تحت عنوان: "مغارة علي بابا... عندما يكون الخشت حاميها"، نشر أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة أيمن منصور ندا مقالاً في صفحته الشخصية على فيسبوك، اليوم الأربعاء، كشف فيه بالمستندات تورّط رئيس جامعة القاهرة محمد عثمان الخشت في العديد من وقائع الفساد المالي والإداري، على وقع الحرب الكلامية الدائرة منذ أشهر بين ندا وقيادات الجامعة، بسبب انتقاده لسياسات نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي ومناصريه.
وقال ندا في المقال: "هذه الوقائع تحتاج إلى ردّ رسمي من جامعة القاهرة، ولا يكفي فيها إطلاق اللجان الإلكترونية، أو الإشارة إلى أنّ باحثاً لبنانياً أشاد بعبقرية رئيس الجامعة... نعرضها، وتحت أيدينا الوثائق والمستندات كاملة، ونحن لا نشكّك في ذمة أحد، ولا نقدح في كفاءة أحد، وإنما نريد تفسيراً مناسباً، وتوضيحاً كافياً شافياً لهذه الوقائع".
وأضاف: "لكثرة هذه الوقائع، فسوف نعرض في كلّ يوم عدداً منها... لم نقبل ممن تواصلوا معنا للحديث عن بعض المخالفات سوى من لديه أوراق رسمية، أو مستندات تخصّ هذه الوقائع، والحصيلة هائلة... تحتاج إلى تحقيق، ومراجعة، ونبدأ بأقلها أهمية، وأكثرها دلالة على طريقة الإدارة في عزبة الخشت (جامعة القاهرة سابقاً)".
وتابع: "تقدم للترشح لوظيفة رئيس جامعة القاهرة (إبريل/نيسان ـ مايو/ أيار 2021) سبعة مرشحين، أصبحوا ستة بعد وفاة أحدهم... وحسب القواعد، يتقدّم كلّ مرشح بملف يحوي سيرته الشخصية، وبرنامجه لإدارة الجامعة في الفترة القادمة، وتكلفة طباعة ملف التقديم (بنسخه العشرة المطلوبة) لا تزيد على ألفي جنيه (حوالي 127 دولاراً) في أي مكتب تصوير مستندات بأعلى جودة... غير أنّ رئيس الجامعة ليس كبقية المرشّحين، إذ أمر بطباعة هذه الملفات في مطبعة الجامعة! وبمواصفات فنية وإخراجية خاصة، كلفت نحو 34 ألفاً و155 جنيهاً، بالإضافة إلى مكافآت العمّال والفنيين".
واستكمل ندا: "استغلال إمكانيات الجامعة، وأصولها، لصالح مرشح معين لا أعرف توصيفه القانوني والمحاسبي.. غير أنّه من الناحية الأخلاقية مجرم، وغير مقبول، ويعطي دلالة على أمور كثيرة... منها خلط الخاص بالعام، والعام بالخاص، والحصول على منافع وظيفية خاصة وشخصية من الوظيفة، هي أمور جرى العرف والقانون على عدم شرعيتها... وهل يحق لبقية المرشحين المطالبة بالمبلغ ذاته من خزينة الجامعة؟ أين تكافؤ الفرص والمساواة؟ وهل تطبق السياسة ذاتها في بقية الأمور الخاصة بالدكتور الخشت طوال فترة رئاسته للجامعة (2017 - 2021)".
وواصل قائلاً: "بلغت تكلفة الأعمال المطبعية لمكتب رئيس الجامعة في ميزانية مركز التعليم المدمج (التعليم المفتوح سابقاً)، نحو 101 ألف و316 جنيهاً (حوالي ستة آلاف و450 دولاراً) في العام المالي (2020 - 2021)، وهي تشمل طباعة بلوك نوت، وبرشور، وبوسترات، وكتيبات عن إنجازات الجامعة... هل هذا الإنفاق مبرر في جامعة حكومية، وفي مؤسسة خدمية، وليس لها مصدر تمويل غير أموال دافعي الضرائب تقريباً؟!".
وأضاف ندا: "مركز التعليم المدمج هو (مغارة علي بابا) في جامعة القاهرة، وبالإطلاع على الميزانيات التفصيلية للمركز بين عامي 2016 و2021 (لدي نسخ كاملة منها)، تبيّن أنّ هناك أوجه إنفاق غير مبرّرة تقدّر بملايين الجنيهات... ففي عام 2016، كان عدد الطلاب الملتحقين ببرامج التعليم المفتوح، البالغة 17 برنامجاً، نحو 120 ألف طالب، مقابل إجمالي مصروفات للأجور والمرتبات والمكافآت بلغ 41 مليون جنيه تقريباً... وفي عام 2021، وعدد الطلاب الملتحقين بالمركز لا يزيد على 14 ألف طالب، وعدد العاملين فيه لا يزيدون عن أصابع اليدين، حيث تجرى الامتحانات "أونلاين"، ولا توجد محاضرات حيّة بسبب ظروف جائحة كورونا، بلغت المصروفات أكثر من 46 مليون جنيه!".
وقال متابعاً: "اتصالاً بما سبق، فإنّ فائض ميزانية مركز التعليم المفتوح في عام 2016 كان 69 مليون جنيه تقريباً، في حين بلغ الفائض في ميزانية عام 2021 نحو 10 ملايين جنيه فقط... والسؤال: كيف نبرر ارتفاع بند المصروفات (المكافآت)؟ ومن الذي صرفها؟ ولصالح من؟ ولماذا أمرت وزارة المالية رئيس الجامعة برد مبلغ مقداره 750 ألف جنيه إلى الدولة، زيادة عن الحد الأقصى للراتب (يحصل رئيس جامعة القاهرة على 16 ألف جنيه كراتب أساسي، إضافة إلى 72 ألف مكافآت وحوافز)".
وكان ندا قد كتب مقالاً بعنوان "إعلام البغال: من أحمد موسى إلى كرم جبر"، كان الثامن ضمن سلسلة مقالات كتبها أستاذ الإعلام، هاجم خلالها مذيعين وصحافيين ومسؤولين في المؤسسة الإعلامية التابعة بمعظمها للمخابرات المصرية، ما دفع رئيس "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" في مصر كرم جبر إلى التقدم بشكوى إلى النائب العام، يتهم فيها ندا بارتكاب "جرائم سبّ وقذف في حق الإعلاميين في مصر عامة، وفي حق البعض منهم خاصة".
وقال ندا في مقاله: "كثيراً ما تختلط الأمور لدينا، وكثيراً ما يتشابه البقر علينا، فنرى الأشياء على غير حقيقتها... إعلامنا من بعيد نراه شيئاً، وعندما نقترب من تفاصيله نكتشف شيئاً آخر... إعلامنا في معظمه ينطبق عليه الوصف القرآني (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً)، والبغل هو كائن هجين من الخيل والحمير... فلا يملك جمال الخيل وشممها وشيمها، ولا يملك طاعة الحمير واستكانتها وخضوعها".
وأضاف: "إعلام البغال لا يمكن الإشادة به كرجل، ولا يمكن الإعجاب به كسيدة، فهو إعلام بلا نخوة، ولا شهامة، ولا قوة، ولا فعالية (...) إعلامنا مطية يركبها من يملك المال أو من يتولى الحكم أو هما معاً، ولا عزاء للمواطنين (...) إعلامنا لا يمثلنا، ولا يعكس هويتنا الثقافية، ولا يلبي احتياجاتنا المجتمعية، وغير قادر على التعبير عن أحلامنا وطموحاتنا".
من جهتها، فتحت كلية الإعلام في جامعة القاهرة تحقيقاً مع ندا، الذي يشغل منصب رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في الكلية، بزعم النظر في الشكوى المقدّمة ضده من أستاذ الإذاعة والتلفزيون السابق في الكلية بركات عبد العزيز، بشأن الاعتداء عليه في اجتماع للجنة الدراسات العليا منذ بضعة أشهر.