أصبحت الحالة المرورية في قطاع غزة الذي لا تزيد مساحته الجغرافية عن 365 كيلومتراً مربعاً، ويعيش فيه قرابة 2.2 مليون نسمة، مشابهة للكثير من المدن والعواصم المرورية المشهورة بالازدحام المروري.
ولا توجد في القطاع طرق سريعة لحركة السيارات والمرور، باستثناء طريقين فقط هما شارع صلاح الدين الذي يربط أقصى جنوب القطاع بشماله وشارع الرشيد الساحلي، وكلا الطريقين عملت دولة قطر على إعادة تأهيلهما ضمن المنح التي قُدمت لغزة.
أما داخل المدن فتوجد الكثير من الطرق التي تحتاج إلى إعادة تأهيل، حيث إن بعضها مضى عليه عقود وأصبح متهالكاً، فيما البعض الآخر لم يجر من الأساس تنفيذ عملية تعبيد له مع حالة التوسع السكاني الكبير خلال العقدين الأخيرين.
ويشعر المواطنون في القطاع بحجم الأزمة المرورية بشكلٍ واضح في الفترة الأخيرة، مع زيادة الأوقات التي يحتاجونها في التنقل لقضاء مواعيدهم، فقد تضاعفت المدة الزمنية لذلك، فضلاً عن التزاحم الشديد في أوقات المناسبات الوطنية أو مواسم الأعياد.
إضافة إلى ذلك، باتت أخبار حوادث السير والإصابات والوفيات أمراً شبه متكرر، وبشكل شبه يومي، مع تفاوت معدلات الوفاة والإصابات خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، في الوقت الذي يخشى فيه سكان القطاع من ارتفاعها خلال الفترة المقبلة
ويطلق البعض في قطاع غزة وصف أن السيارات باتت تضاهي أعداد السكان، أو أن لكل شخص سيارة، بالتزامن مع استمرار استيراد السيارات من الخارج، وعدم إتلاف السيارات التي يزيد عمرها عن 20 عاماً والتي تعمل بنظام الأجرة.
سجل القطاع منذ بداية عام 2022 وحتى منتصف نوفمبر الجاري 39 حالة وفاة بسبب حوادث المرور والسير
وإلى جانب ذلك، تضاف منافسة السيارات "الملاكي" (الخاصة) لعمل "سيارات الأجرة" في نقل المواطنين، وهو ما يعزز من حجم الأزمة المرورية بشكل كبير وملحوظ، فيما تبرر الجهات الحكومية عدم منعها بالظروف الاقتصادية الصعبة للقطاع.
في هذه الأثناء، يقول نائب مدير عام الإدارة العامة للمرور في غزة، إبراهيم أبو جياب، إن مساحة القطاع صغيرة، فلا تزيد إجمالي المساحة الطولية له عن 45 كيلومتراً مربعاً فيما لا تزيد المساحة العرضية عن 5 إلى 6 كيلومترات.
ويضيف أبو جياب لـ"العربي الجديد" أن القطاع يعتبر غابة حجرية، بالتزامن مع اهتراء في البنية التحتية، إلى جانب الاستهداف المتكرر لها من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال الحروب وجولات التصعيد، فضلاً عن محدودية الشوارع وازدياد المركبات.
ويقدر نائب مدير عام الإدارة العامة للمرور أعداد المركبات الموجودة في القطاع بقرابة 76 ألفاً، تتنوع بين مركبات كبيرة ومتوسطة وصغيرة، بالتزامن مع توجه عدد كبير من المواطنين للعمل في مهنة السياقة، كمهنة متوفرة ومتاحة في ظل ارتفاع معدلات البطالة.
ووفقاً لأبو جياب، فإن القطاع سجل منذ بداية عام 2022 وحتى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 39 حالة وفاة، بسبب حوادث المرور والسير، فيما سجل عام 2021 قرابة 53 حالة وفاة، أما عام 2020 فسجل 48 حالة وفاة، و61 حالة وفاة عام 2019 .
ويشير إلى أن الواقع الاستثنائي الذي يعيشه القطاع، مقارنة ببقية مدن العالم، يفرض تعاملاً مختلفاً، حيث تلجأ إدارة شرطة المرور للشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني والعشائر لتعزيز التوعية بالثقافة المرورية، ومحاولة خفض حوادث السير.
ويخلو القطاع بشكل كامل من "الجسور" أو "الأنفاق" الأرضية المخصصة لمرور السيارات والمركبات، إضافة إلى مزاحمة شاحنات النقل الكبيرة الخاصة بالبضائع للمركبات العادية على الطرق ما يعزز من الأزمة المرورية.
إلى ذلك، يقول عضو مجلس إدارة جمعية فلسطين للسلامة المرورية أحمد جودة إن المساحة الجغرافية المحدودة للقطاع لا تسمح بإقامة طرق فرعية مخصصة للنقل الثقيل أو سيارات الأجرة، أو المملوكة بشكل خاص.
ويوضح جودة لـ "العربي الجديد" أن حالة البطالة التي يعاني منها القطاع، وسهولة الحصول على رخصة القيادة، وسهولة شراء السيارات بنظام التقسيط، ساعدت في ارتفاع معدلات السيارات التي تعمل في غزة خلال الفترة الأخيرة.
وبحسب عضو مجلس إدارة جمعية فلسطين للسلامة المرورية، فإن نسبة السيارات الخاصة المعروفة بـ "الملاكي" والتي تعمل في مجال النقل تصل لقرابة 50% من إجمالي السيارات التي تعمل على نقل المواطنين وهي نسبة مرتفعة.
أما عن أعداد حوادث المرور، فيلفت جودة إلى أن العام الحالي سجل إلى نوفمبر الجاري 1500 حادث سير، في حين سجل عام 2021، قرابة 2461 حادثاً، أما عام 2020 فسجل 2342 حادث سير، في حين سجل عام 2019 2937 حادث سير.