أفغانيات يواجهن خطر الاغتيالات

07 مايو 2021
أقارب قاضيتين اغتيلتا أواخر العام الماضي (وكيل كوهسار/ فرانس برس)
+ الخط -

 

خلال الفترة الأخيرة، شهدت أفغانستان عمليات اغتيال ممنهجة بحق النساء، وخصوصاً العاملات منهن في القطاع الحكومي والمؤسسات غير الحكومية. قتلت ثلاث متطوعات في حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في مدينة جلال أباد، مركز إقليم ننجرهار شرقي البلاد. وقتلت الناشطة نسرين باركزاي في إقليم بغلان بالشمال. كذلك قتلت عضو الفريق الوطني للعبة كرة السلة نوريه تابش، في إقليم سربل شمال البلاد. جرائم خلقت جواً من الخوف بين الأفغانيات عموماً والموظفات في الحكومة على وجه خاص. 

وسبق أن قتلت ثلاث موظفات في محطة تلفزيونية محلية "أنيكاس تي في"، في هجومين منفصلين في مدينة جلال أباد خلال مارس/ آذار الماضي. وقال مدير المحطة زلماي لطيفي، إن الموظفات الثلاث قتلن في هجومين منفصلين، مضيفاً: "كن عائدات إلى المنزل من المكتب سيراً على الأقدام حين تعرضن لإطلاق النار". وأشار إلى أن النساء الثلاث يعملن في قسم الدبلجة في المحطة. كما اغتيلت الطبيبة النسائية صدف إلياس في الشهر نفسه والمدينة نفسها. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2020، اغتيلت الصحافية في محطة انعكاس ملاله ميوند في مدينة جلال أباد، كما اغتيلت قاضيتان في المحكمة الأفغانية في العاصمة كابول. 

كلّ هذه الجرائم وغيرها أثارت ردود فعل غاضبة على المستويات الشعبية والسياسية والإعلامية، وخلقت حالة من الخوف والقلق في أوساط النساء العاملات في الحكومة، والمؤسسات غير الحكومية، وكل امرأة تخرج من منزلها إلى العمل من أجل كسب لقمة العيش في بلد يعيش معظم سكانه تحت خط الفقر المدقع، ونصف نسائه تضررن من جراء الحرب بأشكال مختلفة.تقول مونسى عظيم (35 عاماً)، وهي موظفة في وزارة المالية، لـ "العربي الجديد"، إن "الأمور تتعقد في أفغانستان بشكل مستمر والوضع الأمني يسير نحو الأسوأ. بالتالي، الجميع معرضون للخطر، لا سيما النساء، إذ تستهدفهن الاغتيالات". تضيف: "في السابق، كانت المرأة في أفغانستان تواجه عقبات أخرى وبأشكال مختلفة، منها الأعراف والتقاليد السائدة التي تلعب دوراً كبيراً في قضية الاغتيالات، إذ إن الجماعات المسلحة أو الجهات التي تغتال النساء، تعتبر أنه يتوجب على المرأة الأفغانية البقاء في بيتها وعدم الخروج منه. كما أنّ العمل في الحكومة أو المؤسسات يعد مبرراً أساسياً لاستهداف النساء وقتلهن".

المرأة
التحديثات الحية

وتعليقاً على هذا الواقع، تقول الناشطة والإعلامية فيروزه عزيزي، لـ "العربي الجديد": "خلال الآونة الأخيرة، تواجه المرأة الأفغانية، وتحديداً الموظفات في الحكومة، خطر الاغتيال. وتكثر هذه الحوادث في الأقاليم والمدن النائية، علماً أنها موجودة في العاصمة كابول أيضاً، وتؤثر على نفسية النساء، إذ إن كثيرات يرغمن على ترك العمل بسبب التهديدات. بالتالي، تواجه المرأة المثقفة التي أمضت فترة طويلة من حياتها في التعليم وتخطت كل العقبات الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، معضلة كبيرة".

تضيف عزيزي أنّه "في بعض الأحيان، ترغم الأسرة المرأة على ترك العمل". في هذا الإطار، ترى أنّ الحلّ هو أن تولي الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي اهتماماً حقيقياً بقضايا المرأة، خصوصاً في ما يتعلق بالتهديدات التي تتعرض لها في مجال العمل، لافتة إلى أنّ المرأة الأفغانية قلقة أيضاً بشأن مستقبلها، خصوصاً في ظل عملية السلام الجارية بين الحكومة وحركة "طالبان". وتوضح أنه ليست هناك أيّ مساهمة للمرأة فيها. 

الصورة
تعيش النساء حالة من الخوف (هوشانغ هاشمي/ فرانس برس)
الخوف يرافقهنّ أينما وُجدنَ (هوشانغ هاشمي/ فرانس برس)

كذلك تشير عزيزي إلى أن استمرار تلك الأحداث يدفع بعض العائلات الأفغانية إلى منع خروج المرأة من المنزل وترك العمل. من بين هؤلاء زينت وفا، وهي أم لأربعة أطفال، كانت تعمل في إدارة التعليم المحلية في إقليم ننجرهار. بعد حوادث الاغتيال المتكررة في المدينة، أجبرها زوجها على ترك العمل. تقول لـ"العربي الجديد": "من الصعب جداً أن يترك المرء عمله، خصوصاً في هذه الظروف المعيشية القاسية. لكنّ زوجي أرغمني على ذلك، وأخبرني أن حياتي أكثر أهمية من العمل وكسب المال".

في المقابل، ترفض الناشطة عاطفة طيب خيار زينت وفا. وتقول لـ"العربي الجديد" إنّه "لا بد من الكفاح والعمل ومجابهة هذه الظروف لأنّ الجماعات المسلحة أو الجهات التي تقوم باغتيال النساء هدفها الأساسي هو أن تترك النساء العمل ويبقين في منازلهن. بالتالي، عندما نقرر نحن ترك العمل، فهذا يعني أن الجهة المنفذة للاغتيالات قد نجحت في الوصول إلى الهدف". وتؤكد أنّه من واجب الحكومة والمجتمع الدولي إيلاء اهتمام كبير بهذا الجانب، محذرة من أنّه مع "خروج القوات الدولية والأميركية، ستتدهور الأوضاع الأمنية، وستدفع المرأة ثمناً أكبر".

المرأة
التحديثات الحية

إلى ذلك، تكتفي وزارة شؤون المرأة بالإدانات والشجب، وتطالب المجتمع الدولي والحكومة بإيلاء اهتمام أكبر بشؤون المرأة عموماً، والتي تعمل في الحكومة على وجه الخصوص. توضح طيب أنّ "المشكلة الأساسية تكمن في أن الحكومة مشغولة بملفات أمنية معقدة، خصوصاً في هذه الظروف، إذ تغادر القوات الأجنبية البلاد. في الوقت نفسه، ما من جهة أخرى معنية بالاهتمام بشؤون المرأة ومستقبلها".

المساهمون