مضى نحو أسبوعين على إنهاء جيش الاحتلال الإسرائيلي حلم الشاب الفلسطيني إسماعيل نواجعة (30 عاماً) بالزواج من عروسه آلاء، بعدما هدم منزلهما الزوجي في تجمع الجوايا شرق يطا جنوب الخليل بالضفة الغربية. كما قضى على فرحة والدة العريس المسنّة نجمة (80 عاماً) التي حاولت عبر تزويج إسماعيل نسيان ألم فقدان عريس آخر خطفه الموت خلال عمله قبل حوالي ثمانية أشهر داخل فلسطين المحتلة.
يقول شقيق العريس، محمد نواجعة، لـ"العربي الجديد": "استغرق بناء المنزل خمس سنوات، وكنا نخطط لأن يحتضن زواج شقيقي عرفات الذي سقط من علو أثناء عمله في الداخل المحتل، وكذلك شقيقي الآخر إسماعيل الذي أرجأنا زفافه بسبب وفاة عرفات. وحين أردنا تخفيف ألم فقدان أمي العريس الأول عرفات، قتل الاحتلال فرحة زفاف إسماعيل، وهدم المنزل الذي أردنا الإقامة في الجزء المخصص لعائلة عرفات المتوفى، وتزويج إسماعيل في جزئه الآخر، لكن الاحتلال أنهى كل شيء".
ألم الأم إلى نقطة البداية
استخدم الاحتلال حجته الجاهزة لهدم المنزل والتي تتعلق بعدم وجود ترخيص للبناء في المنطقة، لكن العريس إسماعيل لم يقتنع بوجود سبب في العالم يمنعه من حقه الطبيعي في الزواج والإقامة في منزله. ويوضح شقيقه محمد: "ما زال أخي إسماعيل يشعر بصدمة عميقة من هدم المنزل الذي كان سيقيم فيه مع عروسه. عندما حصل ذلك خاطبنا بألم مستنكراً الواقعة وقال: ما ذنبي أنا. ماذا فعلت كي يحصل ذلك، ولماذا أنا تحديداً".
يضيف: "عقب وفاة العريس الأول عرفات، عانت والدتي من ألم نفسي شديد، ما دفعني إلى أخذها من منزل العائلة المكون من ثلاث غرف من الطوب والمسقوف بصفيح والمهدد بالهدم أيضاً، للإقامة في منزل العريس إسماعيل من أجل التخفيف عنها. قطعنا شوطاً مهماً على طريق تحسين وضعها النفسي، قبل أن يعيد الهدم آلامها إلى نقطة البداية".
واللافت أن قوات الاحتلال لم تسمح لعائلة نواجعة بإخراج الأثاث على الأقل، أو إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل تنفيذ عملية الهدم المفاجئة صباح الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. وهكذا ضاعت كل تفاصيل الحياة المستقبلية لإسماعيل بين الردم، إذ رفضت قوات الاحتلال قيام أفراد العائلة بفك أي قطعة وبينها المغسلة، وإخراج الأثاث من غرفة النوم وحتى الأريكة الموجودة في غرفة الجلوس، أو تجهيزات المطبخ ودورات المياه. كما تعمدت آلياته خلال الهدم تقطيع قطع الأثاث الأهم من أجل حرمان العائلة من أية فرصة لإصلاحه، وأبقت غالبية محتويات المنزل بين الأنقاض باستثناء القليل منه".
سنوات من الكفاح
يؤكد محمد أن خسائر المنزل تشمل تكاليف البناء وتجهيزات الأثاث والتمديدات الصحية وتلك الخاصة بالمياه والكهرباء والدهان، علماً أن عملية البناء لحظت تكثيف استخدام الحديد ودعائم الإنشاء كي يتحمل المنزل، بعد سنوات، إضافة طابق ثانٍ فوقه بهدف استخدامه في تزويج بقية الأخوة. وكانت العائلة تعتقد بأن الطابق الأول سينجو من الهدم.
ويقدر محمد كلفة خسائر البناء الذي بلغت مساحته 150 متراً مربعاً تتوزع على قسمين، وتلك الخاصة بالأثاث والتجهيزات، بأكثر من 240 ألف شيكل (80 ألف دولار)، وهو مبلغ كافحت العائلة لتوفيره يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر وعاماً بعد عام.
ويقع تجمع الجوايا شرق بلدة يطا، ولا يتبع لأي تجمع آخر وبينها مسافر يطا الذي يحيط به من الشرق والجنوب، أو تجمع خلة المي الذي يحيط به من الشمال، أو بلدة الكرمل التي تحيط به من الغرب. وتبلغ مساحة تجمع الجوايا 6 آلاف دونم، ويضم ثلاث مستوطنات هي ماعون وكرمئيل وعين بضة الجديدة، وشارع (60)، ويتواجد فيه أكثر من 500 فلسطيني. أما أراضيه فتنقسم إلى "ب" و"ج" بحسب اتفاق أوسلو، وتضم خيماً وغرفاً زراعية مسقوفة بالصفيح بعضها مهدد بالهدم. ولا يسمح الاحتلال للأهالي بالبناء أو تعبيد الطرق في التجمع، علماً أنهم يواجهون أيضاً تداعيات تلقيهم 40 إخطاراً بهدم منازل وآبار مياه وغرف زراعية.