أعربت أسرة الناشط السياسي المصري المعتقل أحمد دومة عن "قلقها الشديد إزاء ما يمر به ابنها منذ نقله من سجن طرة تحقيق إلى سجن المزرعة بمنطقة سجون طرة".
وقالت الأسرة في بيان، أمس الأربعاء: "حاولنا أن ننتظر حتى تتحسّن الأوضاع ولو قليلا دون جدوى، حيث طالب دومة بالحد الأدنى من حقوقه داخل محبسه، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل ما بين تجاهل ووعود واهية بتحسين الوضع".
وأضافت أنه "في ظل هذا الانتظار، ازداد الأمر سوءا، ما دفعه إلى إعلان إضراب مفتوح عن الطعام وحتى المحلول الطبي، بعد حرمانه من حقوقه الأساسية، وزيادة التضييق عليه، وصولاً إلى تكرار الاعتداء عليه وزملائه، مما يشعرنا بقلق بالغ على حياته".
وأشارت الأسرة إلى أنه "منذ وقت طويل يعاني ابننا من ظروف صحية شديدة الصعوبة دون أن يتحرك أحد لإنقاذه، فعلى مدار ثماني سنوات ونصف من الحبس حتى الآن قضى معظمها بالحبس الانفرادي الذي أثر سلباً على صحته النفسية والجسدية".
وأضافت أنه "على المستوى النفسي، عانى دومة الكثير من المشاكل، وأصبح منذ أكثر من ثلاث سنوات يعاني من اكتئاب حاد، وفقاً لتشخيص طبيب السجن، صاحبت هذا الاكتئاب مؤخراً نوبات هلع. وقد تقدمنا بعدة طلبات للنيابة العامة حتى نتمكن من استقدام طبيب متخصص في مثل تلك الحالات ليقدم الدعم الطبي الملائم، إذ اشتكى أحمد من أسلوب الطبيب الذي قامت إدارة السجن باستقدامه، ووصف جلسة العلاج بـ(الهزلية). فكيف يتم تقديم جلسة دعم نفسي في غضون خمس دقائق وسط عشرات المرضى المحتشدين في صفوف أمام الطبيب؟ لكن لم تتم الاستجابة لأي من طلباتنا".
وتابع البيان: "على مستوى الصحة الجسدية، يعاني دومة منذ عدة سنوات من خشونة شديدة في المفاصل ارتقت لحد التآكل في الشهور الماضية، تلا ذلك انزلاق غضروفي يسبب له آلاماً دائمة. وقد طالبنا وناشدنا المسؤولين بحل تلك الأزمة بعرضه على متخصصين، فقد خسر أحمد الكثير في فترة حبسه الماضية، الأمر الذي يهدّد قدرته على المشي إذا استمر الوضع كما هو عليه".
وأضاف: "لا تتوقف معاناة أحمد عند هذا الحد، بل يعاني أيضاً من مشكلة في أنفه نتيجة كسر نجم عن محاولة بعض السجناء المتشددين قتله بجلسة محاكمة سابقة، وتسببت تلك المشكلة في ضيق وصعوبة شديدة في التنفس، خاصة في الأماكن الضيقة وحالات الطقس المحمل بالأتربة، مما يفاقم من معاناته على جميع المستويات".
وقالت أسرة دومة إنه "نظراً لكل تلك المشكلات، طالب دومة مراراً بحقوقه الأساسية كسجين وفقاً للقانون، ومنها تغيير زنزانته، حيث يقبع الآن بزنزانة شديدة الضيق تتسع تقريبا بمقدار مترين خارج السرير محل نومه، مهدمة وشديدة القذارة. كما طالب بزيادة ساعات التريض المسموح له بها بما يتفق مع لائحة السجون وبالصحف القومية التي كفلها القانون للمحكوم عليهم، وصولا إلى الرعاية الصحية اللازمة. إلا أن إدارة السجن تجاهلت كل طلباته، بل واتخذت أسلوباً عدائياً حين أعرب أحمد عن عدم قدرته على تحمل تلك الظروف ورغبته في الإضراب عن الطعام، فقام أحد مخبري السجن بافتعال مشكلة معه والاعتداء عليه، ما دفعه لتعجيل قرار إضرابه عن الطعام".
ولفتت الأسرة في بيانها، إلى أن دومة "اختصم في محضر إثبات إضرابه عن الطعام مفتش مباحث منطقة سجون طره ويدعى العميد أحمد الوكيل، بصفته المسؤول المباشر عن مباحث السجن التي تقوم بكل تلك الانتهاكات، بالإضافة لتكرار الاعتداء عليه وزملائه بمحبسهم من أفراد المباحث الذي يرأسهم أحمد الوكيل..، إذ سبق أن اعتدى هذا العميد على أحد زملاء أحمد بالحبس وأصابه بظهره، ترتب على هذا المحضر أن حضر العميد أحمد الوكيل بصحبة قوة ضاربة لزنزانة أحمد واعتدى عليه، وقامت القوة بنقله من زنزانته لأخرى انفرادية عنوة، ما دفعه للإضراب حتى عن الماء والمحاليل الطبية، كما دخل عدد من زملائه بإضراب عن الطعام اعتراضاً على ما حدث".
وقالت الأسرة: "نحن نتحدث عن انتهاكات جسيمة وغير مسبوقة للقانون وحقوق الإنسان وحقوق السجناء بعهدة وزارة الداخلية، وتحت رقابة النيابة العامة، وبسلطة مطلقة للأمن الوطني في إدارة السجون وتسيير أوضاع المحبوسين. ولا نعلم لماذا كل هذا الكم من البغض والكراهية تجاه ابننا. ألا يكفي كل تلك السنين التي قضاها أحمد وحيدا خلف القضبان وهو لم يسع يوما إلى شيء سوى مشاركة البسطاء حلمهم في تحسين أوضاعنا وبناء وطن أفضل؟".
وأضافت الأسرة: "إننا كأسرة أحمد، نُحمّل مسؤولية حياته وسلامته الصحية والنفسية وهو المضرب الآن عن الطعام والشراب والمحاليل الطبية، لرئيس الجمهورية بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية، ولوزير الداخلية والنائب العام، ونطالب بتحقيق عاجل وعادل في ملابسات الاعتداء على أحمد وحرمانه من حقوقه الأساسية. كما نطالب أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، مروجي الاستراتيجية القومية لحقوق الإنسان، بزيارة عاجلة لسجن مزرعة طرة للاستماع لأحمد وزملائه والوقوف على حقيقة أوضاعهم وما يعانونه وكذا ملابسات واقعة الاعتداء، والقيام بدورهم في مصارحة الرأي العام وسؤال المسؤولين عن هذه الانتهاكات".
كما طالبت نواب البرلمان المصري المخول لهم الدفاع عن حقوق كل المصريين "باستجواب وزير الداخلية عما يحدث بهذا السجن، ومدى إنفاذ القانون ومحاسبة المسؤولين وحماية السجناء تحت سلطته. فكيف يقوم سجين باختصام عميد في محضر رسمي لاعتدائه على زملائه فيكون الرد باعتدائه عليه هو أيضاً دون أي تردد أو خوف من المساءلة القانونية؟".