إيران: انقطاع الكهرباء يُهدّد مرضى كورونا

03 يونيو 2021
ينتظران دورهما للحصول على اللقاح (فاطمة بحرامي/ الأناضول)
+ الخط -

"كان والدي (65 عاماً)، المصاب بمرض الربو، قد أصيب بفيروس كورونا خلال الموجة الرابعة لتفشيه، الأمر الذي فاقم وضعه الصحي سوءاً. كانت أسرّة المستشفى التي قصدناها ممتلئة، فعدنا إلى البيت وجلبنا جهازاً للتنفس الاصطناعي. إلا أن انقطاع الكهرباء الأسبوع الماضي عن المنزل كاد يودي بحياته". هذا ما يقوله الثلاثيني بدرام القاطن غرب العاصمة طهران، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، عن المعاناة التي يعيشها مرضى كورونا في إيران، في ظل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي خلال الأيام الماضية. يضيف: "بعد انقطاع التيار الكهربائي، نقلنا والدي إلى المستشفى سريعاً، علماً أنّه كان يتنفس بصعوبة بالغة. بل كان على وشك أن يعجز عن التنفس لدى وصولنا". 
وينقل بدرام عن الطبيب في المستشفى قوله: "لو تأخرنا في الوصول، لكان انقطاع الأكسجين سيؤدي إلى موته دماغياً. كنا محظوظين جداً لانعدام الازدحام المروري في الوقت الذي نقلناه فيه إلى المستشفى. كما أن تعاون الطاقم الطبي في المستشفى بشكل جيد وسريع، ساهم في إنقاذ حياته". قبل نحو أسبوعين، بدأت إيران تشهد انقطاعاً في التيار الكهربائي من دون وجود جدول لعدد الساعات والأوقات في بعض المناطق، الأمر الذي أربك المواطنين. وحذرت وزارة الصحة الإيرانية من خطورة الأمر، وكتب مستشار وزير الصحة، علي رضا وهاب زادة، في تغريدة على موقع "تويتر"، مخاطباً شركة الكهرباء: "هل تعلمون أن مرضى كورونا الراقدين في البيوت ويعتمدون على أجهزة التنفس الاصطناعي لا يمكنهم التنفس في حال انقطعت الكهرباء؟ وهل تعلمون ماذا سيحدث لمرضى كورونا في المستشفيات إذا ما انقطعت الكهرباء، ولم يتم تشغيل المولدات الكهربائية ليستمر عمل أجهزة توليد الأكسجين؟".  
ويكشف زادة أنّ المخاوف من الانقطاع المستمرّ للكهرباء في إيران لا تقتصر على المرضى الراقدين في البيوت وعائلاتهم، بل ثمة مخاوف لدى السلطات الصحية الإيرانية على صحة مرضى كورونا الراقدين في المستشفيات، الذين يتكلون على أجهزة التنفس الاصطناعي أيضاً، فضلاً عن قلق هؤلاء المرضى أنفسهم وعائلاتهم.  

قضايا وناس
التحديثات الحية

في هذا السياق، تقول الأربعينيّة زهراء التي ترقد أمها في مستشفى الإمام الخميني في العاصمة طهران، لـ "العربي الجديد"، إن "هذا الوضع يشكّل ضغطاً نفسياً علينا. وعندما ينقطع التيار الكهربائي عن المنطقة التي توجد فيها المستشفى، تنتابنا سريعاً مخاوف على صحة والدتنا". تضيف أنّه "عندما انقطع التيار الكهربائي عن هذه المنطقة، سرعان ما هرع شقيقي إلى المستشفى لمعرفة ما إذا كانت الكهرباء متوفرة فيها أو لا". وتؤكد أنّ "المستشفى يعمل بشكل مستمر عندما ينقطع الكهرباء، وقد طمأنتنا إدارتها على سلامة مولدات الكهرباء".
وعلى الرغم من وجود مولدات كهربائية تعمل في حالات الطوارئ في المستشفيات الإيرانية، ما زالت السلطات الصحية تُراودها مخاوف من انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر، فاستخدام أجهزة توليد الأكسجين بكثافة هذه الأيام في المستشفيات لمرضى كورونا يُشكّل ضغطاً على مولدات الكهرباء، وإذا استمر انقطاع الكهرباء لساعات طويلة فتلك المولدات قد لا تتحمل هذا الضغط الكبير.  

مصاب بكورونا في أحد مستشفيات إيران (مورتيزا نيكوبازل/ Getty)
مصاب بكورونا في أحد مستشفيات إيران (مورتيزا نيكوبازل/ Getty)

كما أنّ انطفاء أجهزة التبريد في المصحات والمستشفيات أيضاً في ظل ارتفاع درجات الحرارة في إيران يفاقم وضع مرضى كورونا سوءاً، حتى بالنسبة للمرضى الذين لا يستخدمون أجهزة التنفس الاصطناعي. كما أن الطواقم الطبية تواجه مصاعب وتتخذ تدابير وقائية وتستخدم الكمامات لفترات طويلة في هذه المراكز الصحيّة. في هذا السياق، يعرب مدير العلاقات العامة في منظمة النظام الطبي الإيرانية، حسين كرمانبور، عن قلقه من تداعيات صحية محتملة من جراء انقطاع التيار الكهربائي. ويقول لصحيفة "همشهري" الإيرانية إنه "بالإضافة إلى المشاكل الناتجة عن انقطاع الأكسجين عن مرضى كورونا في البيت، فإن تعطّل عمل أجهزة التكييف يفاقم الوضع سوءاً". يضيف أنّ "كلّ ذلك يؤدي إلى تراجع نسبة الأكسجين في الدم لدى المرضى، والبديل الوحيد لجهاز توليد الأكسجين هو استخدام أسطوانات الأكسجين"، مشيراً إلى أن أسعار هذه الأسطوانات "عالية أيضاً". 

ويوضح كرمانبور أنّه "خلال التحوّل إلى المولدات الكهربائية الطارئة بعد انقطاع التيار الكهربائي يتراجع ضغط الأكسجين، الأمر الذي يمكن أن يشكّل خطراً على المرضى الذين يحتاجون إلى ضغط أكبر". بالإضافة إلى الخوف على حياة مرضى كورونا، يخشى العاملون في القطاع الصحي تعطّل أجهزة المستشفيات التي تعتمد على الكهرباء بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي. ولم تخفِ السلطات الصحية قلقها من فساد لقاحات كورونا بسبب حاجتها إلى مستوى معين من التبريد، وخصوصاً في المراكز التي تفتقر إلى المولدات. 
وتواجه إيران منذ أسبوعين تقريباً انقطاعاً للكهرباء على نطاق واسع، بسبب ارتفاع معدلات الاستهلاك، في وقت لم يبدأ فيه فصل الصيف بعد، ليتوقع المتحدث باسم المركز الوطني لمراقبة صناعة الكهرباء في إيران، مصطفى رجبي مشهدي، أن تواجه البلاد "ظروفاً أصعب" خلال هذا الفصل لارتفاع الاستهلاك فيها عادة. وتعزو السلطات الإيرانية أسباب انقطاع التيار الكهربائي إلى عمليات تعدين العملات الرقمية والتراجع الحاد في هطول الأمطار ومنسوب مياه السدود، فضلاً عن تهالك محطات الكهرباء.

المساهمون