الأردن: مؤسسات المجتمع المدني تنتقد مسوّدة قانون يضيّق سبل الحصول على تمويل

08 مارس 2023
من الجلسة النقاشية التي نظمتها "همم" في الأردن (العربي الجديد)
+ الخط -

انتقدت هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني الأردنية (همم) مسوّدة قانون التخطيط والتعاون الدولي لعام 2023 الذي أرسلته حكومة الأردن إلى ديوان التشريع والرأي والتي تضمّنت تضييقاً على تمويل مؤسسات المجتمع المدني بحجّة غياب ضوابط الموافقات لآليات التمويل، وإشكالية المدد المقترحة لطلبات المؤسسات للتمويل، وكذلك اشتراطات الموافقات المسبقة على المشاريع التنموية، والتوسع في صلاحيات مجلس الوزراء في الرقابة على القطاع الخاص والمجتمع المدني.

وجاء ذلك في جلسة نقاشية نظّمتها هيئة "همم"، اليوم الأربعاء، تناولت مسوّدة القانون، بمشاركة مؤسسات مجتمع المدني الأردنية وبعثات دبلوماسية وجهات مموّلة وناشطين في مجال حقوق الإنسان وممثلين عن جهات حكومية.

وأفادت "همم" في توصيات خرجت بها الجلسة بأنّ المجتمع المدني بمؤسساته كافة يشكو من ممارسات اتّسمت بتضييق حكومي متزايد وتدخّل في أعماله، من خلال استخدام المتطلب القانوني للموافقة على التمويل عموماً والتمويل الأجنبي خصوصاً، لا سيّما في السنوات العشر الأخيرة.

وأشارت الهيئة إلى أنّ المشروع أسند إلى وزارة التخطيط تنظيم آلية الموافقة على التمويل الأجنبي المقدّم من الجهات المانحة والدولية للجمعيات والشركات غير الهادفة للربح ومتابعته، مع عدم الإخلال بأحكام التشريعات ذات العلاقة، وفق المادة 1/11 منه، والعمل بنصوص قانون الجمعيات الذي تضمّن آلية للحصول على التمويل، موضحة أنّ ذلك يُحدث إرباكاً ويفاقم التحديات التي تواجه المجتمع المدني.

وانتقدت "همم" النصّ المقترح الذي "يحظر على أيّ مؤسسة أو جمعية أو شركة لا تهدف إلى تحقيق الربح، قبول أيّ مساعدات دولية مالية أو فنية أو عينية، بأيّ صورة كانت، إلا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها، بناءً على تنسيب الوزير"، مضيفة أنّ هذا الخلط لا يتوافق مع فكرة استقلالية المجتمع المدني، ويعارض نصّ المادة 16 من الدستور التي تحمي حقّ التنظيم وتشكيل الجمعيات والتي لا تضع قيوداً على هذا الحقّ سوى مشروعيّة غاياتها وعدم مخالفة نظمها للدستور. وأشارت الهيئة إلى أنّ القانون تُسنَد إليه صلاحية تنظيم عمل الجمعيات حصراً في مجالَي تأسيسها والرقابة على مصادر تمويلها.

وعن "التوسّع المسبق" في الموافقات، رأت "همم" أنّ ثمّة توسعاً ملحوظاً في هذا الجانب، من خلال النصّ على إلزامية الموافقة على المساعدات المالية والعينية والفنية، وموافقة مجلس الوزراء على السماح لأيّ خبير أجنبي من أيّ جهة مانحة أو دولية للعمل مع أيّ جهة حكومية أو خاصة.

وفي هذا الإطار، قالت منسقة هيئة منظمات المجتمع المدني (همم) عبير مدانات لـ"العربي الجديد" إنّ "هذه المسوّدة التي تقدّمها الحكومة تضيّق المساحة التي تعمل بها مؤسسات المجتمع المدني في البلاد"، مشيرة إلى أنّ "المطلوب من الحكومة أن تكون داعمة لمؤسسات المجتمع المدني وليس تقييد نشاط هذه المنظمات".

أضافت مدانات أنّه "في ظلّ محاولات الحكومة الحدّ من نشاطات مؤسسات المجتمع المدني، تُهدَر طاقات كثيرة، وتخسر البلاد منح تمويل خارجية كثيرة بسبب البيروقراطية الحكومية والتأخّر في إعطاء الموافقات على المشاريع المموّلة من الخارج".

من جهته، قال مؤسس ومدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، خلال الجلسة، إنه جرى وضع جملة قيود إضافية غير مبررة على عمل مؤسسات المجتمع المدني للحصول على التمويل، معتبراً ان ما تضمنته مسودة القانون ليست آليات تنظيم بل قيود على مؤسسات المجمع المدني.

أوضح: "الأصل أن لا يكون هناك قيود على مؤسسات المجتمع المدني، وحل للجمعيات ومراقبتها بيد القضاء، وليس قرارات إدارية"، وأضاف: "اذا كان لدى الحكومة ملاحظات حول بعض جهات التمويل فلتعلنها ومؤسسات المجتمع المدني ستلتزم"، مذكراً بتصنيف الأردن بدولة غير ديمقراطية، بسبب قيود تفرض على المجتمع المدني.

من جهته، قال مؤسس مركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور، في مداخلته، إنّ الأزمة ليست أزمة حكومة بشر الخصاونة فقط بل عقود من الأزمات ما بين الحكومة والجهات الأخرى، فالحكومات لا تعترف بالإعلام سلطة رقابة ولا تريد مجتمعاً مدنياً فاعلاً يقوم بالمساءلة ولا برلماناً مستقلاً فاعلاً، وثمّة محاولة لجعل رؤية أحادية فقط تسيطر على البلاد.

وفي الإطار نفسه، قال مساعد وكيل عام وزارة التخطيط أحمد الحويان، إنّ الحكومة تعدّ مؤسسات المجتمع المدني شريكاً أساسياً. وأضاف أنّ الحكومة أناطت قضية التمويل الأجنبي بوزارة التخطيط، ونحن نحاول تطوير الآلية القائمة للتمويل، لافتاً إلى أنّ انتقادات كثيرة أُثيرت في خلال الجلسة "ليست في محلها".

تجدر الإشارة إلى أنّ هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني الأردنية (همم) تضمّ مؤسسة أهل، ومركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، ومنظمة الشركاء-الأردن، ومركز حماية وحرية الصحافيين، ورشيد للنزاهة والشفافية (الشفافية الدولية-الأردن)، وشبكة الإعلام المجتمعي، ومركز العدل للمساعدة القانونية، ومركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، وجمعية معهد تضامن النساء، وجمعية النساء العربيات.

المساهمون