مع قرب موعد امتحانات نهاية العام الدراسي في الجزائر، يزداد الاهتمام بالدروس الخصوصية التي تستهدف تعزيز القيمة المعرفية للتلاميذ المقبلين على الامتحانات، وتضمن حصولهم على معدلات جيدة، لكنها تزيد أعباء العائلات بسبب كلفتها المرتفعة. أما الأساتذة في مختلف المراحل التعليمية فيجدون في احتياجات التلاميذ وتطلعات عائلاتهم فرصاً مناسبة لفتح أقسام خاصة بهذه الدروس، ونشر معلومات عنها عبر وسائط التواصل الاجتماعي تمهيداً لاستقطاب أكبر عدد من الطلاب من خلال عروض مميزة.
يقول رئيس جمعية أولياء التلاميذ في إحدى ثانويات محافظة تيبازة، خير الدين جبلي، لـ"العربي الجديد": "الفرق شاسع بين التدريس في مؤسسات التعليم الرسمية وتلك الخاصة، وتعتبر الدروس الخصوصية مهمة جداً لمنح التلاميذ شحنات تطور علمي مفيدة جداً لمستقبلهم، وهو ما اختبرته شخصياً مع ابنيّ اللذين دفعت مبالغ كبيرة لتخصيص ساعات إضافية لهما خلال عطلات نهاية الأسبوع وتلك السنوية، ما ساعدهما في التفوق دراسياً. واستطاع أحدهما دخول المعهد العالي للهندسة المدنية بعدما حصل على المرتبة الأولى في شهادة البكالوريا الوطنية، وكرمه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون".
واللافت أن وزارة التربية تعتبر "دروس الدعم وسيلة كسب غير قانونية، ونشاطاً غير مرخص يخل بالالتزامات المهنية للأساتذة، ويفسح في المجال للتلاعب بنتائج الامتحانات من خلال التركيز على دروس معينة". وتؤكد أيضاً أن "ممارسة هذا النشاط يحصل في أماكن غير مرخصة، ولا تعكس القيمة المعنوية للأساتذة والطلاب معاً، والرسالة النبيلة التي يقدمها الأساتذة تحديداً". أما جمعيات أولياء التلاميذ فتبدي تحفظها من احتمال تفشي الذهنية التجارية لدى الأساتذة، وتطالب بتوفير إطار بديل لدعم الدروس أو مراجعتها ضمن مجموعات في المؤسسات التربوية الحكومية للمساعدة في رفع المستوى التعليمي، ووقف استنزاف أموال العائلات مقابل مردود ضعيف.
ولا شك في أن الدروس الخصوصية تستنزف ميزانيات من العائلات المهتمة بضمان نجاح أبنائها، فكلفة الدروس التي تتراوح بين 60 دولاراً و100 دولار، قد لا يستطيع عدد كبير من العائلات تأمينها قبل حلول امتحانات نهاية السنة، تمهيداً لمنح أبنائهم فرصاً أكبر للتفوق في شهادة البكالوريا وضمان دخولهم الجامعات بمعدلات مقبولة.
وتؤثر قيمة هذه الدروس في ميزانيات العائلات متوسطة الدخل. ويقول نور الدين بلعروي، وهو تاجر من مدينة خميس مليانة بمحافظة عين الدفلى (غرب)، لـ"العربي الجديد": "اضطررت الى إدخال التكاليف والمصاريف الخاصة بالدروس الخصوصية لأبنائي الثلاثة في ميزانية العائلة، كونهم مقبلين على امتحانات حتمت تحويل تدريسهم من عملية لدعم تحسين مستواهم إلى عملية ضرورية لمستقبلهم. وقد تعرضت لضغوط بسبب تفوق زملاء لأبنائي يستفيدون من دروس دعم في كل المواد، ولم أجد إلا سبيل الموافقة على إدراجهم في حصص للدروس الخصوصية".
ويدافع كثير من الأساتذة الذين تحدثت معهم "العربي الجديد" عن ممارستهم نشاط التعليم خارج مؤسسات التعليم، ويؤكدون حاجة التلاميذ إلى هذه الدروس تحديداً، واضطرارهم إلى توفيرها بسبب ظروفهم الاقتصادية الصعبة وسط الظروف التي تعيشها البلاد وغلاء الأسعار والأجور الزهيدة التي يتقاضونها مقارنة بنظرائهم في الدول الأخرى. ويقول سمير، أستاذ مادة الفيزياء في الثانوية الجديدة بمدينة شرشال غرب الجزائر العاصمة، لـ"العربي الجديد": أدرّس ثلاث مرات أسبوعياً أكثر من 100 طالب يتوزعون على قسمين، علماً أنني أتلقى طلبات لإدراج عدد أكبر من التلاميذ، لكن المكان الذي أعمل فيه لا يتسع لعدد كبير من الطلاب، ما جعلني أحوّل جزءاً من مسكني الى قاعة تدريس كبيرة. والحقيقة أنني لم أفكر سابقاً في خوض هذا المجال، لكن الظروف التي عشتها والراتب الضعيف الذي أتلقاه دفعتني الى ذلك".
إلى ذلك، استأجر حسين ومحمد وعلي، وهم أساتذة في مواد مختلفة، طابقاً في مبنى، وتعاونوا في تسديد التكاليف، وخصصوه لتدريس أكثر من 150 تلميذا مقبلين على شهادة البكالوريا. ويقول محمد إن "الإقبال يزداد من سنة إلى أخرى، خاصة بعد التحسن الكبير الذي يظهر في مستوى الطلاب، علماً أن التدريس العادي قد لا يسمح بتقديم الدروس على أحسن وجه نظراً إلى ضيق الوقت ووجود عدد كبير من الطلاب داخل القسم الواحد. وقد خفف تطبيق نظام تقسيم التلاميذ من عددهم في الصفوف، لكنه زاد الضغوط على الأساتذة الذين اضطروا إلى التكيف مع إعطاء الدروس خلال 17 ساعة أسبوعياً بدلاً من 30. كما أن ذهنية التلاميذ تختلف على صعيد الإفادة من دروس الدعم باعتبار أن كلفتها أكبر وتتراوح بين 30 و50 دولاراً بحسب نوع المادة العلمية.