أكثر من 69 ألف نازح من جنوبي لبنان منذ 8 أكتوبر

08 يناير 2024
(فرانس برس)
+ الخط -

على وقع التصعيد العسكري الذي تشهده جبهة لبنان الجنوبية وتكثيف جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته على البلدات والقرى الحدودية ورفع وتيرة قصفه للساحات العامة ومنازل المدنيين، الأمر الذي يزيد التخوّفات من حرب مقبلة، يُسجَّل تزايد في عدد النازحين الذي تخطّى 69 ألفاً، بحسب ما أفادت مصادر رسمية لبنانية "العربي الجديد" اليوم الاثنين.

وأوضحت مصادر وزارية مطلعة لـ"العربي الجديد" أنّ "إجمالي الأشخاص النازحين منذ بدء المواجهات في جنوب لبنان، في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بلغ 69.009 في أحدث تقرير رسمي صادر عن الجهات المعنية، أمس الأحد في السابع من يناير/ كانون الثاني الجاري"، مشيرة إلى أنّ "الأرقام في تغيّر مستمرّ".

وتشهد المناطق الجنوبية في لبنان الواقعة عند الحدود مع فلسطين المحتلة تصعيداً عسكرياً منذ ثلاثة أشهر، غداة الحرب التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة من دون هوادة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، متسبّبة في "كارثة إنسانية غير مسبوقة" بحسب ما تؤكده الوكالات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية.   

وبيّنت هذه المصادر أنّ "28.336 من إجمالي النازحين بقوا في محافظة الجنوب، بالمناطق التي ما زالت آمنة ولا تتعرّض لقصف إسرائيلي، فيما نزح 19.614 إلى محافظة النبطية (جنوب)، و13.578 إلى محافظة جبل لبنان (وسط). أمّا الآخرون فتوزعوا على الشكل الآتي: 1.284 نازحاً في محافظة البقاع (شرق)، و5.070 في محافظة بيروت، و934 في محافظة بعلبك-الهرمل (شرق)، و175 في محافظة عكار، و18 في محافظة الشمال".

الصورة
أطفال نازحون لبنانيون في مدرسة في صور في جنوب لبنان بسبب القصف الإسرائيلي (Getty)
في إحدى المدارس التي تحوّلت إلى مركز إيواء للنازحين اللبنانيين من المناطق الجنوبية الحدودية (Getty)

وتابعت المصادر الوزارية أنّ "إجمالي النازحين في مراكز الإيواء بلغ 1.114 نازحاً، وهم يتوزعون على محافظات الجنوب (926) والنبطية (150) والبقاع (38). وقد بلغ إجمالي العائلات النازحة في مراكز الإيواء راهناً 409 عائلات، 348 منها في محافظة الجنوب و61 في محافظة النبطية".

وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ "عدد مراكز الإيواء بلغ 14 مأوى، ستّة منها في قضاء صور بمحافظة الجنوب، وسبعة في محافظة النبطية، ومأوى واحد في قضاء راشيا بمحافظة البقاع".

في الإطار نفسه، قال مصدر في وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان لـ"العربي الجديد" إنّ "مراكز الإيواء بمعظمها هي مبانٍ تعود إلى مدارس ومعاهد مهنيّة وجمعيات. في قضاء صور على سبيل المثال، تستقبل تكميلية صور الرسمية الثانية أكبر عدد من النازحين، بعدها الجامعة اللبنانية-الألمانية، إلى جانب تكميلية صور للبنات، ومدرسة صور الوطنية الحوش، في حين أنّ فندق مونتانا يؤوي بدوره نازحين".

أضاف المصدر أنّ "القرى الواقعة في النقاط الساخنة عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة باتت شبه خالية من السكان، وثمّة عائلات قصدت مراكز إيواء وأخرى انتقلت إلى أماكن مختلفة، لكنّ العدد الأكبر من العائلات يقيم مع الأقارب". ولفت إلى أنّ "الوضع يزداد صعوبة مع مرور الوقت، خصوصاً في ظل الإمكانات المحدودة. لكنّ المبادرات الإنسانية الفردية تلعب دوراً كبيراً في هذه الظروف الدقيقة التي تمرّ بها البلاد، وبدورنا نناشد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية أن تساعد في تأمين المواد الأساسية للنازحين".

أطباء بلا حدود: نازحو لبنان من دون أدوية

في سياق متصل، أفادت منظمة "أطباء بلا حدود"، في تقرير لها أصدرته اليوم الاثنين، بأنّ نازحين كثيرين يحتاجون إلى "مواد الإغاثة الأساسية"، مضيفة أنّ الأدوية نفدت لدى أشخاص آخرين يحتاجون إليها بانتظام. وأشارت المنظمة إلى أنّها "استجابة لهذا الوضع، أرسلت (...) فرقاً متنقلة لمساعدة النازحين وتزويدهم بالرعاية الصحية".

وفي تقريرها الذي أتى تحت عنوان "لبنان: أطباء بلا حدود توفّر الرعاية الصحية للنازحين عقب التصعيد على الحدود الجنوبية"، نقلت "أطباء بلا حدود" عن المواطن اللبناني عباس شيت من كفركلا (جنوب) قوله إنّ "السكان يحتاجون إلى الفرش والملابس والأدوية". وقد أكد شيت: "تركنا كلّ ممتلكاتنا عندما اشتدّ القصف، ولا يمكننا العودة لأخذ وصفاتنا الطبية أو حتى ملابسنا".

وبحسب المنظمة، فإنّ شيت كان يعمل في مجال البناء، "لكنّ كلّ الأعمال توقّفت مع بداية الأزمة الاقتصادية"، بحسب ما أشار إليه. وبالتالي صار عاجزاً عن كسب رزقه وإعالة أسرته، في ظلّ عدم توفّر أيّ فرص للعمل في الوقت الراهن.

وأكدت "أطباء بلا حدود" أنّ "التصعيد العسكري جاء ليفاقم أزمة إنسانية مستمرّة في لبنان ويزيد من احتياجات السكان" التي تصعب تلبيتها، موضحةً أنّ هذه الأزمة "أتمّت عامها الرابع ودفعت ثلثَي المواطنين نحو الفقر" وقد أثّرت بالتالي على "قدرتهم على تحمّل تكاليف السلع والخدمات الأساسية كالطعام والرعاية الصحية".

الصورة
عيادة لمنظمة أطباء بلا حدود في جنوب لبنان وسط التصعيد الإسرائيلي (إكس)
 محاولة لسدّ الثغرات وتوفير أدوية للأمراض المزمنة في إحدى عيادات "أطباء بلا حدود" جنوبي لبنان (إكس)

وأوضحت منظمة "أطباء بلا حدود" أنّ نظام الرعاية الصحية في لبنان "يعاني من أعباء الأزمة الاقتصادية التي أثقلت كاهله" كما هي حال كلّ القطاعات في البلد. لكنّها لفتت إلى أنّ "في الجنوب، قد تواجه المراكز الصحية المنهكة أساساً ضغوطاً متزايدة في حال تفاقمت الاحتياجات الطبية للنازحين".

وذكرت المنظمة، في تقريرها نفسه، أنّ فرقها المتنقّلة تدعم "مركزَين صحيَّين في منطقة النبطية جنوبي لبنان، عبر توفير الرعاية للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة وعبر تقديم إسعافات الصحة النفسية الأولية".

وفي هذا الإطار، قالت الطبيبة عايدة حسوني من فرق "أطباء بلا حدود" المتنقّلة، بحسب ما جاء في تقرير المنظمة، إنّ السكان عندما ينزحون "يضطرون إلى ترك منازلهم على حين غرّة. فينقطع العلاج الذي يتلقّونه، ولا سيّما في حالات الأمراض المزمنة. وفي ظلّ انعدام اليقين حول موعد عودتهم، نعمل على سدّ الفجوات عبر توفير رعاية الأمراض المزمنة". وتابعت أنّ من شأن ذلك أن يضمن "إكمال الأفراد علاجهم حتى يتمكّنوا من العودة إلى حياتهم الطبيعية".

تجدر الإشارة إلى أنّ لبنان يعاني في الأساس من أزمة تتعلّق بالأدوية الخاصة بالأمراض المستعصية، ولا سيّما أدوية السرطان شبه المفقودة من السوق، عدا عن ارتفاع التكاليف الباهظة للعلاج. وسبق أن شهدت العاصمة بيروت وقفة احتجاجية، رُفع الصوت في خلالها إذ إنّ آلاف المرضى في خطر ومصيرهم معلّق، في ظلّ استمرار المسؤولين بانتهاج سياسة الحلول الترقيعية منذ أواخر عام 2019.

المساهمون