احتجاجات في مستشفيات الضفة الغربية بسبب "تشهير" مسؤول بأطباء من جنين

28 اغسطس 2023
عند أحد مستشفيات جنين خلال العدوان الإسرائيلي الأخير (عصام الريماوي/ الأناضول)
+ الخط -

تتواصل الاحتجاجات في المستشفيات الحكومية بالضفة الغربية، اليوم الاثنين، بدعوة من نقابة الأطباء الفلسطينيين، وذلك تنديداً بـ"تشهير" أحد المسؤولين في وزارة الصحة الفلسطينية بأطباء من جنين، في أحد المؤتمرات الطبية الدولية، واتهامهم بارتكاب "خطأ طبي" خلال إجرائهم عملية جراحية، من دون أن يقدّم ذلك المسؤول أيّ أدلة ذات صلة.

وقال رئيس اللجنة الفرعية لنقابة الأطباء - فرع جنين وأمين سرّ نقابة الأطباء الفلسطينيين في الضفة الغربية طارق أبو الرب لـ"العربي الجديد" إنّ "نقابة الأطباء علّقت، أمس الأحد، العمليات المبرمجة في جنين، احتجاجاً على ما قام به الوكيل المساعد في وزارة الصحة ونقيب الطبّ المخبري أسامة النجار أمام وزيرة الصحة مي الكيلة، خلال مؤتمر دولي للطب المخبري عُقد في نهاية الأسبوع الماضي في مدينة رام الله. فهو شهّر بأطباء من جنين أجروا عملية جراحية لمصابة برصاص قوات الاحتلال، مطالباً بتشكيل لجنة تحقيق لمتابعة الموضوع، من دون امتلاكه دليلاً (على الخطأ الذي ادّعى وقوعه)".

وأضاف أبو الرب أنّ النجّار "لم يتطرّق إلى قوات الاحتلال التي كانت سبباً في إصابة تلك الموظفة في وزارة الصحة"، مشيراً إلى أنّ "ذلك المسؤول اتّهم الأطباء أمام دبلوماسيين ومسؤولين أجانب، على الرغم من أن الأصول تقتضي عدم الاتهام إلا عبر جهات الاختصاص".

وأكد أبو الرب أنّ "الأطباء حاولوا إنقاذ حياة المصابة واضطرّوا إلى استئصال كليتها بسبب نزيف، لكنّ ذلك المسؤول عمد إلى التشهير بهم، من دون دليل وفي مكان ليس مناسباً لاتّهام الأطباء"، ورأى أنّ "المطلوب الآن هو إعادة الاعتبار للأطباء، وحضور وزيرة الصحة إلى جنين، أو انتداب ممثّل لها، لكنّ ذلك لم يحدث حتى الآن".

ولفت أبو الرب إلى أنّ "فعاليات تضامنية نُفّذت، أمس الأحد، في مستشفى رفيديا الحكومي بنابلس وفي مستشفى ثابت ثابت الحكومي بطولكرم. وفي ظلّ عدم الاستجابة لمطلب النقابة، أُقرّت فعاليات احتجاجية، أبرزها وقف العمليات المبرمجة، ووقف العمل في العيادات الخارجية بالمستشفيات الحكومية". وأوضح أنّ ذلك "يستمرّ حتى مساء الخميس المقبل، من أجل ردّ الاعتبار للأطباء، والمطالبة بحقوقهم وحقوق أخرى تصبّ في مصلحة الطبيب والمريض، وكذلك محاسبة المسؤول بما يقتضيه القانون، حتى لا يشعر الطبيب بأنّ الوزارة تخلّت عنه".

وكانت نقابة الأطباء الفلسطينيين قد أصدرت بياناً، ليلة أمس الأحد، شدّدت فيه على أنّها الأشدّ حرصاً على سلامة المرضى والجرحى، وعلى أنّها كانت السبّاقة لطلب لجنة تقصّي حقائق تنشر نتائجها علناً أمام الرأي العام.

ودانت النقابة ما وصفته بأنّه أسلوب "غير مسؤول"، عمد من خلاله "من نصّب نفسه جراحاً وقاضياً وحكماً" إلى "الجزم بوقوع خطأ طبي قبل تشكيل أيّ لجنة تحقيق أو تقديم شكوى، مخالفاً بذلك كلّ القوانين المرعية الإجراء".

واتّخذت نقابة الأطباء قراراً بمطالبة مجلس الوزراء ووزارة الصحة باتّخاذ المقتضى القانوني في حقّ من أساء إلى الأطباء، وقراراً آخر بمقاطعة المسيء وعدم التعامل معه بأيّ شكل من الأشكال من قبل النقابة والمنتسبين إليها.

وأعلنت النقابة وقف العمليات المبرمجة، ووقف العمل في العيادات بكلّ مستشفيات وزارة الصحة حتى مساء يوم الخميس المقبل، مشيرة إلى أنّ مجلسها في حالة انعقاد دائم لتقييم الوضع والإجراءات المتّخذة في حقّ المسيء. وأضافت نقابة الأطباء أنّه في حال عدم الاستجابة لمطالبها، التي سطّر بها كتاب لمجلس الوزراء ووزارة الصحة والنيابة العامة، سوف تلجأ إلى إجراءات نقابية صارمة.

في هذا الإطار، عندما طلب "العربي الجديد" من الوكيل المساعد في وزارة الصحة أسامة النجار تعقيباً على ما وجّهته نقابة الأطباء الفلسطينيين إليه من اتّهامات، اكتفى بالإشارة إلى بيان لنقابات المهن الصحية الفلسطينية التي طالبت بإجراء تحقيق طبي حول ما جرى مع المصابة برصاص الاحتلال سالي البيطار أثناء علاجها، وتبيان الحقيقة كاملة وعدم إخفائها، ومحاسبة المقصّرين، في حال وُجد إهمال طبي في حقّها.

وفي بيانها، شدّدت النقابات على ضرورة إجراء تحقيق نزيه وصادق وشفّاف، بدلاً من "تهرّب (الأطباء) من إجراء التحقيق بمنع الخدمة الطبية عن أبناء الشعب الفلسطيني، وإغلاق العيادات والعمليات المبرمجة، والمسّ بحياة أبناء الشعب الفلسطيني، كما عادتهم عند كلّ إجراء قانوني يستهدف خللاً ما عندهم، للهروب من الحقيقة وإخفائها".

كذلك أشارت نقابات المهن الصحية الفلسطينية إلى أنّها قادرة على الإضراب الشامل، لكنّها تنأى بنفسها عن معاقبة الشعب الفلسطيني والمرضى بأيّ وقف للخدمات الصحية، مؤكدة أنّها تلتزم بالقانون الذي تضرب به نقابة الأطباء عرض الحائط. وأكّدت النقابات أنّها سوف تتابع من كثب إجراءات التحقيق الخاص بالمصابة سالي البيطار، وسوف تنتظر نتائج ذلك التحقيق.

وشدّدت النقابات على أنّ أيّ مساس بأيّ شكل كان برئيس اتحاد النقابات ونقيب الطبّ المخبري، من أيّ جهة كانت، هو مساس بجميع أعضاء الهيئة العامة، وسوف يُصار إلى مواجهة ذلك بما يلزم. وتابعت: "إنّ من يقاطعنا فنحن لا نراه أصلاً، وستقوم النقابات بالإجراءات القانونية بحقّ كلّ من أساء لشخص النقيب على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، ولن يمرّ أيّ شيء مرور الكرام".

المساهمون