استمع إلى الملخص
- ماري لويز إيغلتون من يونيسف تصف الوضع بأنه كابوس حقيقي للأطفال الذين خسروا عائلاتهم، منازلهم، ومدارسهم، مؤكدة على الحاجة الماسة لتدخل عاجل لتوفير المساعدة.
- يونيسف تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وتأمين طرق لإيصال المساعدات الإنسانية، مع التأكيد على أن الأطفال يجب أن يُحموا من تداعيات الحروب والنزاعات.
وسط ما وصفته مسؤولة أممية بأنّه "أزمة منسيّة"، يعاني أطفال السودان فيما الحرب التي تخطّت عامها الأول مستمرّة في البلاد مع كلّ تداعياتها على هؤلاء الذين يمثّلون إحدى الفئات الأكثر هشاشةً وسط النزاعات. وكانت أكثر من وكالة تابعة للأمم المتحدة ومنظمة دولية قد أكّدت منذ بدايات الحرب في السودان أنّ الأزمة الإنسانية بلا حدود في البلاد المأزومة، علماً أنّ الأمور ما زالت على حالها بعد أكثر من 13 شهراً من القتال، وإن أتى متقطّعاً. ويبدو ذلك واضحاً من خلال بلوغ الجوع مستويات كارثية، مع نحو أربعة ملايين طفل في البلاد مهدّدين بسوء تغذية حاد، في حين أنّ أطفال السودان يمثّلون عدد المهجّرين الصغار الأكبر في العالم.
وفي تقرير نشرته نائبة ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في السودان ماري لويز إيغلتون، قبل أيام، تحت عنوان "الحرب في السودان: شهادة حول أزمة منسيّة"، أكدت أنّ وسط الحرب المستعرة منذ 15 إبريل/ نيسان 2023، يعيش نحو "24 مليون طفل سوداني كابوساً حقيقياً". وشرحت إيغلتون أنّ كثيرين من هؤلاء خسروا كلّ شيء في خلال هذه الحرب، بما في ذلك الوالدَان والإخوة والأخوات والأصدقاء. وبالتأكيد إنّ الخسائر لا تتوقّف هنا، فأطفال السودان خسروا كذلك مساحتهم الآمنة في منازلهم وأحيائهم وبلداتهم ومدارسهم، مثلما خسروا ألعابهم وبعضاً من أنفسهم وقد اقتُلعوا من محيطهم.
#Sudan is grappling with one of the worst malnutrition crises in the world. Close to 4 million children are acutely malnourished.@UNICEFSudan is working together with partners and communities to save children's lives and help them thrive. https://t.co/pb7BMRNCw0
— UNICEF USA (@UNICEFUSA) May 23, 2024
أطفال السودان يختبرون أسوأ أزمة تهجير في العالم
وأوضحت إيغلتون أنّ أكثر من 4.6 ملايين طفل هُجّروا، وقد اضطروا إلى ترك منازلهم بسبب هجمات شُنَّت على بلداتهم. وأشارت إلى أنّه في حين وجدت أعداد منهم مأوى في أنحاء أخرى من السودان، فإنّ آخرين عبروا الحدود مع الدول المجاورة ولا سيّما تشاد، مشدّدةً على أنّ هؤلاء في حاجة طارئة إلى مساعدة في خلال نزوحهم. وفي هذا الإطار، كانت منظمة يونيسف - الولايات المتحدة الأميركية قد أفادت، في بداية مايو الجاري، بأنّ السودان يواجه أكبر أزمة تهجير أطفال في العالم، مع أكثر من 1.7 مليون شخص لجأوا إلى الدول المجاورة.
وقد عملت منظمة يونيسف، منذ بداية الحرب، على نقل قصص أطفال قطعوا مسافات كبيرة سيراً على الأقدام، وذلك على مدى ساعات طويلة وحتى أيام، بحثاً عن مأوى. وهذا أمر يؤكد بحسب إيغلتون أنّ أطفال السودان يعيشون أسوأ أزمة تهجير أطفال في العالم، إذ يجدون أنفسهم في كلّ يوم أكثر عدداً على طرقات النزوح.
ورأت نائبة ممثل منظمة يونيسف في السودان أنّ الشعب العاجز في السودان يواجه واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في العقد الجاري، وبيّنت أنّ "الوضع كارثي" في مناطق القتال المشتعلة. وكشفت إيغلتون أنّ 3.7 ملايين طفل يعانون من سوء تغذية حاد، من بينهم 730 ألفاً من سوء تغذية حاد وخيم وهم على وشك الموت.
بدورها، أفادت المديرة الإقليمية لمنظمة يونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خضر، في تدوينة نشرتها على موقع إكس أخيراً، بأنّ أطفال السودان ما زالوا يدفعون ثمن الحرب في البلاد. وأسفت المسؤولة الأممية لأنّ ثمّة أطفالاً يعانون من الجوع وسوء التغذية، علماً أنّنا اليوم في القرن الواحد والعشرين.
Children continue to pay the price of war in #Sudan. This is the 21st century and children still suffer from hunger and malnutrition ! https://t.co/ZjKCsH3Pkw
— Adele Khodr (@AdeleKhodr) May 22, 2024
أطفال السودان لم يبدأوا الحرب
وبيّنت نائبة ممثل منظمة يونيسف في السودان أنّ ما بين الجوع والنزوح الجماعي والأوبئة المتكرّرة، يحتاج نحو 14 مليوناً من أطفال السودان إلى مساعدة إنسانية بصورة طارئة، فيما أشارت إلى أنّ مدارس كثيرة أغلقت أبوابها منذ بداية الحرب لتحرم نحو 19 مليون طفل من التعليم. وبالنسبة إلى إيغلتون، فإنّ السودان مهدّد بـ"مجاعة غير مسبوقة"، ما لم يضع المجتمع الدولي والطرفَان المتقاتلَان حدّاً لهذه الحرب.
بدورها، كتبت ممثلة منظمة يونيسف في السودان مانديب أوبرين، في تدوينة نشرتها على موقع إكس أخيراً، أنّ منظمتها في حاجة إلى وقف لإطلاق النار وإلى تأمين طريق من دون عوائق لإيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى السودان، مبيّنةً أنّ أطفال السودان ما زالوا يتحمّلون وطأة القتال المكثّف في ولاية شمال دارفور (غرب) وخارجها. وشدّدت أوبرين على أنّ "الأطفال لا يبدأون الحروب، وهم غير قادرين كذلك على إيقافها"، وتابعت أنّ "الأطفال ليسوا هدفاً (للحروب) ولا بدّ من توفير الحماية لهم". ودعت في التدوينة نفسها: "أوقفوا الأذى"، مطالبةً بإحلال السلام فوراً.
والحرب القائمة في السودان كانت قد اندلعت في منتصف إبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وفاقمت الأزمات التي يتخبّط فيها السودان، ولا سيّما أنّ البلاد كانت في الأساس تستقبل 3.2 ملايين نازح في إقليم دارفور إلى جانب 1.1 مليون لاجئ من دول الجوار.
تجدر الإشارة إلى أنّ الانتهاكات لطالما كانت فاضحة بحقّ أطفال السودان في فترة ما قبل الحرب الأخيرة، وقد تضاعفت تلك الانتهاكات الخطرة خمس مرّات ما بين عامَي 2022 و2023، خصوصاً في إقليم دارفور. وهو الأمر الذي دفع نائبة ممثل منظمة يونيسف في السودان إلى توقّع تدهور الوضع أكثر، إذ إنّ ذلك بالنسبة إليها يعني أنّ عدد أطفال السودان الذين قُتلوا أو أُصيبوا أو جُنّدوا قسراً في الجماعات المسلحة في تزايد على أرض الواقع، منذ بداية الحرب قبل أكثر من 13 شهراً. وبحسب تقديرات إيغلتون، فإنّ "أكثر من أربعة آلاف و500 حالة جرى التحقّق منها وتوثيقها، لكنّنا نعلم أنّ هذا الرقم أعلى في الواقع"، لكنّه من الصعب جداً التحقّق من تلك الانتهاكات وضبطها في ظلّ الحرب المتواصلة.