"النواب" المغربي يقر قوننة القنب الهندي رغم معارضة "العدالة والتنمية"

27 مايو 2021
"العدالة والتنمية" دفع بعدم استعجالية القانون (مصطفى حبيص/الأناضول)
+ الخط -

أقر مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، مساء الأربعاء، مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، رغم معارضة الكتلة النيابية لحزب" العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي.

وحظي المشروع المثير للجدل بتأييد 119 نائباً، مقابل رفض 48 نائباً يمثلون كتلة "العدالة والتنمية"، فيما كان لافتاً تحول جلسة التصويت إلى ساحة للشد والجذب بين الكتلة وباقي الكتل النيابية.

ويروم المشروع إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بزراعة وإنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير واستيراد القنب الهندي ومنتجاته لنظام الترخيص، وخلق وكالة وطنية يعهد لها بالتنسيق بين كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين من أجل تنمية سلسلة فلاحية وصناعية تعنى بالقنب الهندي، مع الحرص على تقوية آليات المراقبة.

ووفق المذكرة التقديمية لمشروع القانون، يطمح المغرب إلى جلب "استثمارات عالمية من خلال استقطاب الشركات المتخصصة في الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي في الأغراض الطبية والصناعية".

وأوضحت المذكرة أن "تطوير الزراعات المشروعة للقنب الهندي كفيل بتحسين دخل المزارعين وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات، وجلب الاستثمارات العالمية، بهدف الاستفادة من مداخيل السوق الدولية لهذه النبتة".

إلى ذلك، برر "العدالة والتنمية" رفض المشروع بما وصفه بـ"تجاهل المقاربة التشاركية واتخاذ كافة الاحتياطات، واستطلاع جميع الآراء في ملف لا يتطلب أي استعجال أو تسرع"، معبراً عن "عدم تفهمه للحرص على اللجوء إلى السرعة القصوى في مشروع لا يحتاج لهذا التسرع، وليس تعهداً في البرنامج الحكومي، ما يطرح تساؤلات عدة، خاصة أن المشروع يتم الزج به في سياق تجاذبات انتخابية، وهو ما لا يساعد على نقاش هادئ".

وتساءلت الكتلة، في تدخلها: "ما وجه الاستعجال في مسألة حساسة فيها رهانات محتملة وغير محققة اقتصاديا واجتماعيا، وتحفها مخاطر توسع مناطق الزراعة والاتجار بالمخدرات؟"، مضيفا: "هل بالمصادقة على هذا المشروع اليوم سنخرج المنطقة من الفقر والمشاكل الأمنية غداً".

وسجلت الكتلة النيابية "وجود مشاريع قوانين عدة أكثر أهمية واستعجالية يتم عرقلتها عن سبق إصرار، كما هو الشأن بالنسبة للقانون الجنائي"، لافتة إلى وجود "انقسام عالمي حاد حول إعادة تصنيف القنب الهندي من مادة خطيرة بدون تطبيق طبي، إلى مادة خطيرة مع احتمالات تطبيقات علاجية، ما يوضح خطورته وعدم الاقتناع التام بمنافعه، وعدم الاقتناع بأنه لن يجر مفاسد من خلال تشجيع وشرعنة استهلاك المخدرات، لاسيما لدى الشباب".

ومنذ إدراج حكومة العثماني مشروع القانون على جدول أعمال المجلس الحكومي في 25 فبراير/شباط الماضي، كان لافتاً حجم الغضب الذي أثاره داخل الحزب الإسلامي، حيث هدد رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران بوضع حد لانتمائه للحزب في حال مصادقة برلمانيي حزبه عليه. كما كان سبباً من بين أسباب إقدام رئيس المجلس الوطني للحزب (أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني)، إدريس الأزمي الإدريسي، على تقديم استقالته من رئاسة المجلس وعضوية الأمانة العامة (أعلى هيئة تنفيذية في الحزب).

وطيلة الأسابيع الماضية، راهنت الكتلة على عامل الوقت، وعلى خطة تقوم على طلب آراء مؤسسات دستورية وتشكيل مهام استطلاعية على صعيد البرلمان من أجل محاصرة المشروع وتداعياته على البيت الداخلي، وعلى صورة الحزب لدى الرأي العام، وكذلك إبقائه حبيس الرفوف إلى ما بعد الانتخابات التشريعية المقررة هذه السنة لتلافي أي انعكاسات على رصيده الشعبي.

وبتصويت كتلة الحزب الإسلامي ضد المشروع يكون الحزب قد خسر معركة قوننة القنب الهندي، بعد خسارة مماثلة في معركة "القاسم الانتخابي"، في حين يتوقع أن يعمق التصويت هوة الخلاف والانقسام داخل الأغلبية الحكومية التي يقودها الحزب.

في المقابل، يتيح التصويت للحزب تجاوز تبعات التهديد الذي كان قد أطلقه الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران بالانسحاب نهائياً من الحزب في حال مصادقة برلمانييه على المشروع، وتجنيبه مزيداً من الانقسام.

إلى ذلك، تحولت بعض أطوار جلسة التصويت إلى ساحة لتوجيه انتقادات حادة إلى موقف الإسلاميين، كان من أبرزها تلك التي جاءت على لسان الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة"، عبد اللطيف وهبي، الذي عبر عن استغرابه من موقف الكتلة من قانون وقعه أمين عام حزبها بصفته رئيساً للحكومة، متسائلاً عن "السبب الحقيقي لمعارضتها للقانون الذي يخدم مصلحة المواطن، ومحاولة عرقلة تمريره بداعي طلب رأي مؤسسات الحكامة".

واعتبر وهبي أن تصويت "العدالة والتنمية " ضد قوننة زراعة القنب الهندي "مخالف للمعايير والمساطر الديمقراطية"، لافتاً إلى أنه لا يمكن أن يأتي رئيس الحكومة بقانون في مجلس للحكومة، وبقرار سيادي لمؤسسة دستورية، ثم يرفض حزبه هذا القانون، معتبراً أن "هذا السلوك إشكال دستوري".

وزاد المتحدث ذاته من انتقاداته بالإشادة بموقف العثماني، وقال: "أهنئ رئيس الحكومة على جرأته، وتجاوزه كل الحسابات الحزبية وتقديمه لهذا المشروع.. أرفع له القبعة احتراما وتقديرا، وتقديمه لهذا القانون أكد من جديد أن سعد الدين العثماني، كما فعل منذ مدة قليلة عند توقيعه على الاتفاق الثلاثي ( بين المغرب وأمريكا وإسرائيل)، يتصرف كرجل دولة"، معتبراً أن التاريخ "سينصفه بعدما لم ينصفه إخوانه"، وهو ما أثار غضب كتلة "العدالة والتنمية".

المساهمون