استمع إلى الملخص
- **ردود الفعل والتحديات**: لاقى المشروع استهجاناً من السوريين بسبب التكاليف الإضافية وأعباء المواصلات والانتظار، مع تخوفات من تغيير ديمغرافي وإلغاء رقم الخانة أو القيد.
- **آراء الموظفين والمواطنين**: يرى بعض الموظفين أن المشروع يسهل الخدمة الحكومية، بينما يعتبره آخرون باب رزق جديد للحكومة ويزيد الأعباء على المواطن بسبب ضعف البنية التحتية وسوء خدمة الإنترنت.
ناقشت حكومة النظام السوري في جلستها الاثنين الماضي، مشروع إلغاء دفتر العائلة واستبداله ببيان أسري، أو ما يُطلق عليه في دوائر النفوس "إخراج قيد عائلي"، وذلك في إطار تحديث عمل السجل المدني بما يواكب التطور في مجال المعلوماتية. ولم يكن هذا النقاش، الذي لم يأخذ صبغة القرار الرسمي حتى الآن، جديداً؛ فقد تم الحديث عنه منذ سنوات وكاد يُصبح العام الماضي رهن التنفيذ لولا أزمات نقص الورق وتكاليف إنتاجه أو استيراده، الأمر الذي انعكس سلباً على كامل قطاع المطبوعات الحكومية وخاصة في مجال التعليم.
قرار إلغاء دفتر العائلة يلقى استهجاناً
الكثير من السوريين استهجنوا مشروع القرار لما سيحمله من تكاليف استصدار البيان الأسري من طوابع وضرائب، بالإضافة إلى أعباء المواصلات والانتظار على طوابير النفوس أو النافذة الواحدة، في ظل خدمات إلكترونية سيئة. وتوجّس آخرون من تبعات هذا الإجراء وما يُخفيه من قضايا تتوافق مع مشروع الدولة لإلغاء رقم الخانة أو القيد من سجلات النفوس ليكونوا جميعاً في دائرة نفوس واحدة، بما يخدم الدولة في تجنيس مواطنين غير سوريين، مما قد يؤدي إلى تغيير ديمغرافي.
ومع شحّ المواد الأساسية المدعومة من الدولة، لا سيما في السنوات الأخيرة من الحرب التي ما زالت رحاها تطحن البلاد، بات الحصول على تلك المواد، لا سيما الخبز والغاز المنزلي ووقود التدفئة، مرتبطاً بالحصول على ما توصف بـ"البطاقة الذكية"، التي كانت تستوجب إبراز دفتر العائلة في السابق لإصدارها لتبيان عدد أفراد العائلة وكمية الاستحقاق من المادة، في حين سيتم لاحقاً إبراز البيان الأسري أو العائلي للحصول على تلك البطاقة.
موظف في دائرة نفوس دمشق قال لـ"العربي الجديد"، إنّ هذا المشروع "يخدم المواطن وهو في نطاق حوكمة البيانات وإنتاج (داتا) شخصية لكل أسرة يسهل من خلالها خدمة أي من أفرادها في أي دائرة حكومية دون العودة لسجلات الهيئات الإدارية، مثل المختار والنفوس والشؤون والصحة والهجرة والجوازات والنقل وغيرها"، مضيفاً أنّه "باختصار هذا الإجراء سيكون مقدمة لإنتاج بطاقة إلكترونية تُغني المواطن لاحقاً عن استصدار أي أوراق للمعاملات الورقية واستبدالها بورقة واحدة أو بطاقة إلكترونية".
وأوضح الموظف الذي طلب عدم ذكر اسمه: "في بداية أي مشروع ستكون هناك حالة من الإرباك والازدحام وربما طوابير جديدة، ولكن مع تحسن شبكات التواصل، سيجد المواطن في هذا المشروع فرصة للقضاء على البيروقراطية في العمل الوظيفي".
من جهته وصف ملهم أبو دقة، وهو صاحب مكتب تخليص معاملات في حديثه لـ"العربي الجديد"، هذا المشروع بأنه "باب رزق جديد للحكومة ومحصل الجباية الذي لا يخطط إلا لخدمة خزينة الدولة". وقال أبو دقة، إن "الحكومة تستورد الخطط والمشاريع من الدول المتقدمة وتحاول أن تفرضها على أرضية هشة، فعندما اعتمدت مشروع الدفع الإلكتروني لتخفف أعباء المواطن ومؤسسات الجباية، لم تدرس إقدرة المواطن أو الموظف على فتح حساب بنكي وتحويل راتبه إليه، ومن ثم دفع فواتير الهاتف والكهرباء وغيرها، ولم تدرس شكل الطوابير اليومية على مراكز الخلوي، أو اضطرار كل من يريد أن يستصدر ورقة من النفوس لدفع الضرائب عن طريق محلات الطوابع وانتظار شبكات النت لتستجيب، إلى جانب قضايا التكاليف والابتزاز وغيره، معتبراً أنه "كان الأجدى بالحكومة أن تؤمّن الأرضية المناسبة، قبل أن تزيد الأعباء والضغوط على المواطن، فهي لا تُدرك تكاليف التنقلات والاتصالات وانعكاسات ساعات الانتظار في طوابير على المواطن".
ولفت سعيد الحناوي، وهو مواطن من محافظة السويداء جنوبي البلاد، إلى أنّ "تكاليف أي ورقة رسمية من أي دائرة هي شيء لا قيمة له عملياً، لكن يبدو أن حكومة النظام السوري وجدت فرصة للتخلص من عبء الورقيات، وباباً جديداً للضرائب"، وفق قوله، مستدركاً أنّ "هذه الخطوة جيدة عملياً في حال كان وضع البلاد جيداً من بنية تحتية مناسبة".
وتُروّج حكومة النظام السوري لتطبيق خطة للاعتماد على الشبكة الإلكترونية في ما يخص جميع معاملات الدولة، لكن ذلك يصطدم بعقبات هشاشة نظام الشبكة وتوقفه بشكل مستمر، وسوء خدمة الإنترنت لتشغيل النظام وتوقفه، بالإضافة إلى الانقطاع المستمر للكهرباء اللازمة لتشغيل الحواسيب وتقديم الخدمة، وغالباً ما يشتكي المقيمون في مناطق سيطرة النظام من المراجعات المتكررة لدوائر الدولة لاستصدار ورقة، يحتاج إصدارها في الحالة الطبيعية دقائق.
يُذكر أنّ مشروع الحكومة الإلكترونية في سورية قد أقر عام 2008 دون أن يطبق عملياً حتى الآن، وهو من المشاريع التي عمل عليها لوقت طويل، وتتطبق بحالات ضيقة تبعاً للحالة العامة للبلاد.