استمع إلى الملخص
- يواجه القطاع الصحي في غزة انهيارًا شبه كامل بسبب الإغلاق الإسرائيلي للمعابر، مما يزيد من معاناة المصابين ويعرضهم لخطر الموت.
- العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 13 شهرًا أدى إلى استشهاد وفقدان 52 ألف فلسطيني وإصابة 100 ألف آخرين، مع تدمير ممنهج للبنية التحتية الصحية.
يرقد أفراد عائلة يونس الغزية في المستشفى بعدما تسبّب القصف الذي تعرضوا له باستشهاد أفراد من العائلة وبإصابة آخرين، وقد يؤدي نقص الأدوية إلى تردي أوضاعهم الصحية
تبعد الثلاثينية الفلسطينية إسلام يونس نظرها عن أطفالها وزوجها المصابين بحروق وجروح عميقة، على الرغم من حروقها البالغة التي تهدد قدمها بالبتر. ولم تجف دموعها على فقدان طفلها حسام (6 أعوام)، الذي استشهد جراء القصف الإسرائيلي.
الألم كبير لدى أفراد الأسرة الملقاة بأكملها على أسرّة مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، حيث يعاني كل أفرادها آلاماً مختلفة، ما بين أوجاع الحرق جراء لهيب الصواريخ، والبتر إثر المضاعفات الشديدة، والفقدان بسبب الاستهداف المباشر للمنطقة المأهولة بالسكان، فيما يخيم الخوف على الجميع جراء نقص الأدوية.
وعلى الرغم من مرور عشرة أيام على إصابة العائلة جراء قصف إسرائيلي واستشهاد ثلاثة من أفرادها، إلا أن الخطر لا يزال يحوم حولها بفعل المضاعفات القاسية للجروح والحروق من الدرجات المتقدمة والتي وصلت إلى حد الدرجة الرابعة، في الوقت الذي يعاني فيه القطاع الصحي من الانهيار شبه الكامل جراء الإغلاق الإسرائيلي للمعابر ومنع دخول الأدوية والمستهلكات الطبية، تزامناً مع عدم السماح بسفر الجرحى لتلقي العلاج اللازم.
وتقول إسلام (35 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إن الطائرات الحربية الإسرائيلية أغارت على منزل جيرانهم بصواريخ ثقيلة أدت إلى تدمير بيتها على من فيه من أفراد عائلتها من دون أي تحذير مسبق. تضيف: "تعرضنا لقصف إسرائيلي غادر من دون أي طلب مسبق بمغادرة البيت، وفوجئنا بأصوات الانفجارات التي أدت إلى استشهاد طفلي حسام وجدته وعمته، إلى جانب إصابتنا جميعاً بجروح خطيرة وصعبة، وقد أصبت بحروق من الدرجة الرابعة في قدمي المهددة بالبتر في أي لحظة".
تتابع الأم المكلومة وهي بالكاد تتمكن من تجميع الكلمات ونطقها: "أصيبت طفلتي إيلياء (أربع سنوات)، بحروق شديدة أدت إلى بتر قدمها، فيما لا تزال قدمها الثانية مهددة بالبتر ما لم تتلق العلاجات المطلوبة، والتي لا يمكن توفيرها داخل قطاع غزة بسبب النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية، فيما لم يغب الخطر عن طفلتي سلام (ثماني سنوات)، التي تعرضت أيضاً لحروق من الدرجة الرابعة في مختلف أنحاء جسدها النحيل".
وتسأل إسلام عن دور منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات المعنية بالأطفال وسلامتهم ورعايتهم وأمنهم. تتابع: "ما هو الذنب الذي اقترفه ابني حسام ليتم قتله، أو الذنب الذي ارتكبه باقي أطفالي ليتم حرقهم وتقطيع أوصالهم بهذا الشكل القاسي والذي سيحرمهم من العيش بشكل طبيعي طوال حياتهم؟".
أما زوجها أحمد يونس، والذي تعرض لحروق من الدرجة الرابعة في أنحاء جسده، فيقول إن قوات الاحتلال لم تحذر المنطقة قبل استهدافها بشكل قوي ومدمر، وقد تم قصف البيت المجاور في تمام الساعة الرابعة، حين يجتمع أفراد العائلة بعدما يكون كل منهم قد أنهى عمله، وتحول المكان في غمضة عين إلى ركام ودمار وغبار حال بينهم وبين رؤية تفاصيل تلك اللحظات المرعبة".
ويلفت أحمد في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الطواقم المختصة انتشلت طفله حسام وشقيقته ووالدته الذين استشهدوا على الفور جراء قوة القصف، فيما تم نقله برفقة أفراد عائلته المصابين إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين. وبسبب عدم وجود قسم للحروق يمكنه التعامل مع حروقهم الحرجة، تم تحويلهم إلى مستشفى شهداء الأقصى.
ويوضح أحمد، الذي لا يزال يرقد على سرير المستشفى للعلاج من الحروق العميقة التي أصيب بها في كتفه وقدمه اليسرى، أنه تم داخل مستشفى شهداء الأقصى تنظيف الحروق والجروح، إلا أنه وأسرته لا يزالون يعانون من آلامها بفعل ندرة الأدوية، في الوقت الذي لا يزال فيه خطر البتر يهدد أطراف أفراد عائلته ما لم يتمكنوا من الحصول على العلاجات الفعالة.
وتسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 13 شهراً باستشهاد وفقدان 52 ألف فلسطيني، وإصابة 100 ألف بجروح وحروق مختلفة، وسط واقع صحي متردٍ يزيد سوء حالاتهم الصحية، ويزيد إمكانية تعرضهم لخطر الموت جراء عدم السيطرة على المضاعفات نتيجة النقص الحاد في الأدوية ومنعهم من السفر لتلقي العلاجات المناسبة في المستشفيات المختصة خارج القطاع.
ويشكو القطاع الصحي في غزة من تدمير إسرائيلي ممنهج، استهدف البنية التحتية للمستشفيات والعيادات الحكومية والأممية بأكملها، إضافة إلى منع دخول المستلزمات الطبية والأدوية، ومنع المصابين والجرحى المحتاجين للعلاج خارج غزة من مغادرتها منذ سيطرة الاحتلال على معبر رفح في بداية مايو/ أيار الماضي.