يُحيي السوريون اليوم الأحد الذكرى التاسعة للمجزرة الأكثر وحشية التي ارتكبها نظام بشار الأسد بحق أبناء بلدات الغوطة الشرقية لدمشق في عام 2013، حين استخدم غاز السارين السام، ما أدى إلى مقتل نحو 1400 شخص خنقاً.
ودعا أهالي الغوطة الشرقية المهجرون إلى الشمال السوري، إلى المشاركة في وقفة تضامنية لإحياء ذكرى المجزرة، وذلك عند الساعة السادسة والنصف مساء اليوم الأحد عند حديقة المشتل داخل مدينة إدلب شمال غربي سورية.
كما دعا ناشطون إلى وقفات في مقر جامعة حلب الحرة في مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي، وفي حي زمزم بمدينة الباب شمال شرقي حلب، وساحة الشهداء في مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي.
بدوره دعا الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) للمشاركة في فعالية "إشعال شموع" ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتكريم ضحايا الهجمات الكيميائية في غوطة دمشق وسورية والعالم. وقال في بيان: "نريد تكريم وإحياء ذكرى ضحايا هجوم الغوطة وجميع ضحايا الهجمات الكيماوية حول العالم، ونشر رسالة تضامن مع أسر هؤلاء الضحايا. يجب أن نذكر العالم بهذه الجريمة المروعة التي ارتكبها نظام الأسد ليس ضد الضحايا فحسب بل ضد الإنسانية جمعاء".
وأشار إلى أن "الشمعة وسيلة لتذكر وتكريم وإحياء ذكرى هؤلاء الضحايا حتى لا تُنسى ذكراهم"، مضيفا: "الشمعة هي رمز لتسليط الضوء على الحقيقة حتى لا تترك هذه الفظائع في الظلام، هي رسالة بأننا يجب ألا ننسى هذه الجرائم المروعة وحتى لا تتكرر مرة أخرى في المستقبل.
بموازاة ذلك، صنّف "مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية" مجزرة الغوطة الشرقية كـ "كواحدة من أفظع الجرائم رُعباً والتي ارتكبت بحق المدنيين في سورية"، مضيفا في بيان: "رغم مرور تسع سنوات على هذه المجزرة إلا أن مشاهد الموت خنقاً مازالت راسخةً في أذهان السوريين وذوي الضحايا".
وأشار إلى أن "تهاون المجتمع الدولي في التعاطي مع هذه المجزرة وتجاهل محاسبة مرتكبيها، كان السبب في تشجيع النظام السوري على تطوير الأسلحة الكيميائية واستخدامها لـ 262 مرة على مدار ثماني سنوات في مناطق أخرى مما تسبب بسقوط 3423 ضحية و13 ألفا و947 إصابة.
وطالب مدير المركز نضال شيخاني في حديث مع "العربي الجديد" الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية بـ "التمعن تجاه التزاماتهم بالاتفاقية والنظر حول إمكانية إحالة الملف السوري الى الجمعية العمومية للأمم المتحدة أو تشكيل كيان قضائي يضمن محاكمة الأشخاص المتورطين بنقل وتصنيع وحيازة واستخدام أسلحة الدمار الشامل".
وفي السياق، أشار رئيس "الائتلاف الوطني السوري"، سالم المسلط، في كلمة له بذكرى المجزرة إلى أنه "نتيجة التعاطي الدولي الضعيف والمسُتغرب تجاه مجزرة الأسد الكيماوية، أعاد هذا النظام مجازره في مختلف المحافظات السورية، مستخدماً أسلحة تدميرية محرمة دولياً على رؤوس مدنيين عزّل".
وفي بيان له، وصف "الائتلاف الوطني" ما جرى في غوطة دمشق فجر الواحد والعشرين من أغسطس/ آب من عام 2013 بـ "أقسى مجازر نظام الأسد في سورية، التي ارتكبها بالسلاح الكيماوي (غاز السارين) ضد المدنيين". وقال إن "غياب الرادع الدولي والمحاسبة عن هذه المجزرة الوحشية، وإقرار سحب سلاح الجريمة خلال قرار مجلس الأمن 2118 بدلاً من عقاب المجرم، فتح الباب أمام النظام الإرهابي لاستخدام البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية وعشرات الأسلحة التدميرية على امتداد السنوات السابقة".
وفجر 21 أغسطس/ آب 2013، ارتكب النظام واحدة من أكثر مجازره وحشية منذ بدء الثورة وحتى اللحظة، حيث قتل بالغازات السامة أكثر من 1400 شخص في بلدات غوطة دمشق الشرقية، التي كانت خارج سيطرة النظام ومحاصرة من كل الاتجاهات.
وتجاوز النظام السوري بذلك الخطوط الحمراء التي كانت وضعتها الإدارة الأميركية، إلا أن روسيا أبرمت بسرعة كبيرة صفقة مع الولايات المتحدة الأميركية يسلّم بموجبها نظام الأسد كل سلاحه الكيميائي، مقابل تفادي الضربة المحتملة التي لوّحت بها واشنطن.
وفي أيلول/ سبتمبر من عام 2013 صدر القرار الدولي 2118 والذي نص على ألا يقوم النظام بـ "استخدام أسلحة كيميائية أو استحداثها أو إنتاجها أو حيازتها بأي طريقة أخرى أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو بنقل الأسلحة الكيميائية بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى دول أخرى أو جهات من غير الدول".
كما نص على التعجيل بـ "تفكيك برنامج النظام للأسلحة الكيميائية وإخضاعه لتحقق صارم"، وبذلك طويت صفحة واحدة من أكبر المجازر وحشية في الشرق الأوسط، والتي تلتها مجازر أخرى بأسلحة محرمة دوليا اقترفها النظام بحق السوريين منها مجزرة جرت في الغوطة الشرقية في إبريل/ نيسان من عام 2018. ووفق تقرير سابق للشبكة السورية لحقوق الإنسان، قُتل في المجزرة 1144 شخصاً اختناقاً بينهم 1119 مدنياً بينهم 99 طفلاً و194 سيدة و25 من مقاتلي المعارضة المسلحة (الأرقام طبقاً للضحايا الموثقين بالأسماء لدى الشبكة)، كما أصيب 5935 شخصاً بأعراض تنفسية وحالات اختناق.