون ذلك بلا تأشيرة وبلا جواز سفر، وكأن لا حكومة في بلدنا. وهذه الظاهرة أدت إلى تفشي الفساد الاجتماعي، علماً أن الأفغان وقفوا وراء سرقات عدة، لذا حان وقت خروجهم وإبقاء فرص عمل للباكستانيين تمهيداً لتنظيم المجتمع".
في المقابل، يؤثر خروج الأفغان سلباً على شريحة أخرى من الباكستانيين، هم أصحاب العقارات الذين يؤجرون اللاجئين الأفغان منازل ومكاتب ومحال تجارية، والذي يبدون قلقهم الشديد من القرار، لا سيما أن بعضهم استثمروا في بناء منازل اعتبروا أنها مشاريع رابحة.

على طريق الخروج من باكستان (عبد المجيد/ فرانس برس)
على طريق الخروج من باكستان (عبد المجيد/ فرانس برس)

ويقول دين محمد، الذي يسكن في منطقة أبدره بضواحي مدينة بشاور، لـ"العربي الجديد": "شيّد ابني منازل وأجرّها لأفغان دفعوا مبالغ جيدة باعتبارهم يعتمدون على الأموال التي يرسلها ذووهم وأقرباؤهم من دول أوروبية وغربية. ومع خروجهم من هذه المنازل، أنا واثق من أن الباكستانيين لن يستأجروها، وإذا فعلوا ذلك فلن يدفعوا الأسعار ذاتها، ما يعني أن ابني لن يسترد الأموال الطائلة التي أنفقها على بناء المنازل".
ويذكر دين أن ابنه كان يؤجر المنازل لـ15 أسرة أفغانية، ذهب بعضها وأتت أخرى من دون أن يرى إلا الخير منها، "فالرجال كانوا يشتغلون ويكسبون المال، والنساء كانوا محجبات ومنقبات لا يخرجن من المنازل إلا للضرورة القصوى، من هنا لم نرَ أي شر منهم، وكان خيرهم للباكستانيين أكبر من ضررهم، واستفاد كثيرون من عيشهم في بلدنا، واليوم سيدفعون ثمن رحيلهم".

أيضاً، يقول زينت الله، وهو صاحب بقالة في منطقة باوكي بمدينة بيشاور ويعمل فيها أيضاً أخوه واثنان من أقاربه، لـ"العربي الجديد": "كسبت أموالاً كثيرة من البقالة التي كان معظم زبائنها من اللاجئين الأفغان الذين تعاملنا معهم بطريقة أخذ ما يحتاجونه طوال الشهر، وتسديد الأموال في نهايته. إذا خرج الأفغان فسنبقى بلا عمل، علماً أنه يعرف عنهم أنهم يصرفون الأموال على المنازل والطعام أكثر من الباكستانيين، من هنا سيُصاب بعض الباكستانيين بيأس من خروجهم".

المساهمون