ارتفاع حوادث السير في غزة

16 فبراير 2022
تبعات الإصابة تلازم الناجين طويلاً (محمد الحجار)
+ الخط -

تكثر أعداد الإصابات التي توردها الإدارة العامة لشرطة المرور والنجدة في قطاع غزة، مع الأرقام المرتفعة لحوادث السير المسجّلة. ولا يقتصر الأمر على الإصابات بجروح مختلفة قد يؤدّي بعضها إلى إعاقات دائمة أو مؤقتة، إذ تُسجّل كذلك حالات وفيات وإن لا تُعَدّ مرتفعة.
عمر سويلم من بين الضحايا الأخيرين الذين سقطوا في حوادث السير، وهو شاب في السابعة والعشرين من عمره قضى في مدينة خان يونس جنوبي القطاع في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، من جرّاء انزلاق دراجته النارية. يُذكر أنّه كان حالة الوفاة الخامسة التي سُجّلت في أسبوع واحد إلى جانب 22 إصابة، من بينها اثنتان خطرتان، وذلك في سياق 59 حادث سير.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وكانت حوادث السير في قطاع غزة قد ارتفعت أخيراً لتبلغ 2461 حادثاً في عام 2021، لقي فيها 53 شخصاً مصرعهم، 31 منهم دون 18 عاماً. وتعرّض 1315 آخرون لإصابات بجروح مختلفة، 51 منها خطرة و506 متوسطة و758 تُعَدّ جروحاً طفيفة. وقد تضررت بفعل حوادث السير تلك 3527 مركبة من مختلف الأنواع، من بينها 325 دراجة نارية.
آية خضر ضحية أخرى من ضحايا حوادث السير في غزة في العام الماضي، هي تبلغ من العمر 24 عاماً وقد قضت بعدما صدمتها مركبة وهي تجتاز شارع صلاح الدين شرقي المحافظة الوسطى. يُذكر أنّ الكاميرات رصدت الحادث ونقله الغزيون على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أتى صادماً بالنسبة إلى أهلها وأصدقائها وأقاربها وتسبّب في حالة حزن كبيرة على الشابة التي كانت قد تخرّجت من الجامعة قبل أشهر قليلة.

الصورة
حادث سير في غزة 2 (محمد الحجار)
تختلف الإصابات لكنّها تؤلم مهما كانت درجة حدّتها (محمد الحجار)

من جهته، أصيب فادي سعدان البالغ من العمر 32 عاماً بإعاقة في ساقه اليسرى بعد إصابته بحادث سير قبل نحو عام، وهو يقود سيارته في أحد الشوارع الرئيسية بمدينة خان يونس. ولا يخفي سعدان أنّ حياته اختلفت كثيراً مذ ذلك الحين. أمور كثيرة كان يأتي بها صارت صعبة عليه، لا سيّما التردّد إلى البحر ومزرعة والده. كذلك رفضت أكثر من شابة الارتباط به بسبب إعاقته تلك. فأهله سعوا جاهدين إلى دفعه إلى تأسيس عائلة تنسيه هموم الإعاقة وتغيّر حياته، لكنّه يعيش ظروفاً نفسية صعبة في الوقت الحالي.

يقول سعدان لـ"العربي الجديد" إنّ "حوادث السير صارت مرعبة في غزة"، لافتاً إلى أنّه "منذ الحادث، لم أقترب من الشارع الذي وقع فيه". ويخبر كيف أنّ "سيارة مسرعة ارتطمت بسيارتي وقد انزلقت"، مؤكداً أنّ "المأساة لا تتوقّف هنا، إذ ثمّة أضرار نفسية إلى جانب رحلة العلاج الجسدي الصعبة. ونحن نعيش في بيئة كئيبة جداً، لذا وجدت نفسي ملازماً الفراش في معظم الوقت".

الصورة
حادث سير في غزة 4 (محمد الحجار)
الإصابة النفسية تلازم الناجي (محمد الحجار)

أمّا نشأت عاطف البالغ من العمر 43 عاماً، فقد أصيب في حادث اصطدام سيارة بشاحنة بضائع كبيرة في شارع صلاح الدين شرقي غزة في يوليو/ تموز الماضي. هو كان يبيع السجائر في المنطقة على بسطة صغيرة، وقد انزلقت السيارة في اتجاهه ودمّرت بسطته وأصابته في يده وصدره. ولا تتوقف معاناة عاطف عند الحادث والإصابة والعلاج، فهو واجه صعوبات كثيرة إذ إنّ السيارة والشاحنة لم تكونا مؤمّنتَين ولا هو يستفيد من تأمين. لذا اضطر إلى البحث عن توفير نفقات علاجه، لا سيّما أنّه فقد مصدر رزقه ورزق عائلته المؤلفة من سبعة أفراد، وهو مستمر في "رحلة العلاج الصعبة". يُذكر أنّ عاطف اضطرّ قبل نحو خمسة أعوام إلى التخلّي عن عمله كسائق سيارة أجرة بعد حادث سير خلّف لديه إصابات طفيفة. ويقول عاطف لـ"العربي الجديد" إنّ "شوارع المدينة رديئة، إذ تغيب الإنارة فيؤثّر انقطاع التيار الكهربائي على حركة السير"، لافتاً إلى أنّ "السائقين في غزة يلجأون إلى عاكسات إنارة فسفورية ليتمكّنوا من رؤية المركبات أمامهم". يضيف عاطف: "كنت سائقاً في وقت سابق، لذا أعلم أنّ الإمكانات قليلة في غزة، والبنى التحتية ضعيفة، كذلك هي حال الطرقات. لذا فإنّه من الطبيعي أن تزيد حوادث السير، في غياب المعالجات".

الصورة
حادث سير في غزة 3 (محمد الحجار)
الأضرار المادية تبقى أقلّ وطأة من سواها (محمد الحجار)

في سياق متصل، يقول مفتش عام حوادث المرور في الإدارة العامة لشرطة المرور والنجدة في قطاع غزة مصطفى الشاعر لـ"العربي الجديد" إنّ "السبّب الأوّل لحوادث السير هو السرعة الزائدة، خصوصاً في ساعات الليل. حينها يُسجَّل النصيب الأكبر من إجمالي الحوادث. أمّا السبب الثاني فهو القيادة بعكس السير، والثالث تجاوز الإشارة الحمراء، خصوصاً في شارع عمر المختار الذي يربط قطاع غزة من شماله إلى جنوبه. والسبب الرابع هو القيادة من دون رخصة".

قضايا وناس
التحديثات الحية

تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة النقل والمواصلات في غزة والإدارة العامة لشرطة المرور والنجدة عمدتا إلى جمع هياكل سيارات محطّمة ودراجات نارية وبقايا حطام مختلف في خلال الحوادث، وعرضتاها عند مفترقات الطرقات الرئيسة في شوارع قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من ضمن حملة للتوعية بمخاطر القيادة ومخالفة القانون.

المساهمون