إخوة المغول: الغزوة التونسية

25 مارس 2015
أسفر الهجوم عن مقتل 20 مدنياً وشرطي والإنتحاريين (Getty)
+ الخط -
التصريحات التي أدلى بها "خليفة المسلمين" في بلاد الشام والعراق أبو بكر البغدادي والبيانات والمواقف التي صدرت عن تنظيم الدولة الإسلامية ومن يدور في فلكه من مواقع إلكترونية قبل الهجوم على متحف باردو وبعدها، وضعت تونس في عين العاصفة التي تجتاح المنطقة، لجهة استهدافها بانفجار العنف الأعمى الذي يهدد المقومات الحضارية التي تزخر بها الدول العربية، والتي تتعرض للتدمير الممنهج في كل مكان تطاله أيدي "مجاهدي" التنظيم ومن يشابههم. وقد حدث ذلك في العراق وسورية ومصر وليبيا وموريتانيا ومالي وأفغانستان وغيرها. ويمكن أن يحدث في سواها أيضا.

اتهم البغدادي تونس عشية رمضان الماضي بأنها "تخوض حربا على العفة والحجاب وتوغل في ممارسة الكفر والعهر والدعارة"، ولأنها كذلك فقد حث أنصاره على الانتقام من هذا الدمار الذي حاق بالمسلمين. وعليه لم يكن غريبا أن يخطط وينفذ ويتبنى "داعش" الهجوم الذي تعرض له المتحف، والذي أسفر عن سقوط حوالي 23 قتيلا و50 جريحا جلهم من السياح الوافدين الى البلاد للاطلاع على معالمها الحضارية، وفي مقدمها متحف باردو. وصف داعش منفذي الهجوم، وهما أبو زكريا وأبو أنس التونسيان، بأنهما "فارسان من فرسان دولة الخلافة مدججان بالرشاشات والقنابل اليدوية".. ونعت التنظيم "قوات الأمن والجيش بالمرتدين، ومجلس النواب أنه مجلس الكفر" .." أما اذا كنت تخشى من قتل مرتد عسكري أو من البوليس أو الطاغوت فعليك بالكفار الأصليين ممن يسمون بالسياح..".

هذا بعض ما ورد في بيانات رسمية وشبه رسمية صدرت عن داعش ومن ينطق باسمه. وهو إن كان يعني من أمر فهو يعبرعن تحول تونس الى "أرض جهاد " مكتملة المواصفات المطلوبة.

لكن بعيدا عن منطق التكفير العام الذي يطلقه داعش على كل من لا يتبع خطاه، لا بد من القول إن التركيز على تونس له مقدماته الحقيقية، ومنذ اغتيال شكري بلعيد والنائب في البرلمان محمد البراهمي باتت البلاد برمتها بجميع مكوناتها في المرمى التكفيري. المعارك الفعلية السابقة بين الجيش والمجموعات الجهادية ظلت منحصرة في الأطراف البعيدة. الآن يدخل العنف الداعشي الى العاصمة على نحو صاخب. أسباب هذا التحول متعددة أبرزها رغبة التنظيم في فتح جبهات إضافية لتخفيف الضغط الذي يتعرض له في المشرق العربي، واجتذاب تنظيمات متناثرة في المغرب العربي الى مدار دولة الخلافة، وايجاد قاعدة قريبة من الدواخل الأوروبية، وتحويل تونس الى جسر عبور نحو الشمال الافريقي من جهة، ودول الاتحاد الاوروبي من جهة ثانية.

(أستاذ في كلية التربية - الجامعة اللبنانية)