أوكرانيون ينددون باستفتاءات الضم الروسية: غير شرعية

03 أكتوبر 2022
أوكرانيون يبحثون عن مناطق آمنة (ياسيوشي شيبا/فرانس برس)
+ الخط -

رغم إقرار روسيا عملية ضم مناطق جنوب شرقي أوكرانيا التي تضم مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون، واستمرار التعبئة الجزئية التي تشمل تجنيد نحو 300 ألف فرد للقتال ضد القوات الأوكرانية، إلا أن رسام الوشم الأوكراني، أندريه فيدتشينكو، لا ينوي مغادرة مدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود، رافضاً الاعتراف بشرعية الاستفتاءات الروسية. 
يقول فيدتشينكو لـ"العربي الجديد": "ليست لدي وجهة أهرب إليها، ولا أريد مغادرة وطني، ولكن أحيانا أشعر بالإرهاق من الحرب، والرغبة في السفر لمدة أسبوع أو أسبوعين، ثم العودة إلى مكان يمكن العيش فيه بهدوء بعيداً عن دوي الصواريخ. كنت في شرق أوكرانيا عندما بدأت الحرب، لكنني قررت عدم السفر إلى الخارج، بل عدت إلى مدينتي أوديسا، وإذا وصل القتال إلى هنا، فإنني مستعد للالتحاق بصفوف القوات المسلحة الأوكرانية لمنع إجراء الاستفتاءات في مدينتي التي أعيش فيها أنا وعائلتي". 
يضيف الشاب الأوكراني: "لا أعترف بشرعية الاستفتاءات التي أجرتها روسيا، خاصة أنه تم الإسراع بإجرائها بالتزامن مع تقدم القوات الأوكرانية، في ما يبدو إعادة تصنيف الأراضي التي نحررها هجوماً على أجزاء من روسيا، كما أنني متأكد أن عدد من يريدون الانضمام إلى روسيا لا يزيد عن 2 في المائة، وربما هناك 5 في المائة آخرون سئموا من الحرب، ومستعدون لقبول أي شروط من أجل الأمان". 
من جانبها، تشعر الأستاذة بالجامعة الدولية للعلوم الإنسانية في أوديسا، مارغريتا ميلوفا، بقلق متزايد دفعها لاتخاذ قرار مغادرة مدينتها، شأنها في ذلك شأن ملايين الأوكرانيين الذين فروا من مدنهم وبلداتهم هرباً من الحرب.  
تقول ميلوفا التي تحمل درجة الدكتوراه في العلوم التربوية، لـ"العربي الجديد": "أنا مضطرة لمغادرة مدينتي خوفا من أن أصبح رقما في إحصاءات الخسائر الجانبية للحرب، ومضطرة لنقل أبنائي إلى مكان آمن رغم أنني كنت أتمنى مواصلة العيش في مدينتي التي أحبها من كل قلبي".  
وحول تقييمها استفتاءات ضم مناطق شرق أوكرانيا، تضيف: "أعتقد أن إجراء استفتاءات الضم سيزيد من درجة الغليان الدولي، وقد تتحول الحرب العالمية الهجينة الحالية إلى حرب عالمية ثالثة حقيقية. بالنسبة لي كمواطنة أوكرانية، هذه الاستفتاءات ليست وسيلة مشروعة لرسم حدود الأراضي، إلا أنه يجب الإقرار بأن هناك تضارباً في هوية سكان أراضي مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك الواقعتين في منطقة دونباس". 

وتستنكر ميلوفا الاحتفالات الروسية واسعة النطاق بضم مناطق شرق أوكرانيا: "أعتقد أنه لا ينبغي تنظيم أي احتفالات في هذا التوقيت، ولا أفهم كيف يمكن فعل ذلك بينما يتواصل سقوط القتلى. ينطبق ذلك على مدينتنا أيضاً التي تحلق فوقها طائرات مسيرة في الصباح، ويستيقظ أطفالها على دوي الانفجارات، ثم تفتح المطاعم شرفات إضافية في المساء. صحيح أن المصادر البسيطة للفرح لم يلغها أحد، ولكن يجب الاحتفال بانتهاء الحرب، وليس تنظيم عيد في وقت الطاعون" على حد تعبيرها. 
وبعد التوقيع على اتفاقيات انضمام مناطق شرقي أوكرانيا في الكرملين، أقيم في الساحة الحمراء بوسط موسكو، في مساء 30 سبتمبر/أيلول الماضي، حفلاً موسيقياً شارك فيه كبار الفنانين والسياسيين، وحضره عشرات الآلاف من المواطنين. بدورها، تأسف مديرة متحف الفن الغربي والشرقي في أوديسا، يكاتيرينا ميخيتسيفا، لعدم استعداد الطرفين الروسي والأوكراني للدخول في حوار، معتبرة أن توازن القوة على الأرض لا يزال يصب في صالح أوكرانيا. 

آلاف الروس يحتفلون في موسكو بضم مناطق شرقي أوكرانيا (Getty)
آلاف الروس يحتفلون في موسكو بضم مناطق شرقي أوكرانيا (Getty)

تقول ميخيتسيفا في حديث مع "العربي الجديد": "كغيري من المواطنين الأوكرانيين، حرصت خلال الأشهر السبعة الأخيرة على التعمق في سياقات السياسة العالمية، وكنت أتابع المواقع الإخبارية لمختلف الأطراف لاستخراج الحقائق من داخل فقاعة الدعاية، وأتابع يومياً آراء عشرات الخبراء، ولا أستشعر استعداد أي من الطرفين للدخول في حوار، وهذا يزيد من خوفي. يتفوق العسكريون الأوكرانيون على الروس من جهة مستوى تدريبهم، ودعم الحلفاء لهم، ولعل الأهم أن هذه الحرب بالنسبة إلى أوكرانيا هي حرب من أجل الوجود، بينما لا يظهر الروس أنفسهم كأمة، وإنما كمجموعات متفرقة من السكان بلا إرادة حقيقية في ظل ضبابية دوافع الأفراد المزمعة تعبئتهم، وضعف مستوى دعم التعبئة بين أبناء الطبقة الوسطى". 
واصطدم قرار التعبئة الجزئية في روسيا بردود أفعال غاضبة ورافضة من قبل السكان، تمثلت في رغبة مئات الآلاف مغادرة الأراضي الروسية، وخروج تظاهرات عفوية في عشرات المدن، من بينها تظاهرات نسائية في جمهورية داغستان ذات الأغلبية المسلمة في شمال القوقاز الروسي، بينما تراجعت نسبة استحسان أداء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من 83 إلى 77 في المائة، وفق استطلاع أجراه مركز "ليفادا" للتحليل، في نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

المساهمون