تتواصل هجرة العراقيين الأيزيديين إلى خارج العراق، وتحديداً نحو دول أوروبا، جراء المشاكل الأمنية المتفاقمة التي تستهدف أمنهم، وبسبب قيام عناصر حزب "العمال الكردستاني" بنشاطات مسلحة في مدينة سنجار، معقل الطائفة الرئيسي شمال العراق، ويتحدث مسؤولون وناشطون من سنجار ونواب عن محافظة نينوى، عن أجندات تسعى إلى إفراغ العراق من الأقلية الدينية الأيزيدية.
ويقول الناشط الأيزيدي من محافظة نينوى، كاميران شنكالي، لـ"العربي الجديد" إن "القرارات العراقية التي صدرت عقب تحرير مدينة سنجار من سيطرة تنظيم داعش، لم يتحقق أي شيء منها، بل على العكس سمحت الحكومة العراقية بأن تكون المدن التي يسكنها الأيزيديون مرتعاً وساحة لتواجد الفصائل المسلحة والتنظيمات الخارجة على القانون المدعومة من الدولة، إضافة إلى وجود وانتشار مسلحي حزب العمال"، مؤكداً أن "هناك حاجة لقرارات من المجتمع الدولي تضمن الحقوق الإنسانية للأيزيديين وضمان تمثيلهم السياسي وعدم التجاوز عليهم أو تهجيرهم".
وأكمل شنكالي أن "مدينة سنجار تخسر كل يوم عدداً من العوائل التي باتت تفضل اللجوء إلى أوروبا وكندا على البقاء في العراق، وتقوم الفصائل المسلحة وحزب العمال بشراء عقاراتهم بأسعار زهيدة، ناهيك عن الهجرة العكسية المستمرة للأهالي من المدينة إلى مخيمات إقليم كردستان، شمالي البلاد"، موضحاً أن "العراق لحد الآن لا يعتبر ما وقع على الأيزيديين بأنه "إبادة" برغم اعتراف عدد من برلمانات العالم بالإبادة الجماعية التي مورست بحق الأيزيديين".
من جهته، أكد الباحث في الشأن السياسي الكردي، شاديار قرداغ، لـ"العربي الجديد" أن "حزب العمال الكردستاني وانتشاره في سنجار والبلدات المحاذية للمدينة، يُعد أبرز الأسباب التي تؤدي في الوقت الحالي لهروب الأهالي الأيزيديين واختيار المنافي وإقليم كردستان، أو العيش في تركيا، فالحزب يمارس سلوكيات عبثية وانتقامية من الأهالي، بحجة هروبهم من مواجهة تنظيم "داعش" إبان اقتحام التنظيم للمدينة".
مشيراً إلى أن "الأهالي يريدون تطبيع الأوضاع في سنجار، من خلال سيطرة البيشمركة الكردية والجيش العراقي على الملف الأمني، فضلاً عن إدارة مدينة سنجار، والأحياء الأخرى في نينوى التي تتواجد فيها الأسر الأيزيدية، إلا أن الفصائل المسلحة الموالية لإيران ومسلحي "العمال" يعرقلون الاتفاقات الحكومية بين بغداد وأربيل بشأن سنجار".
ونفذ تنظيم "داعش"، مطلع آب/أغسطس 2014، عقب دخوله مدينة سنجار في محافظة نينوى شمالي العراق والغنية بالتعدد الديني والقومي، سلسلة جرائم مروعة تضمنت عمليات قتل جماعية وخطف للنساء طاولت الآلاف من أبناء الطائفة الأيزيدية، وخلفت مآسي كبيرة ما زالت لغاية الآن آثارها موجودة.
وقال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، محما خليل، الأسبوع المنصرم إن الحكومة العراقية والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية، مطالبة بوقف الإبادة الجماعية التي تمارس بحق الأقلية الدينية الأيزيدية"، متحدثاً عن "أجندة" في العراق تسعى إلى "إفراغ البلد من الأقلية الدينية الأيزيدية"، في إشارة إلى استمرار هجرتهم خارج البلاد.
وفي وقتٍ سابق، أعلن منسق التوصيات الدولية في حكومة إقليم كردستان العراق، ديندار زيباري، نزوح حوالي 1400 أسرة من قضاء سنجار، عكسياً، صوب مناطق ومدن الإقليم بسبب نشاطات حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، مبيناً في مؤتمر صحافي عقده في أربيل إن "الجهة الوحيدة التي عملت على تحرير الأيزيديين من قبضة داعش على مستوى العراق والعالم هي حكومة إقليم كردستان فقط، وجرى تحرير 3552 مختطفاً من الأيزيديين، وذلك بجهود حكومة الإقليم، وأن هذه الإحصائية خاصة بحكومة الإقليم".
كما أعلن مدير شؤون الديانة الأيزيدية في محافظة دهوك، جعفر سمو، أن نسبة الأيزيديين في إقليم كردستان والعراق انخفضت، مؤكداً في تصريحات صحافية، أن "100 ألف أيزيدي من أصل 500 ألف هاجروا إلى خارج البلاد بعد هجوم تنظيم داعش على مناطق الأيزيديين في سنجار، وأن 80 بالمائة من الأيزيديين نزحوا من مناطقهم في سنجار ويقطنون في مخيمات بإقليم كردستان ويرفضون العودة بسبب عدم الاستقرار في مناطقهم ووجود عدد من القوى خارج نطاق القانون".
واعتبر البرلمان العراقي في عام 2020 ما تعرض له أبناء المكون الأيزيدي على يد مسلحي "داعش" بأنه جرائم "إبادة جماعية"، وأقرّ قانوناً لإنصاف الضحايا عُرف بقانون "الإبادة الجماعية للأيزيديين"، ومن أهم بنود القانون، منح امتيازات مالية ومعنوية لتسهيل إعادة اندماج النساء من ضحايا التنظيم في المجتمع، ومن الناحية المالية يمنحهن القانون راتباً تقاعدياً وقطعة أرض سكنية، وأولوية في التوظيف إلى جانب استثناءات في ما يتعلق بشروط الدراسة، فضلاً عن جوانب أخرى تتعلق بإعادة الإعمار وتأهيل المناطق المنكوبة.
إلا أن القانون لم يلقَ حتى الآن مجالاً لتنفيذه بشكل كامل بعد تعثر حكومة مصطفى الكاظمي في تطبيق اتفاقية تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار الموقعة مع أربيل منذ عامين، حيث سبّب نفوذ مسلحي حزب العمال في عرقلة الاتفاق ومنع تنفيذه.