تحت ركام المنازل المنهارة بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب آلاف المآسي والذكريات التي استحال أصحابها إلى ذكرى أو رقم في عداد الضحايا الذين بلغ تعدادهم 2122 قتيلا حتى مساء الأحد.
في تافغاغت، وهي إحدى القرى الجبلية الصغيرة، حيث تعيش عائلة حميد بن هنا، مساء الجمعة، ومع بداية عطلة نهاية الأسبوع، كان مروان (8 سنوات)، يخبر والده خلال استعداد الأسرة لتناول وجبة العشاء عن الأدوات التي سيحتاجها للعام الدراسي المقبل.
في الأثناء، أراد الوالد سكينا من المطبخ، فتوجه مروان مستجيبا لوالده، غير أنه لم يعد ولم يكتمل عشاء الأسرة، يقول بن هنا "وقع الزلزال في تلك اللحظة"، مضيفا أن الغرفة بدأت تهتز وانطفأت الأنوار وبدأت الأنقاض تتساقط من سقف منزله التقليدي الواقع في قرية نائية بجبال الأطلس الكبير.
كان الزلزال هو الأقوى الذي يضرب المغرب منذ عام 1900 على الأقل، وأدى إلى مقتل أكثر من 2000 شخص، معظمهم في قرى جبلية صغيرة، مثل تافغاغت حيث تعيش عائلة بن هنا.
خرج بن هنا وابنه الآخر معاذ من الباب المفتوح إلى الزقاق عندما بدأ المنزل في الانهيار، وتمكنا من إخراج زوجته أمينة وابنته الصغيرة مريم. لكن عندما انقشع الغبار، اكتشفوا أن مروان لم ينج.
وكان الطفل البالغ من العمر ثماني سنوات قد ركض إلى داخل المنزل وعثروا على جثته تحت كومة من الأنقاض بلغ ارتفاعها مترا.
لم يتم انتشال جثمانه إلا في اليوم التالي بعدما وصل إخوة بن هنا بسيارتهم من الدار البيضاء، التي تبعد مسافة تُقطع في خمس ساعات، للمساعدة في رفع الأنقاض.
ووري جثمان مروان الثرى صباح السبت، بينما يصفه والده بأنه كان ولدا متحمسا يحب الذهاب إلى المدرسة.
ذكريات ومقتنيات تحت الأنقاض
الأسرة الآن ليست حزينة فحسب، بل صارت معدمة. جميع ممتلكاتها تحت أنقاض منزلها المنهار وتواجه المبيت لليلة ثالثة في العراء في ظل برد الجبل القارس.
مصدر رزق بن هنا هي الدراجة ذات العجلات الثلاث التي كان يستخدمها لنقل البضائع في أنحاء الحي مقابل رسوم رمزية دُفنت تحت الأنقاض ولم تعد تعمل، والزقاق المؤدي إلى منزله مغطى بالصخور المتساقطة.
ولم يعد بحوزة الأسرة بعد الزلزال سوى حمار وعنزة ذبحها لن يجدي نفعا لعدم قدرة الأسرة على تبريد لحمها.
لم ينج أي منزل تقريبا في قرية تافغاغت من كارثة الزلزال. يقول ناجون إن من بين ما يقرب من 400 قروي لقي 80 حتفهم. وتنتشر أكوام كبيرة من الركام في القرية. يضيف بن هنا إن إحدى الأسر التي يعرفها فقدت سبعة من أفرادها.
تجمعت الأسر تحت أشجار الزيتون في حقل صغير لإقامة ملاذات يمكن لأفرادها قضاء الليل فيها آمنين من الهزات الارتدادية بدلا من العودة إلى منازل تبدو قائمة رغم الأضرار الكبيرة التي لحقت بها.
جلست فاطمة بوجديك مع زوجها في ظل شاحنتهما الحمراء الكبيرة، التي تعرضت لأضرار بالغة بسبب سقوط الأنقاض، بينما كان حمار يرعى في مكان قريب، وكانا قد اقترضا المال لشراء الشاحنة ولا يعرفان كيف يمكنهما سداده الآن، قائلة "وقع الزلزال في جنح الظلام... وتحولت القرية إلى أنقاض".
(رويترز، العربي الجديد)