أحيا الفلسطينيون، اليوم الاثنين، يوم الأسير الفلسطيني من خلال فعاليات مختلفة في كافة محافظات الضفة الغربية، استجابة لدعوة مؤسسات الأسرى والفصائل الفلسطينية، وتأكيداً على أن الأسرى يريدون الحرية، وللمطالبة بضرورة عدم إهمال قضيتهم، والتركيز على قضية الأسرى المرضى، واسترداد جثامين الأسرى الشهداء.
ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية وصور الأسرى، لا سيما المرضى منهم، كوليد دقة وعاصف الرفاعي المصابين بالسرطان، والأسير المضرب عن الطعام الشيخ خضر عدنان. كما رفعوا لافتات تؤكد على حرية الأسرى وإيضاح معاناتهم. كما ألقيت العديد من الكلمات بهذه المناسبة، وصدحت مكبرات الصوت بالأغاني الوطنية التي تمجد الأسرى.
وفي ميدان المنارة وسط مدينتي رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية المحتلة، شاركت شخصيات وقيادات فلسطينية وأهالي الأسرى في وقفة إحياء ليوم الأسير الفلسطيني، ورفعت أعلام فلسطين وصور الأسرى، بينها صورة عميد الأسرى نائل البرغوثي.
وأكد عضو المجلس المركزي الفلسطيني عمر شحادة لـ"العربي الجديد"، على هامش الوقفة، أن "على الحركة الوطنية والقيادة الفلسطينية أن تلبي رسالة الأسرى التي أرسلوها بالتضحية والثبات موحدين في مواجهة سياسة الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير".
وتابع شحادة: "دون الاستجابة بالوحدة الوطنية والمقاومة، فإن الحركة الوطنية والقيادة مقصرتان وعاجزتان عن الاستجابة لرسالة الأسرى"، مطالباً باتخاذ العبر من توحد الأسرى في معركتهم الأخيرة وتحقيق الإنجاز.
أما أمان نافع، زوجة عميد الأسرى نائل البرغوثي الذي مضى على اعتقاله 43 عاماً، فقالت نقلا عن رسالة زوجها: "يرى أن هذا اليوم سينتهي، وأنه لا يريد تذكره، لأنه لا يريد بقاء أسرى في السجون ويريد يوم تحرير لهم". وأشارت في حديثها لـ"العربي الجديد" إلى أن قضية الأسرى يجب أن تكون حاضرة دائماً، وليس فقط خلال يوم أو يومين في العام". أضافت: "ليس من المعقول أن يظل أسرى في السجون أكثر من 40 عاماً".
تابعت نافع: "هذا اليوم يذكر باستمرار الاحتلال واستمرار الظلم على الفلسطينيين والأسرى. نتذكر فيه الأسرى المرضى ومنهم وليد دقة الذي أصيب بالسرطان، وخضر عدنان المضرب عن الطعام، وزوجي نائل الذي كان عمره 19 عاماً حين اعتقل، وصار الآن 65 عاماً. هذه مدة طويلة وأعمارهم تذهب، ولكن قناعتنا أن هذا الاحتلال سيزول".
وأكدت زبيدة معطان، زوجة الأسير المريض والمعتقل الإداري عبد الباسط معطان، لـ"العربي الجديد"، أن "زوجها يغيب للمرة الثانية في رمضان عن عائلته، في ظل إصابته بمرض سرطان القولون والغدد اللمفاوية، على الرغم من عدم وجود ملف ضده، وفقط بادعاء وجود ملف سري"، مطالبة كافة الجهات المسؤولة والمؤسسات الدولية بالضغط على الاحتلال لإنهاء هذا النوع من الاعتقال من دون تهمة أو محاكمة.
إلى ذلك، قال مدير عام نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "يوم الأسير يأتي هذا العام في ظل استهداف واضح للأسرى، والتنكيل بهم، وارتفاع أعداد المعتقلين، وسط استمرار سياسة الإهمال الطبي، واستمرار احتجاز جثامين الأسرى الشهداء، علاوة على ارتفاع أعداد المعتقلين الإداريين الذين وصلوا إلى ألف معتقل، 80 في المائة منهم أسرى محررين".
وشدد الزغاري على أن وحدة الأسرى انتزعت انتصاراً قبيل رمضان، ودفعت إدارة سجون الاحتلال إلى إلغاء إجراءاتها بحقهم، إذ كان الأسرى موحدين يخوضون الإضراب عن الطعام، مشيراً إلى أنه على الرغم من عدم خوض الأسرى الإضراب، إلا أنهم ما زالوا يعيشون ساحة اشتباك يومية مع منظومة الاحتلال. وأكد أن الأسرى ينشدون الحرية، ولا يمكن ترك قضيتهم هكذا، ويجب اعتبار قضية الأسرى مركزية للشعب الفلسطيني، ويجب العمل على حلها للإفراج عنهم.
من جهتها، أكدت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة، في بيان بمناسبة حلول ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، أن الإحياء الحقيقي ليوم الأسير الفلسطيني والوفاء له يتمثلان في السعي العملي والحقيقي لتحرير الأسرى. وقالت إن رسالة الأسرى إلى كافة أطياف الشعب الفلسطيني هي أن قضية الأسرى الجامعة ووحدتهم التي سطروها داخل السجون في مواجهة السجان تتطلبان من جميع الفلسطينيين إنهاء الانقسام ومواجهة العدو موحدين في كل الساحات، فلا خطوط حمراء سوى وصايا الشهداء، ولا صوت يعلو فوق صوت الاشتباك مع الاحتلال، ولا ضرورة تتقدم على حتمية الوحدة الوطنية.
ونُظّمت فعاليات أخرى إحياء ليوم الأسير الفلسطيني في مراكز مدن أريحا، وجنين، وسلفيت، والخليل، وقلقيلية، وسط مطالبة المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بالتدخل الفوري والعمل على إطلاق سراح جميع الأسرى من سجون الاحتلال، كما ستقام فعاليات أخرى، مساء اليوم، في مراكز مدن طولكرم، وبيت لحم، ونابلس، وطوباس.
إلى ذلك، أحيت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، في مدارسها كافة بالضفة الغربية، فعاليات يوم الأسير الفلسطيني، وتضمنت تخصيص الإذاعة المدرسية وتوظيفها للحديث عن الأسرى ونضالهم، وتنظيم فعاليات مركزية، ونشاطات كشفية ومحاضرات توعوية في مديرياتها كافة.
وكانت القوى الفلسطينية ومؤسسات الأسرى قد أوقدت شعلة الحرية، مساء أمس الأحد، أمام ساحة مركز بلدنا الثقافي في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، إيذاناً ببدء فعاليات إحياء يوم الأسير الفلسطيني.
يشار إلى أن قوات الاحتلال تعتقل 4900 فلسطينياً في 23 سجنا ومركز توقيف وتحقيق، بينهم 31 أسيرة، و160 طفلاً وقاصراً، ونحو ألف معتقل إداري (بلا تهمة)، ومن بين الأسرى 23 أسيراً معتقلون قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، ومن بين الأسرى 700 أسير، منهم 24 أسيراً ومعتقلاً على الأقل مصابون بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة.
ويبلغ عدد الأسرى الذين صدرت بحقّهم أحكام بالسجن المؤبد 554 أسيراً، في حين يبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ العام 1967 وحتى الآن 236 شهيداً، بينهم 12 لا زالت قوات الاحتلال تحتجز جثامينهم، إضافة لمئات الأسرى استشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون.