لجنة برلمانية أردنية تطالب الحكومة بعفو عام وسط اعتراض حقوقي

10 يناير 2023
الاكتظاظ مشكلة كبرى تواجه مراكز الإصلاح والتأهيل في الأردن (خليل مزراوي/ فرانس برس)
+ الخط -

قال رئيس لجنة الحريات وحقوق الإنسان في البرلمان الأردني، بسام الفايز، اليوم  الثلاثاء، إنّ ملف العفو العام سيكون على طاولة مجلس الوزراء لدراسته بعد تقديم الطلب من اللجنة النيابية، لتدرسه بعد ذلك لجنة حكومية مختصة.

وأضاف الفايز، خلال تصريحات صحافية اليوم، بعد اجتماع اللجنة، مع وزيري الداخلية مازن الفراية، والعدل أحمد الزيادات، أن الحكومة استقبلت طلب اللجنة المتعلق بالعفو العام، مؤكداً تجاوب الحكومة مع الطلب، وأنه في حال لم يُتخذ قرار من الحكومة؛ ستتبنى اللجنة تقديم مقترح قانون عفو عام. 

الحقوقي أبو نجمة: تجربة الأردن بعد إصدار أكثر من 12 قانون عفو عام، تشير إلى أن الجرائم تتكرر من المجرمين ذاتهم

وفيما يتعلق بالموقوفين إدارياً والذين يبلغ عددهم حوالي 1800 موقوف، أكّد الفايز أن وزير الداخلية، مازن الفراية، وعد بالإفراج عن موقوفين إداريين ممن لا يشكلون خطراً على السلم المجتمعي. 

وأشار إلى بحث اللجنة مع وزيري الداخلية مازن الفراية، والعدل أحمد الزيادات موضوع الاكتظاظ في السجون، الذي أصبح مرهقاً للأجهزة الأمنية. 

وقال مدير مركز تأهيل وإصلاح الجويدة العقيد محمود الغياث في تصريحات سابقة إنّ الاكتظاظ هو المشكلة الكبرى التي تواجه مراكز الإصلاح والتأهيل في الأردن، لافتاً إلى وجود 21.725 نزيلاً في مراكز الإصلاح (17 مركزاً، من بينها مركز واحد للنساء) في الأردن، فيما طاقتها الاستيعابية 13.288 نزيلاً، بالتالي فإنّ نسبة الإشغال هي 163 في المائة من الطاقة الاستيعابية.

بدوره قال المدير التنفيذي لمنظمة محامون بلا حدود الدكتور صدام أبو عزام، لـ"العربي الجديد"، إن من إيجابيات العفو العام أنه يتيح للأفراد المشمولين بالعفو مراجعة أنفسهم وعدم تكرار الأعمال السابقة التي أودت بهم إلى السجن، والتخلص من القيود والسجلات الجرمية بحقهم. 

ويرى أبو عزام أن إصدار العفو العام يحتاج إلى دراسة عميقة ومتأنية، من قبل مجلس النواب والحكومة من أجل تحديد الجرائم المشمولة بهذا القانون، مشيراً إلى أن العفو العام لا يجب أن يشمل جميع الجرائم، وأن قوانين العفو العام تشمل في العادة الجرائم البسيطة، التي لا يوجد بها حق شخصي، أما الحق العام وهو حق الدولة، فيكون الردع العام قد تحقق. 

وقال يجب ألا يكون الاكتظاظ مبرراً للعفو العام، مشيراً إلى أنه لا توجد دراسة تحدد ما هي الجرائم التي تتسبب باكتظاظ السجون، وهذا يستوجب إجراء دراسة حول الجرائم التي تسبب الاكتظاظ، وهل يشملها العفو أم لا؟

العفو الخاص أكثر عدالة

وعبر المحامي والحقوقي حمادة أبو نجمة في حديث لـ"العربي الجديد" عن أسفه لموافقة الحكومة على بحث طلب العفو العام، مضيفاً أن البديل الحقيقي والأكثر عدالة هو العفو الخاص، إذا كانت الحكومة ترى أن العفو خطوة لمواجهة الاكتظاظ. 

وأضاف أن معظم دول العالم تعرف ما يسمّى بالعفو الخاص، وليس العام، وتجربة الأردن بعد إصدار أكثر من 12 قانون عفو عام تشير إلى أن الجرائم تتكرر من المجرمين ذاتهم، وفي ذلك ضياع لحقوق كثير من الناس، فقانون العفو العام يشجع سجناء وموقوفين على تكرار أفعالهم، وهو أيضاً، وإن كان مفيداً للعديد من الأشخاص، فهو يضيع حقوق أعداد أكبر، منهم ضحايا الجرائم وأسرهم، وفي حال تشريعه سيشكل ضربة للعدالة وسيادة القانون وانتهاكاً صارخاً للحق العام. 

وأشار إلى أنه في العادة هناك جرائم خطيرة يشملها العفو العام، مثل جرائم القتل والاغتصاب وهتك العرض، والرشوة والاختلاس، وقطع الأعضاء والتشويه وإحداث العاهات، والذم والقدح والتحقير، معتبراً أن العفو العام تغول على القانون وسيادته المفترضة، وتهميش لدور القضاء، في الوقت الذي يفترض في الدولة أن تحرص على أن تأخذ العدالة مجراها. 

ويرى أنه من غير المنطق تبرير التوجه نحو العفو العام بدعوى أن السجون متخمة بأعداد من المساجين تفوق طاقتها الاستيعابية، وأن العفو العام سوف يخفف الضغط عن السجون، فهذا التبرير تكرر في حالات العفو السابقة، الأمر الذي يعني أن تفريغ السجون هو تفريغ مؤقت لا يصمد طويلاً، خاصة أن السجون ما تلبث أن تعود للامتلاء من جديد، وفي ذلك ما يشير إلى أن الحل يكمن إما في معالجة أسباب تزايد الجرائم، أو في معالجة محدودية القدرة الاستيعابية للسجون.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

يشار إلى أن آخر عفو صدر في الأردن كان في عام 2018، واستثنى كل من جرائم التجسس والخيانة، والإرهاب، والقتل العمد، أو تجارة المخدرات، وهتك العرض. 

وبحسب الدستور الأردني فإن العفو العام يمر بمراحل حيث تضع الحكومة مشروع قانون وتحيله إلى مجلس النواب ليوافق عليه، ثم يحتاج إلى موافقة مجلس الأعيان قبل أن يصادق عليه الملك. 

المساهمون