أرق الأطفال... الاتكال على الأدوية ليس حلاً

22 ديسمبر 2022
يستعدون للنوم (Getty)
+ الخط -

تعدّ مشكلة نقص النوم لدى الأطفال والمراهقين إحدى أكثر المشكلات الصحية التي تستدعي تدخلاً طبياً، نظراً لانعكاسات قلة النوم على الصحة النفسية والجسدية. في الولايات المتحدة الأميركية، وبحسب الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، فإن نحو 25 في المائة من الأطفال والمراهقين يعانون من صعوبة في النوم. 
ويحتاج الأطفال إلى الراحة والنوم لاستعادة الطاقة اللازمة ليتمكّنوا من الدراسة واللعب وممارسة الأنشطة الرياضية. ويقدّر أن ثلث الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 و17 عاماً لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم. لذلك، قد يلجأ الأهل عادة إلى الاستعانة ببعض المكملات الغذائية أو الأدوية على غرار حبوب الميلاتونين، التي تساعد على الراحة والاسترخاء والنوم. لكن إلى أي حدّ تعد هذه المكملات آمنة بالنسبة للأطفال؟ وهل يمكن لجميع الفئات العمرية ما بين 6 و17 عاماً تناول المقدار نفسه من هذه المكملات؟

مكمّلات النوم
يقول طبيب الصحة العامة رباح أبو عقل إنّ النوم مهم جداً لنمو الأطفال، ويساهم في تحسين قدراتهم الجسدية والعقلية. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "دماغ الإنسان يفرز هرمون الميلاتونين (تطلقه الغدة الصنوبرية في الدماغ بوقت محدد من اليوم، ويزداد إفرازه في الظلام وينخفض في الضوء. ويمكن تعويض إفراز هذا الهرمون عبر تناول مكمّل غذائي)، وتختلف نسبته من شخص إلى آخر. إذ يكتفي بعض الأشخاص بعدد ساعات نوم قليل، فيما يحتاج آخرون إلى ساعات أطول". يضيف: "بالنسبة إلى الأطفال أو كبار السن، فإن النوم مهم جداً لتقوية الصحة وجهاز المناعة. بالتالي، لا بد للأطفال بعد سن الخامسة النوم ما بين 8 و10 ساعات يومياً، مع الإشارة إلى أن الرضع بحاجة إلى ساعات نوم أطول. لكن لأسباب عدة صحية أو نفسية، قد لا يتمكن الأطفال من النوم في الوقت المطلوب، فيلجأ الأهل إلى بعض الأدوية".
لكنه يشير إلى أنه "يستحسن الابتعاد عن أي أدوية تساعد في النوم لأن لها آثاراً سلبية عدة، وخصوصاً إذا استخدمت لفترات طويلة". يتابع: "في حالات عدة، قد يضطر الأهل إلى إعطاء هذه المكملات الغذائية بعد وصفة طبية شرط أن تكون لفترة محدودة، مع العمل على معرفة أسباب الأرق لدى الأطفال بالتوازي".

استخدام واسع النطاق
يكثر استخدام الميلاتونين في أميركا. وبحسب مسح عام شمل نحو 3070 بالغاً، تبين أن 10 في المائة من الأشخاص يستخدمون المكملات التي تساعد على النوم لطفل واحد من أطفالهم على الأقل. كما أن 11 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين عامين إلى أربعة أعوام يتناولون هذه المكملات، والسبب أن القوانين الأميركية لا تشترط الحصول على وصفة طبية لشراء الميلاتونين بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وينتج الجسم المزيد من الميلاتونين ليلاً، وتبدأ المستويات في الارتفاع مساء بمجرد غروب الشمس، ويضعف إنتاج هذا الهرمون في الصباح. وعادة ما يوصي أطباء الأطفال باستخدام الميلاتونين للأطفال الذين يعانون من اضطرابات في النوم. لكن بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن لهذه الأدوية تأثيرات سلبية.

يحتاج الرضع إلى ساعات نوم أكثر (Getty)
يحتاج الرضع إلى ساعات نوم أكثر (Getty)

وتُفيد صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بأن هذه الأدوية أثبتت فاعليتها. وبحسب دراسة صادرة عام 2013، فإن الأشخاص الذين يعانون من الأرق ينامون أسرع بنحو سبع دقائق عندما يتناولون الميلاتونين. إلا أن بعض الأطباء الأميركيين يشيرون إلى أن التسليم بهذه النتائج ليس دقيقاً وغير واقعي. ويقول الطبيب سب كريغ كاناباري إن أبحاثاً كثيرة تشير إلى أن الميلاتونين قد يكون مفيداً للأطفال، لكنها تركز على أولئك المصابين باضطراب طيف التوحد أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، وليس الأطفال الذين يعانون من الأرق فقط.  
ولا ينفي العديد من الخبراء أهمية الميلاتونين التي ساعدت الكثير من الأطفال على النوم، وخصوصاً في حال تناولوا جرعات بسيطة. إلا أن ذلك لا يعني التشجيع على تناوله والاعتماد عليه بشكل يومي. في المقابل، يفضّل تدريب الأطفال والمراهقين على النوم باكراً ومعالجة أي مشكلات صحية أو نفسية تؤثر على جودة النوم.

 
ساعات النوم
يلاحظ أن الأطفال الذين يحصلون على ساعات نوم جيدة يبدون حماساً للتعلم، ويهتمون بتأدية الواجبات المطلوبة منهم. وتختلف الحاجة إلى النوم من طفل إلى آخر. إلا أن الدراسات تؤكد أن الأطفال ما بين السادسة و17 عاماً يجب أن يناموا ما بين 7 إلى 10 ساعات يومياً. وبحسب موقع "Eachnight" المتخصّص بشؤون النوم، يحتاج حديثو الولادة إلى النوم ما بين 14 و17 ساعة يومياً، والرضع حتى بلوغهم عامهم الأول إلى ما بين 12 و15 ساعة نوم يومياً.
ويحتاج الأطفال من عام إلى عامين للنوم ما بين 11 و14 ساعة يومياً، و10 إلى 13 ساعة من الثلاثة وحتى الخمسة أعوام. وبعد سن الخامسة وحتى 12 عاماً يحتاجون إلى بين 9  و12 ساعة نوم. وفي سن المراهقة، يجب الحصول على 7 ساعات نوم في المتوسط يومياً، لكن لا توجد قاعدة محددة أو عدد ساعات معين.