تُسجّل صيدليات المستشفيات الحكومية في تونس، نقصاً كبيراً في أدوية حياتية، ما يعرّض حياة المرضى للخطر، وسط تقديرات بنقص في مئات الأصناف من الأدوية.
ويضطّر تونسيون إلى البحث عن بدائل الأدوية المفقودة، فيما يرجّح مهنيون تصاعد الأزمة مع مغادرة ثلاثة من كبار مصنعي الدواء للبلاد وتصفية أعمالهم في الأشهر الأخيرة.
ويقول مرضى حصلت "العربي الجديد" على شهاداتهم، إن أدوية حياتية من بينها الخاصة بعلاج السرطان لم تعد متوفرة في صيدليات المستشفيات ولا صيدليات مصحات الضمان الاجتماعي التي تصرف هذا الصنف من الدواء، إلى جانب أدوية الأمراض المزمنة التي يحصلون عليها بصفة دورية.
وتؤكد شاذلية المساكني (78 عاماً) أنها كانت تحصل على أصناف من الأدوية لعلاج القلب وضغط الدم والسكري مرة كل شهر من صيدلية مصحة الضمان الاجتماعي التي تصرف الدواء لفائدة مضموني صندوق الضمان الاجتماعي، غير أن التزود بالدواء أصبح متقطعاً، ما يضطرها لشرائه على نفقتها من الصيدليات الخاصة".
وتضيف لـ"العربي الجديد"، أن "آلافاً من المرضى من كبار السن محرومون من الدواء ما يعرضهم لأزمات صحية تهدد حياتهم".
وتعود أزمة فقدان الأدوية في تونس إلى أكثر من سنة، غير أنها شهدت تفاقماً في الآونة الأخيرة مع تسجيل النقص في عقاقير حياتية، واكتفاء صيدليات المستشفيات بصرف أصناف قليلة بكميات محددة.
ويقول رئيس نقابة الصيادلة، نوفل عميرة، إن "أزمة الدواء في تونس مرجحة للتصاعد"، مؤكداً "فقدان مئات الأصناف التي يضطر المرضى لجلبها من الخارج بإمكانياتهم الخاصة".
ويفسّر عميرة أزمة الدواء في تونس بـ"غياب سياسات عامة لتزويد السوق وتفاقم مديونية الصيدلية المركزية المشتري الحصري لدواء التونسيين"، معتبراً أن وراء اختفاء كل صنف من الأدوية معاناة لمريض قد يستعصي عليه العلاج أو يفقد حياته.
ويعتبر عميرة في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "تنصّل السلطات من مسؤولياتها تجاه المرضى وقطاع الصحة عموماً نتج عنه أزمة دواء"، مشيراً إلى أن "مؤشرات انهيار القطاع برزت منذ مدة غير أن السلطات لم تتول معالجتها".
ويؤكد أن "تراكم ديون الصيدلية المركزية لدى المزوّدين أدّى إلى عدم توفرها بالكميات المطلوبة"، مشيراً إلى أن ذلك "حال دون القدرة على توريد هذه الأدوية، خاصة منها أدوية الأمراض المزمنة والأعصاب وضغط الدم وغيرِها".
وحول تداعيات مغادرة ثلاثة من مُصنّعي الدواء تونس، يوضح رئيس نقابة الصيادلة، أن تونس "لم تعد سوقاً مهمة لكبار منتجي الأدوية، نتيجة غياب السياسات الصحية العامة"، مؤكداً أن "المصانع الكبرى كانت تصنع الدواء للسوق المحلية، وتنقل أيضاً تقنيات تصنيع الأدوية المستجدة".
ودعا نوفل عميرة إلى "ضرورة تغيير السياسة الدوائية في تونس، وإنشاء وكالة أدوية، وتقسيم الصيدلية المركزية إلى فرعين، فرع يشمل القطاع العمومي، وآخر يشمل القطاع الخاص" وفق قوله.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، دعا وزير الصحة، علي المرابط، إلى تحديد حاجيات البلاد بصفة دقيقة لدى التزوّد بالأدوية قصد ترشيد النفقات في المجال.