"طرق الموت" كثيرة في الشمال السوري

29 اغسطس 2021
تفكير دائم بالصيانة (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

 

يُجمع السوريون على إطلاق اسم "طريق الموت" على أي طريق تكثر فيه الحوادث التي تودي بحياة أشخاص لدى قيادتهم سيارات أو دراجات نارية. والتسمية شائعة ومستخدمة أيضاً في مدن وبلدات شمال شرقي سورية الخاضعة للإدارة الذاتية، فالطرق التي تربط بين المدن والبلدات في حال مفرطة من السوء، لدرجة أنه لا تكاد تخلو طريق من الحفر. ويشكل ذلك موضع شكوى من سائقي السيارات والدراجات النارية وغيرهم، في مقابل تجاهل وصمّ آذان المسؤولين.  

يملك عثمان عليان، وهو من أبناء مدينة القامشلي، سيارة تعمل بوقود الديزل، ويجبر على صيانتها دورياً، "بسبب حال الطرق التي يرثى لها"، كما يقول لـ"العربي الجديد"، مضيفاً: "لا تخلو مسافة بين قريتين أو بين مدينة وأخرى من طريق الموت، ومنها بين مدينتي القامشلي وعامودا، والمالكية والقحطانية، والقامشلي والقحطانية". ويشير إلى أن "لا وجود لطرق مجهزة في شكل جيد على صعيد شارات المرور أو انسيابية المنعطفات. ومعظمها مليء بحفر ومطبات بسبب المرور الكثيف للشاحنات ذات الأوزان الثقيلة عليها، من دون أن تكون مجهّزة لهذا الغرض. واللافت أن ميزاناً يوجد عند مدخل كل مدينة لمعرفة حمولة السيارات الثقيلة، وفرض ضريبة على الوزن الزائد، لكن لا وجود لطرق جديدة، ولا جسور، ولا أي خدمات. لذا تكاد هذه الطرق تكون بدائية، فهي غير معبّدة وتشبه تلك الترابية إلى حدّ كبير".

ويؤكد عليان أن "كل ما تقوم به بعض البلديات هو ترميم وترقيع أماكن يصعب السير فيها، مثل حفرة عميقة وعطب بالغ الخطورة في حواجز فاصلة، وذلك حين تصبح الطريق غير سالكة. ويحصل الترقيع عبر جبلة من الإسفلت". ويشير إلى أن "لا خطوط إرشاد على الطرق لتسهيل عملية القيادة، خصوصاً في الليل، ما يزيد خطورة القيادة ليلاً، ويضع السائقين تحت ضغوطات كبيرة لتجنب الحوادث". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتجبر الطرق السيئة أصحاب السيارات على إجراء صيانة أسبوعية، بينما يشتكي مواطنون من الغبار الذي ينبعث من الطرق لدى سير سيارات عليها خلال فصل الصيف، ومن تحولها الى برك ماء في الشتاء.  

من جهته، يتحدث إبراهيم أبو جوان من مدينة القامشلي لـ"العربي الجديد" عن معاناته من حال الطرق السيئة، ويقول: "أزور أسبوعياً المنطقة الصناعية لإصلاح ثقب في الدولاب، أو إجراء عملية تنظيم ميزانية، أو لإصلاح حادث اصطدام مع سيارة أخرى نتيجة وعورة الطرق ووجود مطبات أو حفر غير نظامية، وحتى مخلفات بناء وغيرها، وأيضاً تجاوزات". ويوضح كمال المحمد الذي يملك كراج إصلاح سيارات في المنطقة الصناعية بالقامشلي لـ"العربي الجديد" أن "تأثيرات حال الطرق السيئة على السيارات تتمثل في تعرضها لمشكلات في الميزانية، وتكسير. وتحتاج هذه التصليحات بحسب الحال السائدة اليوم الحالي إلى مبالغ باهظة".  

عموماً لحقت أضرار بالغة بطرق منطقة شمال شرقي سورية خلال السنوات الماضية، في وقت يتجاهل المسؤولون صيانة أو إعادة تعبيد الطرق الرئيسة، ما يزيد معاناة المواطنين الذين يعتمدون على السيارة في شكل رئيسي كوسيلة للحياة، وليست للرفاهية كما يرى البعض. 

الصورة
شاحنة تعبر القامشلي ليلاً (دليل سليمان/ فرانس برس)
شاحنة تعبر القامشلي ليلاً (دليل سليمان/ فرانس برس)

يقول كنان العبد الله من ريف دير الزور لـ"العربي الجديد": "نستخدم سيارات خاصة لتلبية احتياجاتنا اليومية، ونقل أبنائنا إلى المدارس، في حين نواجه في تنقلاتنا صعوبات بسبب تخريب متعهدين شوارع، وضيق الطرق، خصوصاً أن لا أماكن مخصصة لعبور الشاحنات، أو الدراجات النارية الكثيرة في الشوارع".  

ورغم توافر موارد للإدارة الذاتية التي تعتمد على مبيعات النفط لرفد ميزانيتها بالمداخيل، إلى جانب جباية الضرائب والدعم الذي تقدمه دول التحالف الدولي لها، لكنها تتجاهل المشاريع التنموية وتلك الخاصة بالبنى التحتية، ومنها مشاريع تعبيد الطرق وصيانتها. فهذه المشاريع محدودة، علماً أن الإدارة الذاتية تطبق اللامركزية بين المناطق في كل المجالات.

يقول جاسم علاوي المشرف على مشروع لتعبيد طرق في ريف دير الزور الشرقي الخاضع لسيطرة الإدارة الذاتية، لـ"العربي الجديد": "مشروع التأهيل الذي نعمل عليه مستمر منذ أكثر من شهر، ويشمل مناطق عدة في دير الزور في قطاعات شرقي أول الممتد من البحرة - الباغوز، وشرقي ثاني من أبو حمام إلى كشكية، غربي الجزرات - الحصان، ووسط بصيرة – أبو حردوب، وشمالي  الحصين العزبة والصور والجديد". وتحددت مدة تنفيذه بثلاثة أشهر، بإشراف هيئة الخدمات والبلديات في ريف دير الزور. 

وتفيد دراسة أجراها مركز "جسور" بأن قوات سورية الديمقراطية (قسد) تسيطر على نسبة 15.7 في المائة من شبكات الطرق في سورية، بمساحة مقدارها 11581.4 كيلومتراً، و22 في المائة من شبكة الطرق الرئيسة في البلاد بمساحة تُقدّر بـ 1933 كيلومتراً، و23 في المائة من الطرق الفرعية، بمساحة 2128 كيلومتراً. 

المساهمون