استمع إلى الملخص
- **دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي**: سيركز المؤتمر على دور الذكاء الاصطناعي في تحسين التشخيص الطبي وتقليل الأخطاء، مع تقديم محاضرات وورش عمل حول استغلال التقنيات الحديثة.
- **شركة "استشارات غرب آسيا للمسؤولية الطبية"**: تأسست لدعم تطوير القوانين والأنظمة الطبية، وتقديم خدمات التوعية والتدريب لتعزيز مكانة الأردن كوجهة علاجية مميزة.
يستعدّ الأردن، وتحديداً العاصمة عمّان، لاستضافة مؤتمر في شهر فبراير/ شباط 2025 يتناول السياحة العلاجية والمسؤولية الطبية. هذا ما أعلنه المحاضر القانوني المتخصّص في القانون الطبي ناصر أبو رمّان، أمس السبت، أمام عدد من الإعلاميين، تقدّمهم مدير التلفزيون الأردني المخرج رائد عربيات. وكان أبو رمّان صاحب كتاب "مسؤولية الطبيب عن أفعال المساعدين" الصادر عن دار زين الحقوقية في بيروت، الذي استضاف الإعلاميين على مأدبة عشاء عمل، قد أشار أنّ لقاءه بهم "ليس مجرّد اجتماع عابر"، واصفاً إيّاه بأنّه "خطوة مهمّة نحو تطوير قطاعَيِ السياحة العلاجية والمسؤولية الطبية". وشرح أنّ هذَين المجالَين "يتطلّبان منّا جميعاً التفاني والعمل المشترك، لأنّ النجاح فيهما لا يتحقّق إلا من خلال تضافر الجهود وتكامل الأدوار".
وأفاد أبو رمّان بأنّ المؤتمر الذي تنوي شركة "استشارات غرب آسيا للمسؤولية الطبية" (WACML) تنظيمه بالتعاون مع مؤسسة محلية أردنية، يومَي 13 و14 فبراير 2025، سوف يجمع "نخبة من الخبراء والمتخصّصين من كلّ أنحاء العالم"، مبيّناً أنّ في مقدّمة هؤلاء رئيسة الاتحاد العالمي للسياحة العلاجية ديانا كويفاس التي سوف تقدّم "محاضرة مهمّة حول كيفية استقطاب مزيد من المرضى إلى الأردن". أضاف أنّ المؤتمر يمثّل "فرصةً حيويةً لمناقشة التحديات التي تواجه قطاع السياحة العلاجية في الأردن والمنطقة، وكيفية استغلال الفرص المتاحة لتطوير هذا القطاع".
وأوضح المحاضر القانوني المتخصّص في القانون الطبي أنّها المرّة الأولى التي يُجمَع فيها موضوعان حيويّان في مؤتمر إقليميّ واحد؛ هما قضية المسؤولية الطبية وموضوع السياحة العلاجية. وأشار أبو رمّان إلى أن شركة "استشارات غرب آسيا للمسؤولية الطبية"، التي أسّسها في إسطنبول والتي يشغل فيها منصب رئيسها التنفيذيّ، تقوم بعمل دؤوب وجاد من أجل أن يحظى المؤتمر المفصليّ بفرص النجاح كلّها، ويحقق المأمول منه من خلال العناوين اللافتة التي تحملها أوراق العمل المُدرَجة على جدوله.
وفي سياق الموضوعات التي من المتوقّع أن يناقشها المؤتمر والتي استعرضها أبو رمّان، الذكاء الاصطناعي ودوره في تحسين التشخيص الطبي وتقليل الأخطاء الطبية. وقد رأى أنّ التكنولوجيا الحديثة باتت تؤدّي "دوراً محورياً في تحسين جودة الخدمات الطبية والتقنيات الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي" التي من شأنها أن "تساعد الأطباء على تشخيص الأمراض بدقّة وسرعة كبيرتَين". ومن ثم، "سوف نقدّم في هذا المؤتمر مجموعة من المحاضرات وورش العمل التي تركّز على كيفية استغلال هذه التقنيات لتعزيز السياحة العلاجية في الأردن".
وبشأن حيثيات تأسيس شركة إقليمية متخصّصة في المسؤولية الطبية والتطلعات المرتبطة بها، قال أبو رمّان، الحاصل على شهادة دكتوراه من مصر حملت أطروحتها عنوان "مسؤولية الطبيب عن أخطاء المساعدين"، إنّ تأسيس الشركة جاء بعد "دراسة معمّقة لحاجات السوق والتحديات التي تواجهها الدول في غرب آسيا". أضاف: "نعلم جميعاً أنّ المنطقة تعاني نقصاً في التشريعات والبنية التحتية اللازمة لدعم قطاعات السياحة العلاجية والمسؤولية الطبية بصورة مستدامة، ومن هنا جاءت رؤيتنا لتأسيس شركة غرب آسيا لتكون شريكاً استراتيجياً للحكومات والمؤسسات الطبية في تطوير القوانين والأنظمة التي تعزّز استقرار القطاع الطبي، وترفع من مستوى الأمان للمريض".
وفي سياق استعراضه مجالات عمل شركة "استشارات غرب آسيا للمسؤولية الطبية"، قال أبو رمّان، العضو منذ عام 2021 في جمعية "مديكال بروفيشنال لايبلتي" (المسؤولية المهنية الطبية) في ولاية فرجينيا الأميركية، إنّ خدمات الشركة "تتمحوَر حول ثلاثة عناوين رئيسية". وشرح أنّ أوّل العناوين "تقديم خدمات التوعية والتثقيف، إذ نعمل على تثقيف العاملين في القطاع الطبي حول أهمية المسؤولية الطبية، وكيفية التعامل مع المرضى، بما يضمن سلامتهم ويقلّل من احتمالية الأخطاء الطبية. ونركّز في هذا الجانب على توعية الأطباء والممرضين وحتى الإداريين في المؤسسات الصحية، لأنّ المسؤولية الطبية لا تقتصر على الأطباء فقط، بل تشمل كلّ من يعمل في تقديم الرعاية الصحية".
أمّا العنوان الثاني الخاص بعمل الشركة ومسؤولياتها بحسب ما أفاد أبو رمّان، فهو "تقديم برامج تدريبية متخصّصة تستهدف الكوادر الطبية، من أطباء وممرّضين وصيادلة وغيرهم، بهدف تحسين قدراتهم وزيادة وعيهم حول التحديات التي يواجهونها يومياً في عملهم". وبيّن أنّ "برامجنا التدريبية تشمل ورش عمل ومحاضرات تقدّمها نخبة من الخبراء المحليين والدوليين في مجالات متعدّدة، مثل تحسين مهارات التشخيص الطبي، والتعامل مع الحالات الطارئة، والالتزام بأعلى معايير الجودة والسلامة في تقديم الخدمات الصحية".
وبخصوص العنوان الثالث، أفاد أبو رمّان أنّه "دعم التشريعات والسياسات الصحية". وأوضح: "نحن نعمل بصورة وثيقة مع الحكومات والمؤسسات التشريعية لتطوير القوانين المتعلقة بالمسؤولية الطبية وتحديثها. وكما تعلمون، فإنّ الأردن قد أصدر في عام 2018 قانون المسؤولية الطبية، وهو قانون مهمّ جداً يعزّز من مكانة الأردن وجهةً للسياحة العلاجية، ويؤمّن بيئة قانونية تحمي حقوق المرضى وتضمن جودة الخدمات المقدّمة لهم".
وفي الإطار نفسه، أشار أبو رمّان إلى أن الأردن كان سبّاقاً في مجال السياحة العلاجية. وشرح، في اللقاء الذي احتضنته مزرعته في مدينة السلط وسط الأردن، أنّ العائدات الوطنية لِهذا القطاع الحيوي وصلت إلى نحو مليارَي دولار أميركي في عام 2011. أضاف أنّ "الأردن كان يستقبل ما يزيد على 700 ألف مريض سنوياً من مختلف أنحاء العالم، إلا أنّ هذا القطاع الذي يحظى باهتمام ملكيّ، شهد، للأسف الشديد، تراجعاً في السنوات الأخيرة، إذ انخفضت عائداته إلى 400 مليون دولار وعدد المرضى إلى 300 ألف فقط".
وقد ختم أبو رمّان حديثه أمام ضيوفه الإعلاميين بالقول إنّ "الأردن ما زال يمتلك الإمكانيات التي تمكّنه من استعادة مكانته في مجال السياحة العلاجية. فعلى الرغم من تراجع الأرقام، ما زالت الكفاءات الطبية الأردنية في أعلى مستوى". وأكّد أنّ "الأطباء الأردنيّين معروفون في كلّ أنحاء العالم بمهارتهم وتفوّقهم في مختلف التخصّصات الطبية. ونحن هنا لا نتحدّث عن أرقام فقط، بل عن ثقة حقيقية تترسّخ في أذهان المرضى عندما يختارون الأردن وجهةً للعلاج. هذه الثقة نابعة من تجارب ناجحة وسمعة طيّبة بناها الأطباء الأردنيون على مرّ السنين".
وتابع المحاضر القانوني المتخصّص في القانون الطبي: "ولا ننسى أنّ الأردن يمتلك موارد طبيعية فريدة تميّزه من غيره من الدول. البحر الميت، على سبيل المثال، يحوي 12 نوعاً من الأملاح النادرة غير الموجودة في أيّ مكان آخر في العالم. ولهذه الأملاح خصائص علاجية مميّزة تجعل من البحر الميت وجهة مثالية للسياحة العلاجية. كذلك فإنّ الطين في البحر الميت يُستخدَم لتجديد نشاط الجسم، وهو أحد عناصر جذب المرضى من مختلف أنحاء العالم للعلاج في الأردن". لكنّه لفت إلى أنّ "مع ذلك، لم تُستَغَلّ هذه الموارد الطبيعية بالطريقة المناسبة، وثمّة حاجة ماسة إلى استراتيجية تسويقية فعّالة لتعزيز مكانة الأردن في هذا المجال". وشدّد على أنّ "من هنا تأتي أهمية المؤتمر، ومن هنا جاء سعينا لإقامته في بلدنا، وليس في إسطنبول أو أيّ مكان آخر".