روسيا تخشى عودة مقاتلي "داعش"

25 أكتوبر 2014
تحذيرات من جيل جديد من المقاتلين(غيوم بريكيه/فرانس برس)
+ الخط -
تزداد مخاوف الروس، يوماً بعد آخر، من موجة جديدة من العمليات "الإرهابيّة"، بل من تصاعد "الإرهاب الإسلامي" عموماً على الأرض الروسية، خصوصاً في منطقة القوقاز، مع تعاظم دور "الدولة الإسلامية" (داعش)، واحتمال عودة مزيد من مقاتليها القوقازيين للنشاط هناك. ويحذّر خبراء في "العنف الإسلامي"، السلطات الروسيّة من جيل جديد من المقاتلين تصعب السيطرة عليه وإدارته، قياساً بأجيال سابقة ربطتها علاقات فساد مع السلطات المحليّة والقيادات الأمنيّة.

عمليّة ذات دلالة

في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، أُعلن عن تنفيذ قوات الأمن الروسية عملية خاصة في قرية كيروفاؤل الداغستانية، تشبه سابقاتها من الناحية الإجرائية، لكّنها تختلف عنها من حيث المغزى. فالعملية تمت ضد مقاتل عائد بخبرة "داعشية" من سورية. وبنتيجة العملية، قُتل عنصرا أمن، إضافة إلى المقاتل "الداعشي"، أليديبير أصلودينوف، ابن التاسعة والعشرين. وتُعدّ هذه الحادثة الأولى المسجّلة رسمياً لعودة مقاتل روسي إسلامي بعد اكتسابه "الخبرة السوريّة" إلى وطنه.

وعليه، نشر موقع "ديدبليو.دي" مادة تحليلية مدعّمة بآراء خبراء، تحاول الوقوف عند هذه البداية المنذرة بمخاطر جسيمة على روسيا، وإن كانت الواقعة تتعلّق بشخص واحد إلى الآن، لكنّها تبشر بالمزيد من مثيلاتها. ويأتي ذلك على خلفية معلومات ساقها خبير مركز "ميموريال" الحقوقي، ألكسندر تشيركاسوف، عن أنّ معدلات الهجمات على قوات الأمن انخفض في صيف 2013 إلى النصف، قياساً بسابقه، وانخفض في صيف السنة الحالية أيضاً إلى نصف ما كان عليه عام 2013.

وتنقل وكالة "إنترفاكس" عن رئيس إدارة الأمن الفيدراليّة، ألكسندر بوروتنيك، قوله إنّه "نتيجة تنفيذ إجراءات أمنيّة ووقائيّة متكاملة، انخفضت هذا العام إلى النصف العمليات الإجرامية ذات الطابع الإرهابي، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق". ووفقاً لإدارة الأمن، فقد "نفّذ المقاتلون الإرهابيون 69 عملية، 45 منها نفذت في مناطق داغستانية، وأدّت هذه العمليات مجتمعة إلى مقتل 41 من قوات الأمن الروسية، وإصابة 125 آخرين بجروح مختلفة".

وعن طبيعة عمليات الأمن الروسي ضد المقاتلين الإسلاميين في داغستان ومناطق القوقاز الأخرى، يرى مدير مركز "ميموريال" الحقوقي ومنسّق برنامج "النقاط الساخنة"، أوليغ أورلوف، أنّ قوات الأمن قاتلت المجموعات السرّية من دون مراعاة المسائل الإنسانيّة. ولكّنه يتوقف، من جهة أخرى، عند طبيعة المقاتلين الإسلاميين في المناطق الروسية، فيذكر، وفق موقع "ديدبليو.دي"، أنّ "أمراء المقاتلين شباب صغار السن، يعرفون أنّهم سيتحولون على الأرجح إلى انتحاريين". ولا يتجاوز العمر الذي يعيشه المشارك في العمليات (الجهادية) في داغستان، شهرين إلى ثلاثة أشهر بالمتوسط، تتمكن منه بعدها قوات الأمن الروسيّة.

ولا يرى الباحث في مركز "مشكلات القوقاز والأمن الإقليمي" في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، نيقولاي سيلاييف، من وجهة نظر الأيديولوجيا الإسلامية، ضرورة لممارسة الجهاد في القوقاز، بعد عودة المقاتلين من سورية. ويتوقّف، وفق الموقع ذاته، عند دلائل عكسيّة، متحدثاً عن أنّ "عناصر الأمن الفيدرالي، يؤكدون أنّ المنظمات "الإرهابيّة" الدوليّة تدعم مادياً أسر الذين ذهبوا للقتال في سورية، علماً أنّ البعض يذهبون للقتال في سورية مع أسرهم"، كما يقول سيلاييف. فيما يرى خبير مركز "كارنيغي"، ألكسندر مالاشينكو، على الموقع ذاته، أنّ "عدد المقاتلين الذين ذهبوا من القوقاز للقتال في سورية يمكن أن يصل إلى ألفين"، موضحاً أنّ "المقاتلين يصلون إلى سورية عبر أذربيجان فتركيا".

وفي سياق متّصل، يستعرض مدير مركز "ميموريال"، قصة المقاتل تيمور أكاييف، وقد تم تجنيده للقتال في سورية ونقله عبر تركيا، وإذا به بعد وقت قصير يرجو أهله، في رسالة إلكترونية من هناك، تدبّر أمر إعادته، قائلاً "اخرجوني من هنا".

ومن شأن تطور الحرب مع "الدولة الإسلامية" (داعش)، أن يحدّد عودة مقاتليها من سورية إلى روسيا من عدمه، ووتيرة هذه العودة ووظائفها، أي ما يمكن أن يقوم به المقاتلون الإسلاميون مع خبراتهم الجديدة على الأرض الروسية، علماً أنّه، على غرار مصطلح "العرب الأفغان" و"الروس الأفغان"، أي من قاتل في أفغانستان من عرب وروس، بدأ ينتشر في الأوساط الروسية مصطلح "القوقازيون السوريون"، الذين ستواجه من يعود منهم إلى روسيا، مسألة الاختيار بين حرب تحرير ضد روسيا وحرب دينية عقائديّة، وفق ما يقوله مدير مركز "رامكوم" للبحوث الاجتماعية، دينيس سوكولوف، وفق المصدر ذاته.

ويميّز سوكولوف بين جيل المقاتلين السابقين، الذين كانت تربطهم علاقة فساد متينة مع النخب والسلطات المحليّة الروسيّة، وكان بالإمكان التحكّم بهم بدرجة ما والوصول معهم إلى حلول وسط، وبين المقاتلين الذين ينتظر أن يعودوا من سورية، إذ ليس هناك ما يربطهم مع السلطات الروسيّة المحليّة ولا عملاء لقوات الأمن في صفوفهم. ويمكن بالتالي أن يكون نشاطهم أكثر فظاعة، فيما إمكانية السيطرة عليهم أضعف، علماً بأن هؤلاء يخوضون حروبهم دائماً تحت غطاء عقائدي وشعارات وأهداف دينيّة، بصرف النظر عن طبيعة السلطات التي يحاربون ضدّها، هنا أو هناك، في سورية أم روسيا.