استمع إلى الملخص
- بدأت بعض النساء في العمل من المنزل في مجالات مثل الترجمة والكتابة، مما يوفر لهن وسيلة لكسب الرزق والتغلب على الضغوط النفسية، كما فعلت زهرا ذبيح الله.
- مينه محمود، خريجة كلية الحقوق، اضطرت لتغيير مسارها المهني إلى التجارة والترجمة، مما ساعدها على تجنب الأزمات النفسية واستخدام مهاراتها اللغوية.
في ظل سياسة حكومة حركة "طالبان" في أفغانستان لم تعد النساء قادرات على إيجاد العمل، باستثناء قليلات في مواقع لا بدّ من أن يكنّ فيها، مثل مراكز الشرطة الخاصة بالنساء، وأيضاً في أسواق تجارية تقصدها نساء، والتي يعتبر عددها محدوداً
وضعت حركة طالبان قوانين صارمة خاصة بالنساء حين سيطرت على الحكم في أفغانستان في أغسطس/ آب 2021، وأنهت عيشهن فترة عقدين في جو من الحرية، ما سمح لهن بتحقيق تقدّم ملموس في كل المجالات، ومنحن نوعاً من الاستقلالية في إدارة شؤون حياتهن وأسرهن.
اشتغلت نساء أفغانستان في مجالات كثيرة قبل أن تسيطر طالبان على الحكم في أفغانستان، وامتلكن حضوراً قوياً في القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأنشئت لهن وزارة الشؤون النسائية التي تحوّلت بعد تولي طالبان الحكم إلى وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وإثر إغلاق طالبان أبواب العمل والتعليم في وجه النساء، تأثرت حياتهن سلباً إلى أبعد الحدود، وتعرضن إلى كثير من الأمراض النفسية والمشاكل الاجتماعية. وهنّ بتن يعشن تحت ضغوط الأعراف والتقاليد، في ظل مشاكل اجتماعية كثيرة.
وما يلفت الانتباه هو حصول بعض النساء على عمل داخل المنزل من خلال الترجمة والكتابة على الكومبيوتر. ومع أن عددهن ضئيل جداً، لا تزال القضية في طور التطور، وقد تستفيد شريحة كبيرة أخرى من هذه التجربة في المستقبل، وتجد أعمالاً داخل المنزل، ما يشكّل وسيلة جيدة لهن للحصول على رزق، وأيضاً للانشغال عن أوضاعهم النفسية الصعبة وهموم الحياة.
وعموماً تتماشى هذه الأعمال مع سياسات طالبان والأعراف السائدة، لذا لا خوف لدى النساء من خسارة عملهن أو مواجهة تبعات ثقيلة.
تقول زهرا ذبيح الله (35 عاماً) التي عملت في وزارة الشؤون الاجتماعية بين عامي 2018 و2021، ما سمح لها بإتقان اللغة الإنكليزية، لـ"العربي الجديد": "تعرضت إلى أمراض نفسية قوية، وواجهت مشاكل اقتصادية حادّة في المنزل بتأثير إقالة طالبان زوجي المسكين من عمله في وزارة الاقتصاد، ما جعله يزاول أي عمل يجده في السوق أو المطاعم، وهو ما أرهقه جداً، في حين ظل منزلنا يفتقر إلى أدنى الاحتياجات والمقومات. ولاحقاً تحدثت مع صديقة لي تعيش في دولة أوروبية فاقترحت عليّ أن أتواصل مع مؤسسات للعمل عن بعد، ووجدت فعلاً مؤسسة تعمل في مجال ترجمة الكتب، وحصلت على عمل مترجمة غير متفرغة من اللغة الإنكليزية إلى البشتوية والفارسية والعكس. ومنذ عشرة أشهر، تحسّن حالنا كثيراً، وما أكسبه شهرياً يكفي أسرتي وأكثر. ترك زوجي عمله الشاق في أحد المطاعم، وهو يتعلم اللغة الإنكليزية حالياً كي يساعدني في المستقبل، خصوصاً أنه يجيد اللغات المحلية، وأتوقع أن يكون مستعداً للانضمام إليّ في أعمال الترجمة".
تضيف: "عملي الحالي أفضل من السابق في فترة حكم الرئيس أشرف غني حين كنت أعمل في وزارة الشؤون الاجتماعية، لأن الربح جيد وأعمل متى شئت وفي أي مكان، وفي وقت الفراغ يمكن أن أزيد العمل وأربح أكثر، لكن المشكلة التي أعاني منها هي أنني الآن أخاف على مستقبل بناتي في هذه البلاد. هن يذهبن إلى المدرسة حالياً لأنهن صغيرات، لكن إذا كبرن واستمرت سياسة طالبان على المنوال نفسه ماذا سيكون مستقبلهن؟ أنا وزوجي حائران، وما يريحنا في الوقت الراهن هو أن المشاكل الاقتصادية زالت".
وبالنسبة إلى مينه محمود التي واجهت مشكلة وصول طالبان إلى الحكم بعد عام من تخرجها من كلية الحقوق، ما أنهى حلمها بأن تصبح قاضية أو مدرسة قانون في جامعة، فتقول لـ"العربي الجديد": "ربما باتت أحلامي تحت التراب، لكنني لم أفقد الأمل تماماً، وتحوّلت إلى البحث عن العمل في مجال التجارة، ثم ساعدني أخي محمد ياسر في هذا الأمر، ليس من أجل توفير احتياجات المنزل لأن الوضع الاقتصادي لأسرتي جيد، لكن كي أعمل وأتفادى الدخول في حالة نفسية صعبة، خصوصاً أنني كنت أفكر دائماً بأن ما تعلمته ضاع. وبعدها عثر شقيقي لي على عمل في ترجمة كتب من اللغة الإنكليزية إلى لغتي البشتوية والفارسية، وأنا مرتاحة جداً في مزاولة هذا العمل".