أخلت السلطات المصرية سجن العقرب شديد الحراسة 1 من جميع السجناء لأول مرة منذ افتتاحه في تسعينيات القرن الماضي، وذلك بحسب ما أعلنت منظمة نحن نسجل الحقوقية، أمس الجمعة.
وكتبت المنظمة الحقوقية، في تغريدة على "تويتر"، أنها علمت أن السلطات المصرية قد أخلت تماماً سجن العقرب 1، من دون أن تشير إلى كيفية علمها بالأمر.
وأشارت إلى أن السجناء السياسيين نقلوا إلى سجن العقرب 2 وسجن بدر وغيرهما، في إطار خطة إخلاء السجن وسط أنباء عن سعي السلطات لهدمه هو وغيره من سجون منطقة طره لاستغلال هذه الأرض في مشاريع استثمارية مقبلة.
علمت منظمة #نحن_نسجل أن السلطات المصرية قد أخلت تمامًا #سجن_العقرب 1 من جميع السجناء لأول مرة منذ افتتاح السجن في تسعينات القرن الماضي.
— We Record - نحن نسجل (@WeRecordAR) August 19, 2022
حيث نُقل السجناء السياسيون إلي سجن العقرب 2 وسجن بدر وغيرهما.
(1/2) pic.twitter.com/80jAtLTb1z
ويقع سجن العقرب، الذي يعرف بـ"غوانتانامو"، وهو سجن شديد الحراسة، ضمن مجموعة سجون طرة جنوب القاهرة، على بعد كيلومترين من بوابة منطقة سجون طرة الرسمية. السجن محاط بسور يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار وبوابات مصفحة من الداخل والخارج، كما أن مكاتب الضباط تقع بالكامل خلف الحواجز والقضبان الحديدية. قدرته الاستيعابية تصل إلى 1000 سجين، طبقاً لما ذكره اللواء محمود الفخراني، مساعد وزير الداخلية لشؤون السجون، لمنظمة "هيومن رايتس ووتش".
ويعود إنشاء "العقرب" إلى ثمانينيات القرن الماضي، عقب عودة بعثة تدريبية مصرية من الولايات المتحدة الأميركية، إذ اقترحت مجموعة من ضباط الشرطة المصرية بناء سجون جديدة، تكون شديدة الحراسة، على غرار ما رأوه في أميركا، وقوبل وقتها الاقتراح بالترحيب الشديد من قبل وزير الداخلية، آنذاك، حسن الألفي، وكبار مساعديه على رأسهم اللواء حبيب العادلي، وهو السجن الذي خصص بعد ذلك للمعارضين السياسيين والإرهابيين.
ووضع حجر الأساس للسجن عام 1991، وعرف باسم سجن العقرب، وقد استغرق بناؤه عامين، حتى مايو/أيار 1993.
ويضم سجن العقرب 320 زنزانة مقسمة على أربعة عنابر أفقية تأخذ شكل حرف "H" بالإنكليزية. كل عنبر ينفصل بشكل كامل عن باقي السجن بمجرد إغلاق بوابته الخارجية المصفحة، فلا يتمكن المعتقلون من التواصل عبر الزنازين، كما يفعل المساجين في السجون العادية، نتيجة الكميات الهائلة من الخرسانة المسلحة التي تمنع وصول الصوت.
ومات العشرات في سجن العقرب شديد الحراسة، منهم محمد السعيد، المتهم في قضية أنصار بيت المقدس، الذي توفي في أكتوبر/تشرين الأول 2015 نتيجة للإهمال الطبي. وسبقه القيادي بجماعة الإخوان المسلمين فريد إسماعيل ورئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية عصام دربالة، والقياديان السابقان في جماعة الجهاد الإسلامي مرجان سالم ونبيل المغربي، وعضو جماعة الإخوان عماد حسن.
ومن الممكن تخيل ظروف الحياة داخل هذا السجن من خلال حديث المأمور السابق اللواء إبراهيم عبد الغفار، في مقابلة تلفزيونية أشار فيها إلى سجن العقرب بأنه "هو سجن لا تدخله شمس ولا هواء. كمية الهواء فيه تتيح تنفس النزلاء بالكاد. صمموه بحيث إن من يدخله لا يخرج منه حياً. صمموه للمعتقلين السياسيين".
وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش، بالاستناد إلى شهادات الأهالي التي أجرت معهم مقابلات، بأنه لا توجد أسرّة بالزنازين، فقط تحتوي على مصاطب خرسانية مرتفعة عن الأرض مخصصة للنوم.
وأوضح أغلب الأهالي أن السجناء ليست لديهم أفرشة للنوم عليها، بينما أشارت أسرة واحدة إلى أن سجينها في العقرب معه فراش في الزنزانة. وذكرت ثلاث أسر أن أقاربهم في السجن كانت لديهم أفرشة صادرتها منهم إدارة السجن.
وبحسب شهادات الأهالي، فإن السجناء يستخدمون بطانيتين أو ثلاثة من التي توفرّها إدارة السجن بدلًا من الأفرشة، بينما قام بعضهم بطي صناديق الكرتون، مثل المستخدمة في تعبئة زجاجات المياه المعدنية، واستخدامها لتفصل أجسادهم عن الخرسانة الصلبة.
ووفقاً للشهادات أيضاً، يوجد في كل زنزانة حمام واحد، وهو عبارة عن تجويف ضحل في الأرض، به حفرة ودرجة سلم على الجانبين، ومعها خرطوم مياه للتنظيف. والمياه في الزنزانة غير صالحة للشرب، حيث يشرب السجين المياه من خلال زجاجتين فقط تقدمهما إدارة السجن يومياً، بجانب ما يقوم السجناء بشرائه من كافيتريا السجن بما لديهم من أموال.