"جامعات طالبان" تتجدد دينياً فقط... ملف تعليم البنات في الأدراج

28 اغسطس 2022
تعجز طالبان عن تحقيق التوازن في تعليم الأفغانيات (عمر أبرار/ فرانس برس)
+ الخط -

رغم الانتقادات والضغوط الدولية والمحلية الكثيرة التي تواجهها بسبب عدم سماح حكومتها بفتح مدارس البنات في أفغانستان، لم تحرك حركة طالبان ساكناً إزاء هذه القضايا وغيرها المرتبطة بقطاع التعليم، ومنها أيضاً هروب الكادر العلمي، إذ تكشف إحصاءات مغادرة مئات من الأساتذة الجامعيين أفغانستان خلال عام واحد من حكم الحركة. 
واللافت أن أوساط الشعب بالمجمل ترحب بأمور تهتم بها الحكومة، لكنها تريد تحقيق التوازن في الاهتمام بكل جوانب التعليم.
وكان وزير التعليم العالي الملا عبد الباقي حقاني، قد أعلن في مؤتمر صحافي عقده في كابول في 21 أغسطس/ آب الجاري، سلسلة تغييرات في مناهج التعليم الجامعي، أبرزها إضافة مواد دينية إلى تلك الموجودة أصلاً في المنهج، وزيادة حصص مادة الثقافة الإسلامية من حصتين إلى ثلاث حصص أسبوعياً. 
وأعلن حقاني إنشاء 17 كلية للشريعة الإسلامية في مختلف الولايات، "لتلبية مطالب الشعب وجيل الشباب وفق إرشادات القيادة العليا لطالبان"، لافتاً إلى أن "الشعب الأفغاني مسلم، ويتطلع إلى أن يكون تعليم جيل الشباب وفق أصول الشريعة الإسلامية، ويتماشى مع متطلبات الزمن من العلوم العصرية".
وأشار حقاني في المؤتمر الصحافي إلى أن "وزارة التعليم العالي راجعت المنهج التعليمي الديني في الجامعات الحكومية والخاصة، وعدّلته عبر إضافة 5 مواد دينية، منها التاريخ الإسلامي والسياسة الشرعية. وقررت تعيين إمام لأداء الصلاة ومؤذن في كل جامعة، و658 مدرساً للمواد الدينية في الجامعات الحكومية. وستلزم الجامعات الخاصة تنفيذ القرارات الصادرة، وتعيين أساتذة جامعيين وفق الآلية التي أرسلت إليهم".
وشدد حقاني على أن "الوزارة لم تحذف أياً من المواد العصرية، ولا تنوي ذلك، بل فقط مواد تتعلق بالموسيقى والنحت، لأنها تتعارض مع الشريعة الإسلامية".
ولا يمكن إلا أن تطبق الجامعات الخاصة قرارات "طالبان"، لكنها تملك الحرية في تعيين أساتذة، فيما تطلب من حكومة "طالبان" الاهتمام بقضايا مهمة أخرى، منها معالجة مشاكل وضعها الاقتصادي، خصوصاً أن عدداً كبيراً منها يوشك على الانهيار والإغلاق في حال استمرار الوضع الحالي الذي يلحظ عملها بنسبة 50 في المائة فقط من عدد الطلاب والطالبات.

وتعتبر الرسوم التي يدفعها الطلاب مصدر الدخل الوحيد للجامعات الخاصة التي تطالب حكومة "طالبان" أيضاً بأن تتشاور معها في شأن بعض القرارات المهمة، وتستمع إلى آراء مسؤوليها قبل إصدار أي قرار، لأنها قد لا تكون مهيّأة لتطبيق بعض القرارات، خاصة تلك المتعلقة بالوضع المالي والمعيشي.
ورحب مهتمون بقطاع التعليم بإضافة حكومة "طالبان" مواد دينية إلى مناهج التعليم الجامعي، وزيادة عدد الحصص في بعض المواد، لكنهم يدعونها إلى التوازن في التعامل مع جميع القضايا.

يقول الإعلامي المهتم بقطاع التعليم، محمد مبين شاه: "نحتاج إلى كليات الشريعة وكليات العلوم العصرية معاً، وهي موجودة وتستمر الدراسة فيها. ونريد في الوقت نفسه من حكومة طالبان أن تهتم بقضايا أخرى مهمة، منها تعليم الفتيات من الصف السادس حتى الثاني عشر، وأن تعالج مشكلة حرمان شريحة كبيرة من الشعب من التعليم".

ويقول الأستاذ الجامعي محمد شفيق سمون لـ"العربي الجديد": "يحترم الشعب الأفغاني المسلم كل ما ينتمي إلى الدين والشريعة الإسلامية. من هنا نرحب بما تقوم به طالبان، لكننا نوضح في الوقت نفسه أن كل المواد في الجامعات وإنشاء الكليات لا بدّ أن يحصل بحسب توازن منطقي يراعي ما يحتاجه الشعب والوطن. نحتاج حالياً إلى أطباء ومهندسين، بينما يبلغ عدد علماء الدين الآلاف. وأنا لا أدري دوافع قرار إنشاء 17 كلية للشريعة الإسلامية دفعة واحدة في الولايات حتى من خلال مقولة أنه يجب وجود كليات شريعة في كل ولاية من أجل نشر الدين والتعليم. وأرى بالتالي أن القرار يحتاج إلى دقة، علماً أنّ ثمّة طرقاً عدة لنشر الدين، بينها المساجد والمدارس الدينية الموجودة في أفغانستان".

الصورة
يريد الأفغان أن يتماشى التعليم مع متطلبات الزمن (أحمد ساحل أرمان/ فرانس برس)
يريد الأفغان أن يتماشى التعليم مع متطلبات الزمن (أحمد ساحل أرمان/ فرانس برس)

أما عن زيادة حصص مادة الثقافة الإسلامية تحديداً، فيرى الأكاديمي الأفغاني أن "الأمر مهم وتحتاج جميع الكليات إليه، وخاصة كليات العلوم والهندسة والطب. وقد حاولت الحكومة السابقة تقليل حصص هذه المادة أو حذفها، لكن الجامعات الخاصة والحكومية عارضت حينها هذا الأمر، والحكومة السابقة لم تنجح في إجراء تعديل أو حذف هذه المادة".
أما نائب الناطق باسم طالبان، بلال كريمي، فيقول لـ"العربي الجديد": "تهتم حكومة طلبان بكل القضايا، وخاصة قضية التعليم والملفات العالقة كتعليم البنات. وواضح أن حكومة طالبان لا تخالف تعليم البنات، لكنّ هناك أموراً لا بدّ من حلها قبل ذلك، وهو ما سيحصل قريباً".

المساهمون