يدخل الاحتقان في قطاع التعليم بالمغرب، أسبوعه الرابع، بإضراب جديد عن العمل في سياق معركة يخوضها آلاف الأساتذة لإسقاط النظام الأساسي الجديد لموظفي القطاع، في وقت دعا فيه رئيس الحكومة عزيز أخنوش المضربين إلى العودة إلى التدريس، في انتظار الاستماع إلى ملفهم المطلبي.
وللأسبوع الرابع على التوالي، تعيش المدارس الحكومية على وقع الشلل بسبب إضراب فئات تعليمية وكودار إدارية وتربوية عدة رفضا للمقتضيات الجديدة التي جاء بها النظام الأساسي لموظفي القطاع، والتي يعتبرها الأساتذة غير منصفة لهم.
وبالرغم من اعلان بعض النقابات (الجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل، والجامعة الحرة للتعليم التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب) التراجع عن الإضراب ودعوتها الأساتذة إلى العودة إلى الفصول لفسح المجال لمواصلة الحوار مع الحكومة والوزارة الوصية، إلا أن آلاف الأساتذة أصروا على الاستمرار في الإضراب والاستعداد للتصعيد إلى حين تحقيق مطالبهم بإسقاط النظام الأساسي الجديد.
وفي السياق، نظمت "التنسيق الوطني للشغيلة التعليمية" بمختلف هيئاتها إضرابا لمدة 3 أيام بدأ أمس الاثنين وينتهي غدا الأربعاء، فيما اختارت "التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد" تنفيذ إضراب يمتد من اليوم إلى بعد غد الخميس.
بدورها، قررت "التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم بالمغرب" الدخول في إضراب وطني لأربعة أيام ابتدأ أمس الاثنين ويستمر إلى غاية بعد غد الخميس، مع تنظيم وقفات احتجاجية أمام المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية صباح غد الأربعاء.
يأتي ذلك، في وقت أكد فيه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن حكومته ستعمل على إيجاد حلول ترضي الجميع، بما يخدم مصالحهم ومصالح التلاميذ، داعيا المعلمين إلى العودة للتدريس، في انتظار الاستماع إلى ملفهم المطلبي.
وأعلن أخنوش، خلال مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع الأغلبية الحكومية، مساء أمس، أن الحكومة شكلت لجنة وزارية لحل الملف، تتألف من عدة وزراء، وأنها ستعقد اجتماعها الأول برئاسته، على أن يتم بعد ذلك عقد اجتماعات دورية من أجل التوصل إلى حل نهائي. وأكد أن النظام الأساسي الجديد قابل للنقاش، وأن الحكومة مستعدة للقيام بالتعديلات اللازمة، بما يتلاءم مع إمكاناتها ومواردها المالية.
وفي السياق، اعتبر رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، عبد الواحد الزيات، أن ملف قطاع التعليم دخل أزمة عميقة جدا، لن يكون حلها بالتماطل في كسب الوقت في ظل رفض مكونات الأسرة التعليمية للنظام الأساسي، لافتا إلى أن "كل الإصلاحات التي همت قطاع التعليم أهملت تحسين ظروف موظفي قطاع التعليم خاصة هيئة التدريس، وأن وزراء المالية كانوا بخلاء إلى درجة كبيرة في تحسين ظروفها خلافا لما هو الوضع في قطاعهم وفي قطاعات أخرى".
وقال لـ"العربي الجديد": "وصول الأزمة إلى النفق المسدود هو نتاج عدم استشعار حجم انهيار الثقة التي أضحت تشكل هوة كبيرة بين الأسرة التعليمية والحكومة، وهو ما سينعكس على الملايين من التلاميذ وعلى آبائهم"، معتبرا أن مصلحة القطاع ينبغي أن تستحضرها الحكومة أولا والبرلمان ثانيا بالجدية المطلوبة والمستعجلة في إيجاد الحلول المرضية للأسرة التعليمية لاستعادة الثقة، وأولها سحب النظام الأساسي الذي يعد أمرا غير صعب، ولن ينال من صورة الحكومة بل سيمنحها قوة أكبر.
ولفت الزيات إلى أنه يمكن لرئيس الحكومة أن يقدم التماسا إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس من أجل إحداث لجنة ملكية تتولى الإشراف على إعداد مشروع النظام الأساسي من خيرة النخبة الوطنية المشهود لها بالكفاءة والوطنية العالية، وأن تفتح باب الاستماع إلى كافة مكونات الأسرة التعليمية، كما يمكن إحداث منصة إلكترونية لجمع المقترحات لتكون مشاركة واسعة لكافة الأسرة التعليمية.
وتابع: "سحب النظام الأساسي ليس بالأمر المستحيل، لكن الأخطر هو أن يستمر الاحتقان في الزيادة وإحداث زلزال كبير في قطاع التعليم والاتجاه نحو سنة بيضاء. وقد يزيد الطين بلة انضمام التلاميذ والآباء إلى الإضرابات المتنامية، ما قد يؤدي إلى إسقاط الحكومة عندما تتعقد الأمور أكثر".
ويقول المضربون إن النظام الأساسي الجديد "يحمل العديد من التراجعات، تتجسّد في فك ارتباطه بنظام الوظيفة العمومية، وخلق تمايزات بين الفئات التعليمية، وإثقال هيئة التدريس بمهام تدخل في حكم التطوع، وعدم التنقيص من ساعات العمل، وتكريس نظام التعاقد في قطاع التعليم عبر تقوية إطاره القانوني، وسن مؤشرات مرتبطة بالتفكير المقاولاتي في تقييم الأطر التربوية المسماة (الموارد البشرية)، والإجهاز على الحق في الترقية بالشهادة من خلال ربطها بالمباراة وتوفر المناصب المالية".