أيّ الأسماك أفضل صحيًا للاستهلاك.. المزارع أم البرية؟

12 فبراير 2021
تتميّز أسماك المزارع بمحتوى عال من الدهون مقارنة بالأسماك البرية (أليكسيس روزنفيلد/Getty)
+ الخط -

تُعتبر الأسماك مصدراً للبروتين الذي يمتاز عن باقي البروتينات الحيوانية بسهولة هضمه وامتصاصه، ومصدراً أساسياً لفيتامين "د" وأحماض أوميغا 3 الدهنية، وهي من العناصر الغذائية المهمة جداً لمقاومة الالتهابات، وخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان والسكري، لذلك توصي جمعية القلب الأميركية بتناول حصتين من الأسماك أسبوعياً. ومع تزايد السكّان في العالم وازدياد الطلب على استهلاك الأسماك، انخفضت الأرصدة السمكية البرية العالمية وأصبحت تربية الأسماك مصدراً مهماً لإنتاج السمك، وأكثر شيوعاً لتوفّرها ورخص ثمنها.

ولكن الأسماك البرية ترتبط عند مستهلكيها بالطزاجة، كما ويُعتقد بأنها ذات قيمة غذائية أعلى ومذاق ألذّ من تلك التي يتمّ تربيتها في المزارع، رغم وجود بعض المخاوف والقلق بشأن تلوثها بالملوثات المعدنية. فما حقيقة ذلك؟

يُطلعكم "العربي الجديد" على بعض الحقائق التي قد لا تعرفونها ويسلّط الضوء على الفروقات بينهما.

المحتوى الغذائي

تتميّز أسماك المزارع بمحتوى عال من الدهون مقارنة بالأسماك البرية، فوفقاً لدراسة كندية، يحتوي السلمون المستزرع على ثلاثة أضعاف الدهون الموجودة في ذلك البري، وهذا يعني زيادة في السعرات الحرارية للسلمون المستزرع مقارنةً بالسلمون البري. فوفقاً لمعلومات وزارة الزراعة الأميركية، يحتوي نصف فيليه من السلمون البري على 412 سعرة حرارية مقابل 281 سعرة حرارية في نظيرها البري، أي بزيادة تقارب 38% من السعرات الحرارية.

أما بالنسبة لتركيب الأحماض الدهنية، فقد أظهرت دراسة نشرت في مجلة "Research Environmental"، أنّ السلمون البري يحتوي على نسبة أقل من الأحماض الدهنية، أوميغا 6، ونسبة أعلى من الأحماض الدهنية أوميغا 3، حمض الدوكوساهيكسانويك (DHA) الضروري لصحة الجهاز العصبي وتعزيز وظائف العقل والتقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب والدورة الدموية، بينما لم يكن هناك فرق كبير في تركيز الحمض الدهني أوميغا 3 (EPA) مقارنة بالسلمون المستزرع (هناك 11 نوعًا من أوميغا 3، ثلاثة منها هي الأكثر أهمية: ALA وEPA وDHA).. ويكون تركيز العناصر المعدنية الأساسية كالمغنزيوم، البوتاسيوم، الكالسيوم، الحديد، السيلينيوم والنحاس والزنك أعلى في السلمون البري منها في السلمون المستزرع.

الملوثات

تحتوي الأسماك المستزرعة على نسب أعلى من الملوثات العضوية، مثل مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور (PCBs)، الديوكسين، والمضادات الحيوية مقارنة بالسلمون البري، وهي مركبات سامة تضرّ بالجهاز المناعي ويمكن أن تسبّب مشاكل إنجابية، كما يمكن أن تسبّب السرطان لدى البشر وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. من الجهة الأخرى، تحتوي الأسماك المستزرعة على نسب أقل من الزئبق، مقارنة بالأسماك البرية، ذات المنشأ البحري، إلاّ أنّه من الضروري لفت الانتباه إلى أنّ نسبة الزئبق تزداد في كلتا الحالتين كلّما تقدمت الأسماك بالعمر ومع ازدياد حجم السمك، حيث تكون نسبته قليلة في الأسماك البرية والمستزرعة على حد سواء. وربطت دراسات عديدة بين تناول الزئبق وبين مرض السرطان والسكري وأمراض القلب. لكن في العموم تُعتَبر مستويات الزئبق في الأسماك غير مقلقة، والتلوث به لم يتجاوز حدود السلامة التي وضعتها إدارة الغذاء والدواء الأميركية.

المذاق والطزاجة

لا يمكن الفصل بكون الأسماك البرية ألذ وأشهى من أسماك المزارع، فالقرار هنا يعتمد على التفضيلات الشخصية للمستهلك. فعلى سبيل المثال، المستهلك الذي يفضل السمك الأقل دهوناً سيستهلك الأسماك البرية، بينما سيفضّل محبّو الطعم الغني بالدهون تناول أسماك المزارع. وبشكل عام يعتمد مذاق الأسماك - برية أم مستزرعة - على المكان الذي تعيش فيه، ونوع العلف الذي تتناوله، كما نوع السمك نفسه وموسم صيدها وطريقة تحضيرها. ولا بد أنّ درجة طزاجة الأسماك تؤثر أيضاً في المذاق، لكن يجب الانتباه إلى أنّ الطزاجة هنا لا يمكن تمييزها بالضرورة من منظر الأسماك و قوامها، إذ تلجأ بعض متاجر الأسماك إلى معالجتها بمواد كيميائية حافظة معينة، مثل ترايبوليفوسفات الصوديوم، لجعلها تدوم لفترة أطول وتبدو أكثر لمعاناً وجاذبية، وتبقيها رطبة كما لو تمّ إخراجها للتو من الماء.

ختاماً نستطيع أن ننصح محبّي الأسماك البرية، ذات المنشأ البحري، بالتركيز على اختيار الأسماك صغيرة الحجم، لاحتوائها على نسبة منخفضة من الزئبق، أما بالنسبة للأسماك الكبيرة، مثل سمك القرش وسمك الماكريل والتونة، فيُفضّل تخفيض استهلاكها لحصة واحدة في الأسبوع، بحسب نصائح منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

أما بالنسبة لمستهلكي أسماك المزارع، فيجب التركيز على شراء الأسماك من مصادر موثوقة تتيح معلومات تفصيلية عن أماكن إنتاجها وشروط تربيتها من حيث الصحة والنظافة وتركيبة الأعلاف المستخدمة، فعندما تكون بيئة الأسماك نظيفة مع مراعاة شروط التربية الضرورية وتوفير علف متنوّع ومتوازن من حيث التركيبة الغذائية، ستنتج سمكا خاليا من الأمراض وذا جودة غذائية عالية.

*باحثة تحمل شهادة دكتوراه في تكنولوجيا الغذاء والصناعات الغذائية، تكتب مقالات متخصّصة حول الصحة الغذائية لـ"العربي الجديد".

دلالات
المساهمون