تتكرر مطالبة الجسم الطبي والتمريضي في المغرب، وزارة الصحة، بالحصول على الإجازات السنوية بعد عامٍ صعب، اضطروا خلاله إلى أن يكونوا في الصفوف الأمامية لمواجهة فيروس كورونا، وذلك بعدما تغلب عليهم التعب والإرهاق
"بعد عام من المعاناة في ظلّ تفشي جائحة كورونا، وما ترتب عليها من أخطار وعواقب من جراء الضغوط النفسية والاجتماعية والصحية، نُحرم من الاستفادة من الإجازات السنوية والرخص". هذا ما يقوله الطبيب أحمد عن معاناة الجسم الطبي والتمريضي في المغرب، الذين اضطروا إلى العمل ساعات إضافية في ظل تفشي الوباء، وذلك بعدما لم يتمكن المئات منهم من الاستفادة من الإجازات السنوية.
يضيف أحمد، لـ "العربي الجديد ": "الأمر منهك نفسياً، وحالي لا يختلف عن حال جميع زملائي. ويبدو لي الأمر وكأنّنا نعيش في سجن مفتوح. قبل الجائحة، كان يمكن التنفيس عن ضغط العمل من خلال الخروج ورؤية الأصدقاء والأهل في أيام العطل. لكن اليوم، ورغم انخفاض أعداد الإصابات، نحرم من الاستفادة من العُطل الإدارية، الأمر الذي يضاعف معاناتنا".
وكان يفترض أن يحصل الأطباء والممرضون على عطلة للراحة في ظل كل ما عانوه من ضغط نفسي وإجهاد، إلا أن ذلك لم يتحقق. وقبل أيام، حذر هؤلاء من "تدهور أحوال العاملين في القطاع الصحي النفسية نتيجة لاستنزافهم مهنياً"، مطالبين وزير الصحة خالد آيت الطالب بالسماح لهم بالاستفادة من عطلهم السنوية.
في هذا الإطار، أعلنت النقابة الوطنية للصحة العمومية التابعة للفيدرالية الديمقراطية في الرباط، سلا القنيطرة، عن قلقها بسبب الأزمة الخانقة التي يشكلها اليوم استمرار وزارة الصحة في تعليق الرخص الإدارية، وحرمان الأطر الصحية بكل فئاتها من الاستفادة من عطلها لأكثر من سنة.
وبحسب النقابة، فإن العاملين في القطاع الصحي يُستنزفون مهنياً ونفسياً، وقد أصيب كثيرون بالفيروس وتوفي بعضهم. كما أن عدم قدرتهم على الحصول على عطل يربكهم، خصوصاً في فترات العطل المدرسية، إذ يضطرون إلى رعاية أطفالهم طوال اليوم. وتلفت النقابة إلى أنه "رغم العمل المضني وحالة التعب الشديدة والانهيار النفسي والجسدي بين العاملين في القطاع الصحي، والضغوط النفسية، لم تأخذ الوزارة كل ما سبق في الحسبان وتسمح للعاملين في القطاع بالاستفادة من العطل التي تعتبر حقاً مكتسباً لجميع الموظفين والمستخدمين بقوة القانون، وهي ليست هبة من أحد".
إلى ذلك، يقول الكاتب العام للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، المنتظر العلوي، لـ "العربي الجديد"، إن عدداً كبيراً من الأطباء لم يستفد بعد من عطله، الأمر الذي يؤثر سلباً على صحته، مشيراً إلى أن وزارة الصحة تقترح إمكانية الاستفادة من العُطل الإدارية لصالح الأطباء، على ألا تكون رسمية. وبسبب النقص الكبير في عدد العاملين في القطاع الصحي، يتوجب على الطبيب الراغب في الحصول على عطلة إيجاد زميل له ليحل محله".
ويرى العلوي أن الأطباء بذلوا جهوداً جبارة منذ بدء تفشي الجائحة، داعياً الطالب إلى "إعادة بحث إمكانية الاستفادة من العطل الإدارية، ولو استدعى الأمر دراسة كل حالة على حدة، وضمان ألا يحصل أطباء على إجازات دفعة واحدة، مع طرح إمكانية تعويض الطبيب مادياً، بإعطائه راتب شهر إضافيا لمن أراد".
وبحسب النائب البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية، والقيادي النقابي مصطفى الشناوي، فإن منع الجسم الطبي والتمريضي من الاستفادة من العطل السنوية زاد من معاناته ومعاناة العائلات، خصوصاً في ظل وجود نقص كبير في أعداد الأطباء والممرضين، عدا عن البنية الهشة للقطاع الصحي". ويلفت، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن تلك الطواقم ظلت تعمل طيلة فترة الجائحة وأدت واجبها، كما قدمت تضحيات وقد لقي البعض حتفه من جراء إصابته بالفيروس، وبالتالي من الواجب تلبية مطالب هؤلاء العاملين في القطاع الصحي الحكومي".
وكان قرار إلغاء العطل الصيفية للجسم الطبي والتمريضي قد أثار غضب هؤلاء ضد الطالب، بسبب ما يعانونه من إجهاد بسبب تضاعف عملهم منذ بدء تفشي الجائحة في البلاد. وأثار القرار الذي أصدرته وزارة الصحة، في 3 أغسطس/آب الماضي، غضباً كبيراً في صفوف العاملين في القطاع الصحي، الذين لطالما راهنوا على "استراحة محارب" قبل العودة ومواصلة المعركة ضد فيروس كورونا.
وفي أغسطس/آب الماضي، أصدر الطالب مذكرة استعجالية موجهة إلى جميع الأطر الصحية في المغرب، تتضمن تعليق منح رخص العطلة السنوية بسبب تزايد انتشار وباء كورونا. وأمر في مذكرته الموجهة إلى مسؤولي الوزارة ومدراء المراكز الاستشفائية الجامعية، والمدراء الجهويين للصحة ومدراء معهد باستور ومدراء معاهد الصحة وغيرها، توقيف منح رخص العطل بسبب تفشي الوباء.