في واقعة جديدة لكنها متكررة، من وقائع الاعتداء على الأطباء في مصر؛ شهد مستشفى المطرية التعليمي، مساء الثلاثاء، اعتداء أحد المرافقين لحالة محجوزة بالمستشفى، على طبيب الرعاية المركزة محمد سامي، أثناء عمله وأسقطه أرضا، وأحدث به إصابات منها كسر بعظام الجمجمة ونزيف بالمخ وكسر بعظمة الترقوة وكدمات متفرقة بالوجه والجسم واضطراب بدرجة الوعي، خضع على أثرها الطبيب لعملية جراحية بالمخ.
وطبقًا لبيان رسمي صادر عن نقابة الأطباء المصريين، فقد جاءت الواقعة بعد رفض الطبيب دخول زوجة المعتدي، لزيارة أحد أقاربها بالمستشفى في غير موعد الزيارة بناء على التعليمات الإدارية، بعدها توجه المتهم إلى المستشفى واعتدى على الطبيب.
وتواصلت نقابة الأطباء مع إدارة المستشفى، التي حرّرت محضرًا ومذكرة بالواقعة ورفعتها لقسم شرطة المطرية الذي تعاون بدوره في الإجراءات.
وصباح الأربعاء، توجّه وفد من نقابة الأطباء برئاسة النقيب أسامة عبد الحي، لزيارة الطبيب المصاب والاطمئنان على حالته الصحية، والتأكيد على تقديم نقابة الأطباء كل سبل الدعم له، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لحفظ حقوق الطبيب ومحاسبة المعتدي.
ضم وفد نقابة الأطباء كلا من عضو مجلس نقابة الأطباء أحمد السيد، وعضوي مجلس نقابة أطباء القاهرة أحمد الديب وعبد الوهاب الشرقاوي.
وطالب نقيب الأطباء أسامة عبد الحي، بضرورة تأمين المستشفيات وتغليظ عقوبة الاعتداء عليها شأنها شأن كافة المؤسسات الحيوية بالدولة، معتبرا أن التأخر في هذا الأمر يضر بالمنظومة الصحية بطرفيها، وأن الطرف الأكثر ضرراً هو المريض نظراً لأن حوادث الاعتداء تعطل العمل بالمنشآت الصحية، وتدفع الأطباء للهجرة إلى الخارج بحثا عن بيئة عمل آمنة.
وشدّد نقيب الأطباء، على ضرورة تنفيذ العقوبات التي تصدر بحق المعتدين على الأطقم الطبية والمنشآت الصحية، حتى تكون رادعا لمن تُسوّل له نفسه ارتكاب هذه الجريمة.
ووجّه نقيب الأطباء خلال لقائه ووفد النقابة، بإدارة مستشفى المطرية التعليمي، الشكر لجميع أطباء المستشفى على قيامهم بواجبهم تجاه المرضى والوقوف إلى جانب زميلهم الطبيب، بقيادة محمد سليمان مدير المستشفى، وندا فاضل نائب المدير للشؤون الفنية، وعبد الوهاب الشرقاوي المدير المناوب.
كما ثمّن وفد النقابة دور الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية بقيادة محمد مصطفى، مشيدا بدور أجهزة الدولة المعنية في سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة، من تلقى البلاغ باسم المستشفى، وإلقاء القبض على المعتدي، تمهيدا لعرضه على النيابة العامة.
تأتي تلك الواقعة المؤسفة، في حلقة جديدة من سلسلة اعتداءات متكررة على الأطقم الطبية خلال السنوات الماضية، نتيجة غياب منظومة تشريعية حاسمة تمنع التعدي على المنشآت الطبية والأطقم العاملة فيها من أطباء وتمريض وغيرهم، ووسط مطالبات ملحة لانتظام تقديم الخدمة الصحية وضبط آليات التعامل بين مقدم الخدمة ومتلقيها في حالة حدوث ضرر طبي، وتغليظ عقوبة الاعتداء على الأطقم والمنشآت الطبية.
إذ يطالب الأطباء في مصر منذ سنوات بإقرار قانون للمسؤولية الطبية. وقد سبق للنقابة أن تقدمت منذ سنوات بمشروع قانون متكامل أسوة بالدول الأخرى، يكون الغرض منه الحد من نسبة حدوث الأخطاء وحصول المريض على حقه دون وقوع ظلم على الطبيب، وحماية المنشآت والأطقم الطبية العاملة.
وفي المقابل، قدّمت الحكومة المصرية قانونًا قوبل باعتراضات واسعة من قبل الأطباء والنقابة على حد سواء، لأنه حمل بنودًا بخصوص حماية الأطباء من الاعتداء عليهم أثناء تأدية عملهم، تجعل العقوبات الواردة بالمشروع غير كافية على الإطلاق ولا تحقق الردع المطلوب.
وينص القانون الجديد الخاضع للمناقشة البرلمانية والمجتمعية حاليًا، على أن عقوبات التعدي بالقول أو التهديد هي الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو غرامة لا تزيد عن عشرة آلاف جنيه، أما عقوبات التعدي بالقوة والعنف فهي الحبس مدة لا تزيد عن سنة واحدة أو الغرامة التي لا تتجاوز عشرين ألف جنيه، ولن يكون الحبس وجوبيًا إلا إذا تم استخدام عصي أو أسلحة فيكون الحبس مدة لا تقل عن سنة طبقًا للمواد رقم (14 و15) من نص مشروع القانون الجديد.
ويطالب الأطباء بمشروع قانون يلبي الحد الأدنى من مطالب حماية الأطقم الطبية من الحبس كعقوبة في الأخطاء الطبية الوارد حدوثها (سواء حبس احتياطي أو قضائي) ويحمي الأطقم الطبية والمنشآت والمستشفيات من جرائم الاعتداءات المتكررة.
وسبق أن أعلنت نقابة الأطباء المصريين، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، رفضها مشروع قانون المسؤولية الطبية المتداول، المقدم من نواب برلمانيين، وأكدت تمسكها بمشروع القانون الذي سبق أن تقدمت به للحكومة، وشددت على أنه في حال تمسك الحكومة بمشروع القانون المقترح؛ فإن نقابة الأطباء ستكون نبضاً يعكس رفض مئات الآلاف من أطباء مصر لهذا المشروع، وسيتخذ مجلس النقابة العامة للأطباء في سبيل ذلك جميع المسارات الشرعية والقانونية.