مضت سبعة أسابيع على إغلاق معبر باب الهوى الحدودي أمام قوافل المساعدات الإنسانية التي تدخل عبره إلى منطقة شمال غربي سورية. ومع هذا التوقف، بدأت أزمة الخبز لتضاف إلى أزمة الغذاء، وقد توقفت إمدادات الخبز عن عشرات المخيمات في المنطقة.
ويعيش النازحون في المخيمات وضعاً معيشياً صعباً ونقصاً في الغذاء وخصوصاً الخبز، ومنهم النازح عبد الكريم جاسم حمود، المقيم في مخيم نسائم الخير 2 بتجمع مخيمات دير حسان. وقال لـ "العربي الجديد": "نحن عائلة مكونة من خمسة أشخاص نشتري 5 ربطات خبز، والسلة التي كنا نأخذها تضمّ 4 كيلوغرامات من البرغل و4 كيلوغرامات من الأرز و4 كيلوغرامات من السكر. نواجه كارثة إنسانية حقيقية في المخيمات. أزمة الخبز والسلة أنهكتنا. السلة لا تكفي أكثر من أسبوع. نأكل كيلوغرامين من البرغل في اليوم. نطالب بتحسين الوضع المعيشي".
أحمد الجاسم نازح من ريف حماه، تحدث لـ"العربي الجديد" عن النقص في مادة الخبز وقال: "كان في السلة الغذائية طحين، والطحين يأخذه الفرن ويعطينا ربطة خبز كل يومين. تحتاج العائلة ربطتين أو 3 ربطات يومياً. والعائلات الكبيرة تحتاج ما بين 5 أو 6 ربطات. ليس لدينا عمل وأراضينا بيد النظام".
أما أحمد شيحان الجاسم، فقال لـ"العربي الجديد": "كنا نعتمد على السلة ونتدبّر أمرنا بعدما استبدلت ببطاقة المول، ثم قُطِع الخبز. الإنسان لا يمكن أن يعيش بلا خبز. فوجئنا من جراء تخفيض قيمة السلة. عمري 60 عاماً، وأستدين لأطعم أولادي. نحتاج أربع أو 5 ربطات من الخبز، وسعر الخبز 30 دولاراً في الشهر. فكيف بسلة قيمتها 20 دولار؟ لا أرض نزرعها ولا عمل ولا غيره".
وأوضح مدير مخيم غطاء الرحمة محمد أبو شام، لـ "العربي الجديد"، أنه "بسبب خفض قيمة السلة، تأثرت العائلات بشكل كبير. يعيش الناس ظروفاً صعبة جداً، وقيمة السلة هي 15 دولارا، وقيمة البطاقة 20 دولارا. الناس اليوم تنتظر قرار مجلس الأمن لاستئناف دخول المساعدات. ربط الملف الإنساني بالملف السياسي مؤسف. سلاح التجويع أكثر فتكاً من الأسلحة".
يحيى رجب ناقوح المهجر من 8 سنوات، قال لـ "العربي الجديد": "لا خبز ولا إغاثة والناس في حالة يرثى لها. لا نملك المال لشراء الخبز. نجمع النايلون لتأمين ربطة الخبز. الأمم المتحدة خفضت قيمة السلة إلى النصف".
وتحدثت عيدة رحيل من ريف حماه الغربي، لـ "العربي الجديد"، عن الحال الصعب الذي وصلت إليه، قائلة: "نحن مهجرون. جئنا إلى دير حسان. ليس لدينا خبز أو ماء أو دواء، ولا نستطيع تأمينها. سعر 5 أرغفة خبز هو خمس ليرات. وتحتاج كل عائلة إلى 50 ليرة (1.8 دولار). لا نملك شيئاً، ولا أحد يهتم بأهل المخيم".
بدوره، قال مدير مخيم خان طومان أحمد الشيخ خليل، لـ "العربي الجديد": "منذ شهرين، لم نتسلّم شيئاً. يربطون السلة الشهرية بالأمم المتحدة. الناس جائعة وليس لديها ما تأكله. السلة لجميع الناس ويجب إلغاء ربط دخول المساعدات بالتصويت وغيره. انقطع الخبز منذ أكثر من 15 يوماً وليس لدى الناس خبز. اليوم، سعر الربطة هو ما بين 10 ليرات (0.8 دولار) و30 ليرة (2.3 دولار)، وليس لدى الناس قدرة على تأمينها. ليس لدى الناس دخلاً شهرياً في الأصل".
من جهته، قال سيف الدين أحمد خليل لـ "العربي الجديد": "منذ أكثر من شهرين، نحن من دون سلة أو خبز. نناشد المسؤلين إبعاد السلة عن السياسة. نحتاج إلى الخبز والسلة. إلى متى ستبقى المساعدات مقطوعة؟ يجب أن يجد مجلس الأمن حلاً لهذا الأمر".
وأكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في بيانها، انقطاع مادة الخبز عن معظم المخيمات بالتزامن مع نقص في كميات المياه الواصلة إليهم وغلاء معظم السلع الغذائية من جراء توقف دخول المساعدات الأممية عبر معبر باب الهوى لمدة سبعة أسابيع منذ 10 يوليو/ تموز الماضي. أمرٌ يُنذر بكارثة إنسانية قد تصل إلى حد المجاعة في شمال غربي سورية.
وقالت الشبكة في بيانها: "المعلن منذ ثلاث سنوات أن إدخال المساعدات الأممية ليس بحاجة إلى إذن من مجلس الأمن، ويجب إيجاد آلية تنسيق بين الدول المانحة من أجل تفادي أكبر قدر ممكن من عمليات التحكم والسرقة التي يقوم بها النظام السوري للمساعدات التي تمر من خلاله". وأكّدت أن "المساعدات الإنسانية يجب ألا تتحول إلى أداة تمويل ودعم لنظام متورط بجرائم ضد الإنسانية بحق شعبه، ولا يمكن الاعتماد في إيصال المساعدات الأممية، وتعويض الضحايا وأقربائهم، على من تسبب في ارتكاب الانتهاكات بحقهم وتشريدهم".
وجدّدت الشبكة مُطالبتها مجلس الأمن "برفع يده عن التحكم بدخول المساعدات الأممية العابرة للحدود، كونها تدخل ضمن نطاق الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الشؤون الإنسانية، والتوقف التام عن استخدام الفيتو بشكل معارض للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصاً في حالات ارتكاب جرائم ضد الإنسانية مثل جريمة التشريد القسري". وتوصي الأمم المتحدة والدول المانحة بتأسيس منصة دولية تهدف إلى تنسيق المساعدات لمناطق شمال غرب سورية، لتكون حلاً بديلاً للأمم المتحدة.