إمبراطورية السايس... رسوم انتظار السيارات تزعج المصريين

01 اغسطس 2024
يفاقم الزحام أزمة انتظار السيارات في شوارع مصر (فاضل داود/Getty)
+ الخط -

ظهرت مشكلات انتظار السيارات في شوارع مصر مجدداً مع زيادة الرسوم خلال الفترة الأخيرة، إلى الحد الذي يتسبب في أزمات يومية للمواطنين

عادت، مرة أخرى، سيطرة ما يطلق عليه شعبياً "إمبراطورية السايس" على الطرق والمناطق الحيوية والمزدحمة في محافظات مصر، على الرغم من إصدار قانون تنظيم انتظار المركبات، الذي يطلق عليه محلياً "قانون السايس"، والذي يفرض اشتراطات صارمة لممارسة هذه المهنة.
ويسود الغضب بين سائقي السيارات بسبب فرض مبالغ مالية من بعض الخارجين عن القانون لقاء السماح بصف السيارات في الشوارع، وتختلف القيمة من سايس إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى، وأحياناً حسب نوع السيارة، في استغلال صارخ للزحام الذي يتزامن مع غياب الرقابة الحكومية.
وعبر كثيرون عن استيائهم من القانون الذي وصفوه بأنه "وسيلة جباية" لجمع الأموال، إثر توسيع نطاق فرض الرسوم على انتظار السيارات لتشمل جميع المحاور المهمة، والعديد من الشوارع الرئيسية، والميادين، وأماكن التجمعات، بعد أن كان بعض تلك المناطق متاحاً مجاناً.
وبدأت الحكومة المصرية تطبيق "قانون السايس" بعد أن أقره البرلمان في عام 2023، لتنظيم نشاط انتظار المركبات في ساحات الانتظار والشوارع الرئيسية والجانبية وأسفل العقارات، وتحصيل الرسوم وفقاً للائحة تم اعتمادها، تنص على دفع عشرة جنيهات للانتظار المؤقت للسيارة الخاصة، و20 جنيهاً للانتظار المؤقت لسيارة النقل، و30 جنيهاً لانتظار الحافلات، و300 جنيه شهرياً لمبيت السيارة أسفل العقار السكني.
يقول مصطفى سعد (38 سنة)، وهو موظف في إحدى شركات منطقة الإبراهيمية وسط مدينة الإسكندرية: "أصبح صف السيارة بالشوارع مشكلة مزمنة لغالبية أصحاب السيارات، بعد أن تحول إلى وسيلة لاستغلالهم بمعرفة بعض الأشخاص الذين يتحدون القانون، ويقومون باحتكار مناطق خصصتها الحكومة ساحات انتظار سيارات لتحصيل مبالغ مالية أو رسوم من دون وجه حق من صاحب السيارة الذي قد يتعرض للمضايقات إذا رفض الدفع".

يضيف سعد: "هؤلاء الأشخاص لم تفلح محاولات قوننة أوضاعهم بعد بدء العمل بمواقف الانتظار الرسمية التي نُفّذت في الفترة الأخيرة، وهم منتشرون في شوارع وميادين مصر لجمع الأموال من المواطنين، ويقومون بفرض الإتاوات والبلطجة مستغلين الزحام وغياب الرقابة الحكومية. المواطن لم يعد يستطيع التفريق بين السايس الذي يقوم بالتحصيل لصالح الدولة وهذا الذي يقوم بالتحصيل لنفسه".
وينتقد المحامي محمد سالم (43 سنة) قرار الحكومة تأجير الشوارع المحيطة بالمنازل، قائلاً لـ"العربي الجديد": "أصبحت مضطراً لدفع رسوم انتظار في عدد كبير من الشوارع، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف التنقل الشهرية، ويثقل كاهل محدودي الدخل، فنحن ندفع ضرائب سنوية عند تجديد تراخيص السيارات، ثم ندفع رسوماً للوقوف في الشوارع، ما يستهلك جزءاً كبيراً من الدخل. القرار يؤدي إلى إفقار المواطن العادي، ويؤرق حياته برغم قلة إمكاناته المادية، ولا بد من إيجاد حلول بديلة أقل كلفة".

يحتكر أشخاص بعض مناطق صف السيارات (فريدريك سلطان/Getty)
يحتكر أشخاص بعض مناطق صف السيارات (فريدريك سلطان/Getty)

ويرى إبراهيم أحمد (58 سنة)، وهو قائد سيارة تتبع إحدى شركات توصيل الركاب، أن "فرض الرسوم يتسبب في خسائر مباشرة مع كل رحلة، خاصة أن عملي يتطلب الجلوس في السيارة لساعات طويلة، ما يمثل عبئاً إضافياً. الأمر أضحى مثيراً للغضب، إذ لا توفر الجهات المشرفة على تحصيل الرسوم أي خدمات للسيارات مقابل تلك الرسوم. كنا في السابق نرفض وجود "سيّاس" عاديين يحصلون من كل سيارة على جنيه أو جنيهين، فأصبح الأمر حالياً إجبارياً، ومقابل عشرة جنيهات".
ويقول الأربعيني إبراهيم المنوفي، إن "وقوف السيارات في الشوارع أمر لا مفر منه؛ ومن الخطأ تركيز الحلول على فرض رسوم لأنه لن يحل المشكلة، بل سيزيد معاناة المواطنين. فرض الرسوم على السيارات غير مبرر، فالشوارع ملك المواطنين، ولا أحد له الحق في تحصيل رسوم على استخدامها، فالشوارع جزء أساسي من الخدمات العامة التي يدفع المواطنون الضرائب من أجلها، وفرض رسوم إضافية يعتبر إجباراً على الدفع مرتين".
بدوره، يرفض عضو المجلس المحلي الأسبق في محافظة الإسكندرية، عبد المنعم عبد العزيز، ما يصفه بـ"النظرة التي ترى أن شوارع المدن مصدر للدخل، وأنه يحق فرض رسوم على الانتظار فيها، فالشارع خدمة عامة، ويجب المحافظة عليه كذلك مجانياً، وعدم جعله مصدراً لجباية الأموال". ويحذر في تصريحات لـ"العربي الجديد"، من أن "سياسة فرض الرسوم على الشوارع ستؤدي إلى ظواهر سلبية مثل ارتفاع معدلات الحوادث، وزيادة التشاجر والتشاحن، إضافة إلى الآثار الاقتصادية والاجتماعية، وعلى الحكومة وقف هذه السياسة، والبحث عن حلول بديلة لا تتنافى مع مصالح المواطنين".
ويؤكد عبد العزيز أن "الأوضاع لم تتحسن بعد إصدار قانون تنظيم انتظار المركبات، بل على العكس، تزايدت أعداد العاملين بمهنه السايس نتيجة ندرة فرص العمل، فهي مهنة لا تحتاج إلى أية مؤهلات سوى القيام بمهمة تنظيم وصف السيارات في الشوارع نظير مقابل مالي".

في المقابل، يقول مصدر في محافظة الإسكندرية، لـ"العربي الجديد"، إن القانون يهدف إلى محاولة مواجهة ظواهر الفوضى في الشارع بشأن انتظار السيارات، ومواجهة فرض إتاوات من السايس غير المرخص، مضيفاً أن "الشوارع الخاضعة لرسوم الانتظار تم عرضها للاستغلال في إعلان رسمي، وحصلت عليها شركات متخصصة من خلال مزايدة علنية، مقابل مبالغ تدخل خزينة المحافظة بغرض تنمية مواردها، والإنفاق على تطوير المدينة".
ويؤكد المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "هناك رخصة لسايس السيارات معتمدة من الحي والمحافظة، تحدد أماكن انتظار السيارات في الشوارع الرئيسية، ويكون الدفع وفق إيصال لكل صاحب سيارة يمنحه العاملون في الشركة الخاصة ممن يرتدون زياً موحداً ويحملون وثائق تعريف. كل ما هو غير ذلك مخالف للقانون، وتتم مواجهته، واتخاذ الإجراءات القانونية بمعرفة الحملات الأمنية، وقيادات الأحياء على مستوى المحافظة".

المساهمون