أقيمت احتفالات رأس السنة الأمازيغية في عموم البلدات والولايات في الجزائر، اليوم الجمعة، بتنظيم أنشطة متنوعة ومعارض تبرز التراث الثقافي ومختلف التقاليد والعادات الشعبية الخاصة بالثقافة والهوية الأمازيغية.
وتنوّعت مظاهر الاحتفالات الشعبية والرسمية، إذ أحيت العائلات في منطقة غرداية وسط الجزائر، التي يسكنها جزء من الأمازيغ (الإباضية)، رأس السنة الأمازيغية، بطهي الطبق التقليدي المعروف بـ"رفيس" الذي تتزين به المائدة بالمناسبة، فيما شهدت منطقة البليدة قرب العاصمة إقبالا كبيرا على محلات بيع" الدراز"، وهو خليط من الحلويات والفواكه الجافة والشكولاتة والمكسرات، ومن أبرز مظاهر إحياء "يناير".
"سوق يناير"
أما في مدينة تيزي وزو، عاصمة منطقة القبائل (الأمازيغ) في الجزائر، فقد أقيم سوق للمقتنيات والمصنوعات التقليدية والتراثية، باسم "سوق يناير"، يضم بعض المأكولات والمواد التي تستخدم في تحضير "إيمنسي نيناير" (عشاء يناير) التقليدي، والذي يطهى خصيصا للاحتفال برأس السنة الأمازيغية، مثل الكسكس والشرشم" (قمح وبقول جافة مطبوخة في الماء)، والمردود (أو بركوكس)، إضافة إلى مختلف أنواع السلال والقفف المصنوعة من القصب، وغيرها من الأواني الفخارية الجميلة لطهي عشاء يناير وتزيين موائد الاحتفالات.
وإضافة إلى المظاهر الشعبية والاحتفالات المحلية، تحظى السنة الأمازيغية باحتفاء رسمي.
وفي السياق، هنأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الشعب الجزائري بمناسبة حلول العام الأمازيغي الجديد، وكتب على حسابه الرسمي بمواقع التواصل الاجتماعي: "أتمنى كل الخير والبركات للجزائريات والجزائريين، داخل الوطن وخارجه، بقدوم العام الأمازيغي الجديد. دام للجزائر عزّها وشموخها. أسقاس أمقاس".
ويكتسي الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أو "يناير" بعداً زراعياً، حيث يقترن بالدورات الزراعية التي تعلن عن بداية فصل الشتاء بهذه المنطقة ذات المناخ الجاف. ويعكس إحياء هذه المناسبة في عموم مناطق البلاد مدى تشبث الجزائريين بعادات وتقاليد الأجداد، وتوارث هذا التراث اللامادي الذي ينتقل من جيل إلى آخر. وفي عام 2018 قرّرت الحكومة الجزائرية إدراج رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية في الجزائر، احتفاء به في خطوة تصالح عميقة مع الهوية المحلية، بعدما كانت قد أقرت في دستور عام 2016 اللغة الأمازيغية لغة وطنية ورسمية.
وفي المدارس والمؤسسات التعليمية والشبابية، كانت قد انتظمت احتفاليات شارك فيها التلاميذ الذين قدموا مسرحيات من وحي المناسبة، وحرصت على أن يرتدي التلاميذ اللباس التقليدي الخاص بكل منطقة، لتعليم الناشئة ضرورة الحفاظ على التقاليد والعادات واللباس، بوصفه يمثل رصيدا ثقافيا للشعب.
وأقيمت بالمناسبة ندوات فكرية تبحث في تاريخ الثقافة والهوية الأمازيغية، كان من بينها نقاش مع الكاتب الطاهر حليسي حول استخدامه الرموز الأمازيغية في رواياته، كما جرى توزيع جائزة رئيس الجمهورية للكتابة باللغة الأمازيغية، في الشعر والقصة والرواية.
وخلال السنوات الأخيرة، بدأ بروز جدل يرافق الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، إذ ترفض بعض المجموعات الدينية السلفية الإقرار بهذا الاحتفال وتعتبره مجرد خرافة، وأنه شكل من أشكال محاولات تقسيم المجتمع الجزائري وتوظيف الهوية الأمازيغية بصورة سياسية، خاصة منذ الإقرار الرسمي للسنة الأمازيغية عام 2018.